بعقوبة، العراق 12 ديسمبر 2017 / تشكل الزراعة الديمية أحد أقدم اساليب رى المحاصيل الزراعية شرقي العراق والتي تمتد إلى مراحل تاريخية قديمة، وهي تعتمد على مياه الامطار، لكنها تقلصت بشكل غير مسبوق أخيرا على نحو اقتربت كثيرا من الاندثار.
والزراعة الديمية يعتمد فيها على الامطار في رى الحنطة والشعير، حيث يقوم الفلاح بحرث الارض ونثر البذور قبل هطول الامطار، وتحدد هذه المناطق التي يسمح بالزراعة الديمية فيها من قبل السلطات المختصة التي تشترط ان لا يقل معدل سقوط المطر فيها سنويا عن 300 ملم وهي تبدأ من حمرين باتجاه الشمال والشمال الغربي للعراق.
وقال رئيس اللجنة الزراعية في مجلس محافظة ديالى حقي الجبوري لوكالة أنباء (شينخوا) "إن الزراعة الديمية تعد اقدم اساليب السقي، ليس في ديالى فحسب بل في العراق ككل، وهي تعتمد على المطر في ارواء المحاصيل وخاصة الحنطة والشعير" مبينا أن من 50 الى 70 الف دونم كانت تزرع وتروى على الامطار سنويا خلال موسم الشتاء.
واضاف الجبوري ان " المساحة تقلصت الان إلى 10 آلاف دونم (الدونم الواحد يساوي 2500 م2) في السنوات الاخيرة بسبب تدني معدلات هطول الامطار، اما الموسم الحالي فلقد بلغت نسبة الزراعة الديمية صفر بسبب الجفاف".
وأشار إلى أن الزراعة الديمية لم تعد ناجحة ابدا في ديالى التي تمثل أحدى اهم المحافظات الزراعية في البلاد واغلب المزارعين اعتمدوا طرقا اخرى بديلة للزراعة من خلال الاعتماد على مياه الجداول او الابار الارتوازية.
من جانبه، قال مصعب العبيدي، مزارع من اهالي العظيم (60 كلم) شمال بعقوبة مركز المحافظة إن " 40 بالمائة من مساحة الاراضي الزراعية في العظيم كانت تعتمد على مياه الامطار او ما يعرف بالزراعة الديمية لكن الوضع اختلف الآن واصبح العدد قليل جدا في السنوات الاخيرة ربما (5- 8) بالمائة فقط لان المناخ متقلب والامطار اصبحت مثل حركة البحار مد وجزر".
وتابع العبيدي ان " الكثير من المزارعين تكبدوا خسائر فادحة بسبب الزراعة الديمية لان عملية حراثة الارض ونثر البذور تتم قبل هطول الامطار واذا انعدمت الامطار فان البذور ستصبح طعاما للطيور والمزارع يخسر الموسم الزراعي كاملا".
إلى ذلك، بين شلال عبيد العزاوي من اهالي ناحية قره تبه ان اربعة نواحي (بلدات) في ديالى ومنها قره تبه تعتمد على الامطار في الزراعة منذ عقود طويلة جدا لكن تقلبات المناخ والخسائر الفادحة الناجمة عنه دفعت المزارعين إلى اعتماد طرق اخرى ومنها الابار الارتوازية لانها موجودة ولا تنقطع رغم ان الحصول على مياهها ليس بالسهولة في ظل محدودية الكهرباء وعدم وجود دعم حكومي في مجال الوقود.
وأشار العزاوي إلى ان اسرته اعتمدت الزراعة الديمية لاكثر من 80 عاما لكنها توقفت عنها العام الجاري بسبب الخسائر المتراكمة وفضلت حفر الابار الارتوازية كبديل موثوق.
بدوره، قال عبدالله الشمري، مهندس زراعي إن " الزراعة الديمية تمثل اقدم اساليب الزراعة في ديالى وتمتد إلى فترات زمنية موغلة في التاريخ وهناك من يقول بان مملكة اشنونا التي ازدهرت على ارض ديالى في الاف الثاني قبل الميلاد اعتمدت الزراعة الديمية في توفير الغذاء لسكان المملكة".
واضاف الشمري ان " الزراعة الديمية اقتربت الان من الاندثار الفعلي ولم يبق سوى عدد قليل جدا يعتمد عليها بشكل اساسي في رى المحاصيل وخاصة الحنطة والشعير لان هناك اكثر من بديل".
واوضح الشمري ان تطور الزراعة وبروز الزراعة المحمية (البيوت الزجاجية والبلاستيكية) والتي تعتمد اساليب مميزة في رى المحاصيل مع تقليل معدلات الهدر كلها ساهمت في خلق تغير جوهري في ثقافة المزارعين ودفعهم إلى التخلي عن الزراعة الديمية.
وتعد ديالى من المحافظات الزراعية المهمة في البلاد وتضم زهاء مليون دونم من الاراضي الخصبة الا ان اجمالي ما يزرع لايتجاوز 500 الف دونم سنويا بسبب محدودية مصادر المياه.
وتنتشر الزراعة الديمية بمحافظة ديالى في مناطق العظيم وقره تبه وحوض حمرين التي تعتمد على مياه الامطار في رى المحاصيل وخاصة الحنطة والشعير.