القاهرة 20 ديسمبر 2017 / أكد خبراء أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، واستخدام حق النقض (فيتو) ضد مشروع القرار المصري حول القدس من شأنهما عزلة واشنطن والإضرار بعملية السلام.
وعرقلت الولايات المتحدة يوم الاثنين الماضي تمرير مشروع قرار لمجلس الأمن بشأن القدس مستخدمة حق النقض (فيتو) رغم تصويت كافة الأعضاء الآخرين الـ14 لصالحه.
وأكد مشروع القرار، الذي تقدمت به مصر حول القدس، أن أي قرارات تغير أو تحاول تغيير الشخصية والحالة والتركيب الديموغرافي لمدينة القدس ليس لها أي أثر قانوني وتعتبر باطلة وكأنها لم تكن وينبغي التراجع عنها امتثالا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وطالب مشروع القرار كل الدول بألا تؤسس بعثات دبلوماسية في مدينة القدس الشريف.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعلن في السادس من ديسمبر الجاري الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ووقع على مرسوم يقضي بنقل سفارة بلاده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، في خطوة أثارت غضب السلطة الفلسطينية والدول العربية والإسلامية.
واعتبر السفير عبدالرؤوف الريدي سفير مصر الأسبق بالولايات المتحدة الأمريكية، قرار ترامب "ضربة قاصمة" لعملية السلام في الشرق الأوسط.
وقال الريدي لوكالة أنباء ((شينخوا)) "إن القرار من شأنه أن يضعف فرص تحقيق السلام بالمنطقة، لأن القرار أثبت بما لايدع مجالا للشك أن الولايات المتحدة الأمريكية منحازة انحيازا تاما لإسرائيل".
وأوضح أن القرار الأمريكي حول القدس يعتبر خطوة خطيرة في قضية بالغة الصعوبة وتعتبر من مراحل الحل النهائي في القضية الفلسطينية وتتعلق بوضعية القدس.
وأشار إلى أن الموقف الأمريكي يتعارض مع مبادئ القانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، مشيرا إلى أن القدس فضلا عن كونها أحد قضايا مراحل الحل النهائي، فهي أرض محتلة في العام 1967.
ونوه بأن قرارات الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن رقم 242 لمجلس الأمن تؤكد جميعها على أنه لا يجوز الاستيلاء على الاراضي بالحرب، فهو أمر مرفوض من ناحية القانون الدولي ومن ناحية الميثاق.
وتابع الريدي قائلا " لا شك في أن هذا القرار سيعيق عملية السلام وأفاق التوصل إلى حلول، وسيعيدها إلى الخانة صفر، لأن الولايات المتحدة الأمريكية طرف مهم في عملية السلام ويفترض أن يكون موقفها معتدلا وموضوعيا وغير منحاز".
واستطرد قائلا "ولكن بعد القرار الأخير واشنطن أخرجت نفسها من عملية السلام، وأصبحت في موقف عزلة، وهو ما كان واضحا في مجلس الأمن خلال مناقشة القرار المصري حول القدس، ووقوف 14 دولة ضد الموقف الأمريكي".
ولفت إلى أن العلاقات العربية - الأمريكية ستتأثر بهذه الإجراءات الأمريكية، مؤكدا أن الشعوب العربية تدفع في سبيل ذلك، والحكومات العربية ستستجيب لهذه الضغوط الشعبية.
وأردف "كما أن عددا من الحكومات العربية ترفض بقوة الاجراءات الأمريكية، وهو ما وضح جليا من موقف مصر التي تبنت الموقف بمجلس الأمن وأخذت على عاتقها تقديم مشروع قرار للمجلس".
وأعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابوالغيط، أمس (الثلاثاء) أن الدول العربية ستتوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل تمرير مشروع قرار ملزم بشأن القدس، تحت بند "الاتحاد من أجل السلم" ليصبح قرارا ملزما لكل مؤسسات الأمم المتحدة.
وأكد أبو الغيط رفضه وإدانته لقيام الولايات المتحدة بإجهاض مشروع القرار المقدم من مصر إلى مجلس الأمن لحماية وضع القدس، معربا عن بالغ استيائه إزاء هذا الأمر.
واعتبر "أن النهج الأمريكي يتسبب في مزيد من العزلة للولايات المتحدة، وأن استخدام الفيتو في مواجهة 14 صوتا يكشف عن تحد أمريكي صارخ لحالة واضحة وربما نادرة من الإجماع الدولي".
من جانبه، أكد الدكتور جمال سلامة عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة قناة السويس، أن قرار وفيتو الادارة الأمريكية حول القدس سيدخلان العلاقات العربية - الأمريكية في مرحلة من الفتور.
وقال سلامة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن العلاقات بين الجانبين ستشهد خلال الفترة المقبلة حالة من عدم الارتياح في ادارة ترامب، وما تتسم به هذه الادارة من "تهور سياسي" شديد.
وأشاد بلجوء مصر لمجلس الأمن لإثبات الحق الفلسطيني وعرقلة القرار الأمريكي حول القدس، مؤكدا أنها كانت "خطوة مهمة جدا"، أكدت عزلة واشنطن في مواجهة دول العالم المساندة للشرعية الدولية.
وأشار إلى أن مصر نجحت في حشد العالم كله لدعم الحقوق الفلسطينية، وهو ما اتضح من كلمات المندوبين الدائمين بمجلس الأمن خلال الجلسة التي ناقشت مشروع القرار المصري، والتي أبدت خلالها جميعا مواقفها الداعمة للموقف الفلسطيني وتأييد قرارات الشرعية الدولية حول الحقوق الفلسطينية ووضع مدينة القدس.
وحذر من أن القضية الفلسطينية ستدخل بعد الموقف الأمريكي في طور من التراجع بشكل كبير، خاصة في ظل الوضع المأزوم الملتبس والشائك الراهن للدول العربية والتي باتت تعاني من أوضاع داخلية غير مستقرة.
ولفت سلامة إلى أن "ما يزيد الوضع سوء أنه لا يوجد حاليا طرف وسيط في الأزمة الفلسطينية إلا الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك فسوف تظل الأوضاع مجمدة حتى اشعار أخر".
وذكر أنه من غير المجدي البحث أو ايجاد وسيط بديل للولايات المتحدة الأمريكية نظرا لضرورة أن يكون ذلك مقبولا من الطرفين، وهو أمر بالغ الصعوبة أن تقتنع إسرائيل بوسيط بديل لواشنطن التي تثق في تحيزها الكامل لها ودعمها المطلق لمواقفها المخالفة للشرعية الدولية.