اعداد الدكتور محمد الأحمد خبير بالشؤون الاقتصادية والصناعية
خطت الصين خطوات عملاقة في إرساء قواعد الجودة على جميع منتجاتها بشتى أنواعها الاستهلاكية منها والتكميلية ومضت قدما في محاربة المنتجات المقلدة (المنسوخة عن منتجات اجنبية) وكلفها ذلك مئات الملايين من اليوانات؛ فهل استطاعت أن تقنع الأسواق العالمية بجودة منتجها؟
بكل صراحة من يذهب الى أسواق التجزئة الضخمة في البلدان العربية ومدنها كدبي والرياض وجدة والقاهرة والجزائر وأربيل سيشاهد هناك عشرات المنتجات الصينية رخيصة الثمن والتي تغري المشتري المحلي والسائح الاجنبي على حد سواء لكن يبقى الحديث دوما عن جودة هذا المنتج ومدة صلاحية استخدامه!
لكن من يدخل إلى أسواق البيع الصينية في المولات بأوروبة وأستراليا وكندا والولايات المتحدة سيشاهد المنتج الاستهلاكي ذاته الذي شاهده في بلدان أخرى لكن بجودة عالية، الامر الذي يستدعي التفكير، لماذا ذلك الفارق بالجودة؟ هل هي ثقافة المستهلك في تلك البلدان افضل؟ أم أن القائمين على استيراد تلك المنتجات وضعوا شروطا مشددة للسماح للمنتج الصيني بالدخول لبلدانهم؟
نشير هنا الى ان الجهات المعنية داخل الصين برفع جودة المنتجات والرقابة عليها دائما ما تتلقى توجيهات من وزارات الصناعة والاقتصاد والتجارة الخارجية الصينية تحضها على ضبط جودة المنتجات وإرسال المختصين بذلك إلى المعامل وكوات البيع للشركات وأخذ عينات منها وفحصها ومن ثم قبول تصديرها أو اتلافها، وهذا ما حسّن في السنوات الأخيرة من سمعة المنتج الصيني وجودته التي كانت ومازالت على المحك.
ولكي لا يكون الحديث عن المنتج الاستهلاكي فحسب فإننا يجب أن نقف على صناعة الآلات وخطوط الإنتاج والصناعات الثقلية لنقول كلمة حق في مدى جودتها وتقبلها في الأسواق العالمية؛ وهنا تظهر الكثير من الصناعات التي باتت تضاهي أشهر الشركات الأميركية والأوروبية في ذلك ونذكر منها صناعة القطارات وخطوط انتاج الاسمنت وخطوط الصناعات الدوائية والغذائية وصناعة السيارات وصناعة المعادن، كل هذه الصناعات آنفة الذكر سجلت حضورا مميزا في مجال الجودة العالمية وحصلت على شهادات "الايرزو" و"الجي إم بي" لتكون فخرا للصناعة الصينية.
الحديث عن رفع جودة المنتج الصيني يحتاج إلى تضافر جهود عدة؛ إذ لا يكفي أن نترك المصنع يفرض منتجه على السوق بالشكل الذي يرغب به بل يجب أن توضع لجميع المنتجات ضوابط انتاج ومعايير صارمة يراعى فيها صحة المستهلك وذوقه من جهة وسمعة البلد المصدر لتلك السلع، فجودة المنتجات التي تطرح في الأسواق المحلية والعالمية تعكس مدى التقدم التكنولوجي والحضاري لهذا البلد.