تقرير : الدورتان التاريخيتان تحددان المسار ل"عصر جديد"

بكين 20 مارس 2018 /فى الوقت الذى أسدل فيه الستار على الدورتين السنويتين اليوم (الثلاثاء) فإن الصين تستعد للإبحار فى " العصر الجديد " بخارطة مفصلة يقودها قائد دفة متميز وفريق يتسم بالكفاءة .

إن الدورتين الأوليين للمجلس الوطنى ال13 لنواب الشعب الصيني والمجلس الوطني ال13 للمؤتمر الاستشارى السياسى للشعب الصينى هما أول حدثين سياسيين وطنيين بارزين يعقدان منذ انعقاد المؤتمر الوطنى التاسع عشر للحزب الشيوعي الصينى فى أكتوبر الماضى، وهو مؤتمر تاريخي للحزب كشف النقاب عن خارطة الطريق لنهضة الصين .

وقال الرئيس الصينى المنتخب حديثا شى جين بينغ فى الاجتماع الختامى للدورة التشريعية السنوية " إنها ستكون مسيرة طويلة أخرى لجعل المخطط حقيقة واقعة "، داعيا إلى بذل جهود أكبر لعمل إنجازات لافتة فى العصر الجديد.

وتعجل الدورتان السنويتان التاريخيتان بمسيرة الدولة نحو النهضة. ولم تكشف الصين النقاب كالمعتاد عن أهداف وأولويات محددة للتنمية هذا العام فقط ،لكنها اختارت أيضا قيادة جديدة للدولة والحكومة لتحقيق طموحاتها .

وتحت قيادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى ونواتها الرفيق شى جين بينغ الذى أعيد انتخابه رئيسا بالإجماع ،فإن هذه التعهدات سوف يتم الوفاء بها لمصلحة الصين والعالم .

ويتمثل الهدف الاقتصادى فى نمو الناتج المحلي الإجمالي بقرابة 6.5 فى المائة لعام 2018 وهو رقم لم يتغير إحصائيا عن العام الماضى ولكنه مختلف فى الجوهر . فقد ولت الأيام التى كانت القاعدة فيها هي النمو برقم مزدوج . وقد أوضحت الصين أنها تعتزم اتباع تنمية عالية النوعية تدفعها محركات أكثر اخضرارا وأكثر استدامة مثل الاستهلاك والخدمات .

وسيكون التوسع المستهدف للناتج المحلي الإجمالي واحدا من النسب الأسرع على المستوى العالمى، مما يقدم قوة دافعة جديدة لاستعادة عافية الاقتصاد العالمي .

وقد أعدت الصين خطة شاملة لإعادة هيكلة مجلس الدولة لتخفيض البيروقراطية وتحسين كفاءة الحوكمة وشكلت شبكة من اللجان الرقابية فى أرجاء الدولة لتشديد مكافحة الفساد والأمر الأكثر أهمية هو أنها عدلت قانونها الأساسى لكى يضم "فكر شى جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية للعصر الجديد " كالمبدأ المرشد لنهضة البلاد .

إن هذه الإصلاحات سوف تساعد الصين فى تحقيق " التحديث الاشتراكى " اساسا بحلول عام 2035 وفى أن تصبح " دولة اشتراكية حديثة عظيمة " بحلول منتصف القرن، وهو هدف اساسى فى الحلم الصيني .

وينبغى أن يطمئن العالم إلى أن طموح الصين لايمثل هيمنة .

وقال شى " إن الرغبة المخلصة للشعب الصينى والإجراء العملى للإسهام فى السلام وتنمية البشرية يجب ألا يساء تفسيرهما أو تشويههما " .

إن الصين ليس لديها خطط للهيمنة على العالم . وإن نهضتها قد "تفزع"دولا محددة ولكنها ستكون نبأ جيدا للعالم ككل . و ان قصة نجاح الصين تقدم للدول والمناطق الأخرى فلسفة جديدة للنمو والحوكمة .

ويوافق عام 2018 الذكرى المائتين لميلاد كارل ماركس فضلا عن الذكرى المائة والسبعين لنشر البيان الشيوعى . وإن هذه الفلسفة ذات المنشأ الغربي تأصلت في الصين ويتم تطويعها بشكل دائم للوفاء باحتياجات التغيير فى الصين .

وأيا كانت الصياغة التى يوصف بها نموذج السياسة والنمو فى الصين، فإن فعالية وكفاءة الاشتراكية ذات الخصائص الصينية لا يمكن إنكارها .

وقد ساعدت مئات الملايين من الشعب الصينى على أن يصبحوا أغنياء وساعدت الدولة على أن تصبح أقوى. وقال شي إن " التاريخ قد أثبت وسوف يواصل إثبات أن الاشتراكية وحدها هى التي يمكن أن تنقذ الصين وأنه عن طريق التمسك بالاشتراكية وتطويرها بالخصائص الصينية، سوف نحقق النهضة العظمى للأمة الصينية " .

ويتعين على العالم وبخاصة الغرب ،أن يكون منفتح العقل بشأن صيغة الصين الخاصة بالنمو .

إن التفكير بطريقة الحرب الباردة أصبح عتيقا وليس من شأنه إلا إعاقة سير العالم الذى لا يقاوم نحو عصر جديد .وإن ملازمة مخاطر العقلية الصفرية التى تدفع العالم الى "مصيدة ثوسيديدس" إنما هى سيناريو لا فائز فيه .

وبالنسبة للعالم فان تنمية الصين بطبيعتها تحقق منفعة متبادلة .

وإن الشريحة المزدهرة من أصحاب الدخل المتوسط فى الصين الذى يصل تعدادها إلى حوالى 400 مليون نسمة الآن ، تقدم سوقا استهلاكية نامية للشركات الخارجية . وإن الصينيين الذين يزدادون غنى على استعداد لشراء منتجات وخدمات عالية المستوى واكتساب خبرات فريدة مما يزيد من الواردات والرحلات حول العالم .

وقد قررت الصين فتح قطاعها التصنيعي العام بشكل كامل أمام المستثمرين الأجانب هذا العام , فى الوقت الذى ستوسع فيه الدخول الى السوق فى قطاعات مثل الاتصالات والخدمات الطبية والتعليم ورعاية كبار السن والمركبات التى تعمل بالطاقة الجديدة.

كما ان تطوير مبادرة الحزام والطريق التى اقترحتها الصين سوف تشهد بناء المزيد من الطرق والسكك الحديدية للإسراع فى التبادلات عبر الحدود على جبهات أكثر لتعزز منصة جديدة لمصادر جديدة للنمو الاقتصادى العالمى والرخاء المشترك للدول الأخرى .

إن من المتوقع ايضا اتخاذ خطوات أكثر جرأة من أجل زيادة فتح السوق الصينى هذا العام الذى تحتفل فيه الصين بالذكرى الأربعين لمسيرة الإصلاح والانفتاح،فى خطوة ل"تغيير قواعد اللعبة" كما وصفها تقرير عمل الحكومة بما يجعل الصين ما هى عليه اليوم .

وإن نهضة الصين قد تكون أيضا تغيير لقواعد اللعبة عندما يتعلق الأمر بصياغة مجتمع دولى يهيمن عليه الغرب ليصبح عالما أكثر توازنا واستقرارا ورخاء .

ان المفهوم المضلل عن " تهديد الصين " يتراجع فى العصر الجديد،وإن الصين يتعين عليها الاستفادة من هذا اليوم كما أن العالم يتعين ان يستفيد بفرص الصين .