مع غروب الشمس خلف قمم تكسوها الثلوج بجبال تيانشان، وبينما كان الليل على وشك أن يجن، نادى إلكسات، الذي كان يمتطى جوادا كستنائي اللون، ثلاثة رجال خلفه قائلا "أسرعوا، يجب أن نصل إلى أشالتور قبل الساعة السابعة مساء".
وأشالتور هو واحد من أكثر من 30 نُزلا، تعرف محليا باسم "منازل العبور" في مراعي باوزادير النائية البالغ مساحتها 2200 كيلومتر مربع في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم. وبوصفها مجرد نُزل، فإنها توفر الطعام والمأوى للرعاة الذين يأتون إلى المرعى في الشتاء حيث تتوفر أشعة الشمس، فيما تحمي الأدوية العميقة ماشيتهم وأغنامهم من الرياح.
لكن إلكسات ليس راعيا، فهو بوصفه رئيسا لعيادة المرعى، فإنه يتعين عليه هو وأطباء آخرين امتطاء خيول إلى المرعى كل شتاء لعلاج المرضى من الرعاة في المنطقة الجبلية المعزولة.
والطريقة الوحيدة للوصول للمرعى النائي هو ركوب الخيل عبر مسارات محددة بين المنحدرات والأودية، كما أن المنطقة تفتقر لإمدادات المياه وإشارات الاتصال والإنترنت، والمصدر الوحيد لإمدادات الكهرباء هو ألواح الطاقة الشمسية. ويكاد يكون من المستحيل بالنسبة للرعاة الوصول للمستشفيات أثناء التساقط الكثيف للثلوج.
وعندما يصل الأطباء في نهاية المطاف، يقوم المضيف ييديلي بالترحيب بهم في المنزل الخشبي التي تزوده ألواح الطاقة الشمسية بالكهرباء. ويضم المنزل الذي تصل مساحته إلى 40 مترا مربعا، ثلاث غرف نوم. ويقدم لهم ييديلي الشاي الساخن والخبز، فيما يقوم بغلي لحم البقر الذي كان قد تم تجفيفه في الهواء في قدر ليكون جاهزا في الحال.
وبخلاف الفنادق العادية، فإن "منازل العبور" مجانية. ويتم انتخاب المضيفين من قبل القرويين وتدعمهم الحكومة.
ويتعين على المضيف أن يكون ودودا وكريما، وإلا فإن الرعاة الغاضبين قد يبلغون لجنة القرية عنهم.
وقال قاديراباي، الذي يعمل مضيفا لمنزل عبور آخر منذ 21 عاما "إن الحكومة قدمت لي معونة وخصصت لي مرعى، لذا فإن مهمتي هي رعاية الرعاة المارين".
وعادة ما تكون الفترة بين أكتوبر ومارس من كل عام شديدة الاكتظاظ بمنازل العبور، حيث يأتي آلاف الرعاة إلى المرعى الشتوي.
وقال ييديلي "خلال ذلك الوقت، بالكاد أجد وقتا للنوم، لأنني أساعدهم على رعاية الماشية، كما تعد زوجتي الطعام لهم".
وحتى خلال موسم العطلة، فإن ييديلي يجب عليه التأكد من أن منزله به ما يكفي من الطعام والأغطية لاستيعاب ما لا يقل عن 20 شخصا في ذات الوقت.
وسعيا للوصول إلى كافة الرعاة، فإن إلكسات وزملاءه يقومون بثلاث رحلات على الأقل كل شتاء، تستغرق كل منها ما يتراوح بين 10 إلى 20 يوما.
ولا يتوفر وقت لهم للبقاء لفترة أطول، فالرحلة تستغرق عادة منهم يوما واحدا على ظهر الخيول للوصول إلى منزل العبور التالي. وفي الصباح التالي، يركب إلكسات وزملاؤه خيولهم الذي تغذت واستراحت جيدا ليسلكوا الطريق مرة أخرى.