بيت لحم 25 ديسمبر 2017 / بدا التغير واضحا على عيد الميلاد المجيد (الكريسماس) هذا العام في مدينة بيت لحم، فهو لم يكن كعادته السنوية من حيث أعداد الوافدين إلى المدينة التي تضم كنيسة مهد السيد المسيح.
وإضافة إلى الأوضاع السياسية التي تشهدها الأراضي الفلسطينية خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مدينة القدس عاصمة لإسرائيل، وما تسبب فيه من غضب عارم في جميع المدن الفلسطينية، شهدت المدينة سقوطا للأمطار الغزيرة تسببت باقتصار غناء كورال الأعياد داخل قاعات مركز السلام وليس في ساحة المهد كما هو معهود في هذه المناسبة.
ويقول رئيس بلدية بيت لحم أنطون سلمان لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن حضور الوفود المسيحية إلى بيت لحم تقلص هذا العام إلى نحو 50 في المائة تقريبا.
ويضيف سلمان، أنه بعد صدور الإعلان الأمريكي بشأن القدس وما خلفه من احتجاجات شعبية فلسطينية أصيبت احتفالات أعياد الميلاد في بيت لحم "بنكسة كبيرة" بسبب تراجع تفاؤل المواطنين وحركة السياحة داخليا وخارجيا.
ويشير إلى أن الأمطار الغزير كذلك كانت سببا في تغيير الخطة التي كانت معدة للاحتفال بليلة الميلاد وهي ليلة الخامس والعشرين من ديسمبر من كل عام.
وعلى الرغم من الأجواء الحزينة التي طغت على بيت لحم إلا أنها احتضنت المدبر الرسولي المطران بيير باتستا بيتسابالا، الذي ترأس قداس منتصف الليل، بحضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ووصل موكب المدبر الرسولي إلى مدينة بيت لحم قادما من مدينة القدس بعد أن انطلق في مسيرته التقليدية من ديوان البطريركية اللاتينية في رتل من السيارات عبر طريق القدس بيت لحم وصولا إلى كنيسة مار الياس للروم الارثوذكس.
وبعدها انطلق الموكب مجددا واستقبله عند المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم ثم تابع تقدمه وصولا الى دوار العمل الكاثوليك لتتقدمه الفرق الكشفية متابعا سيره عبر شارعي راس افطيس والنجمة سيرا على الاقدام وصولا الى ساحة المهد حيث جرى له استقبال رسمي.
وقرعت أجراس الكنيسة معلنة البدء باحتفالات الميلاد وسط ترانيم دينية خاصة، ومن ثم ترأس المدبر الرسولي قداس منتصف الليل.
ودعا بيتسبالا في عظة الميلاد إلى الصلاة من أجل القدس ومن أجل السلام، كما دعا القادة والسياسيين بحزم أمرهم، وأن تكون لهم رؤية واضحة، وأن يستمعوا دوما إلى المعذبين.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن في السادس من الشهر الجاري الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها وهو ما قوبل برفض فلسطيني وعربي وإسلامي شديد.
وشهدت المدن الفلسطينية في كل من قطاع غزة والضفة الغربية بما فيما بيت لحم بعد إعلان ترامب مواجهات يومية مع قوات الجيش الإسرائيلي أسفرت عن مقتل ثمانية فلسطينيين وإصابة المئات بجروح.
وهناك ثلاث ليال تكون فيها مدينة بيت لحم عادة مزارا للحجيج المسيحيين من شتى دول العالم لما لها من مكانة دينية خاصة فهي مهد نبي المسيحيين عيسى، ويتم خلالها ترتيل الابتهالات اليسوعية وتنظيم الحفلات المختلفة، وذلك كله قبل الليلة الرئيسة لعيد الكريسماس.
ولم تخفِ جمانة أنيس (43 عاما) من سكان بلدة القدس صدمتها بعدما وصلت مع عائلتها وأصدقائها إلى بيت لحم للاحتفال، حيث وجدت جموع المسيحيين قد انحصر إلى النصف تقريبا، حسب ما تقول ل((شينخوا)).
وتضيف جمانة أن ساحة المهد "بدت خالية بالنسبة لي على عكس ما هو مألوف في السنوات السابقة، حيث كنا نجد صعوبة في إيجاد مكان لأداء الصلوات من شدة الزحام".
وتصف جمانة أجواء عيد الكريسماس هذا العام "بالمملة"، متمنية أن يكون الاحتفال بالعيد في العام 2018 أفضل من العام الحالي، منتقدة الوضع السياسي والاقتصادي بعد إصدار الرئيس ترامب قراره "المجحف" بشأن القدس.
وتقول "لا يمكنني أن أتفهم لماذا قام ترامب باتخاذ هذا القرار، فالقدس عاصمتنا منذ قدم التاريخ وستبقى عاصمة دولة فلسطين إلى الأبد"، مضيفة أنه "لا يمكن لأي شخص أن يغير عاصمتك بين ليلة وضحاها" حسب تعبيرها.
ولم يقتصر التغير على عدد الوافدين والمحتفلين بالعيد داخل كنيسة المهد وفي ساحتها، لكن حتى المشهد العام للمدينة قد تغير هذا العام فلم تشهد محال بيع الطعام الشعبي الفلسطيني مثل الحمص والفلافل القريبة من ساحة المهد اكتظاظا كما هو معتاد.
ويقول صاحب أحد مطاعم الفلافل في المنطقة ويدعى صليبة سلامة، إن التغيرات السياسية أثرت بشكل كبير على الحياة اليومية، وزادت من أعباء الوضع الاقتصادي على الناس، حسب تعبيره.
وبالنسبة لصليبة وسكان المدينة الذين يعملون في بيع وصناعة التحف والهدايا التذكارية من منحوتات ومجسمات ترمز للسيد المسيح والمدينة المقدسة تكون أعياد الكريسماس أوقاتا جيدة لانتعاش العمل وجني الأموال، خاصة في الأيام التي تسبق ليلة العيد، لكن ذلك انخفض هذا العام بنسبة 50 في المائة، بحسب ما يقول.
ومع ذلك، يتمنى سكان المدينة أن يحمل العام الجديد بشائر تنهض بوضع الفلسطينيين السياسي والاقتصادي لينعموا بالسلام والاستقرار.