شهدت عشية قمة مجموعة العشرين التي ستنعقد نهاية الاسبوع الجاري في ألمانيا موجة تيار صادما. من ناحية، رفع الرئيس الامريكي دونالد ترامب " عصا غليظة" للحماية التجارية، ومن ناحية أخرى، دفع ألمانيا وفرنسا واليابان بتعزيز التجارة الحرة. وفي ظل هذه الفوضى، ليس أمام العالم سوى التحول نحو الصين. ويبدو أن الراي العالم الدولي يتطلع الى أن تصبح الصين " حام" التجارة الحرة.
الولايات المتحدة تمسك " عصا غليظة"
وفقا لتقارير وسائل الإعلام الأمريكية، أكثر من 20 من كبار المسؤولين الامريكيين إجتمعوا في البيت الابيض مؤخرا، لمناقشة فرض حوالي20٪ من رسوم جمركية على الواردات من الصلب. وقال المحللون ، أن ترامب قد يلتزم بفرض 20٪ من الرسوم الجمركية على الواردات من منتجات الصلب بغض النظر عن معارضة مجلس الوزراء، بسبب تراجع معدل تأييده الشعبي المستمر.
الولايات المتحدة ليست مهذبة مع اصدقائها ايضا. حيث قال ترامب خلال زيارة الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إين إلى الولايات المتحدة حول اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين :" منذ وقع الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في 2011 - 2016 زاد عجزنا التجاري مع كوريا الجنوبية بأكثر من 11 مليار دولار، وليس ذلك صفقة جيدة بالطبع".
ومثل ما ذكرت "ديلي آسيا" الكورية الجنوبية، أن ترامب نشر سلسلة من الكلمات العدائية ،بالرغم من أن البيان المشترك لا يظهر أعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، لذلك، أعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية أمر لا مفر منه. وفي ظل البيانات المتباينة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، يعتقد المحللون ، أن معركة زخم "إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة" بين البلدين على الأبواب.
أصوات معارضة
انتشار رائحة الحرب التجارية من موقف حكومة ترامب أثارت معارضة داخلية وخارجية. وعلقت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية حول تطرق ترامب لرفع الرسوم الجمركية على الواردات من الصلب، " بمجرد أتخاذ الاجراءات، فإن ترامب سيضر بالاقتصاد الامريكي، وبداية حرب التجارة الدولية، وينفر حلفاء الولايات المتحدة، وتدمير قواعد النظام التجاري العالمي القائم منذ 70 عاما من التاريخ." كما أصدرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل مؤخرا خطابا شديد اللهجة في البرلمان الألماني. وقالت:" إن من يظنون أنه بالإمكان حل مشاكل العالم من خلال الحمائية والانعزالية يرتكبون خطأ كبيرا، ولديهم سوء فهم واضح ." وفي مسعى لتشكيل جبهة موحدة قبل قمة مجموعة العشرين، قالت ميركل أنها تتوقع من هذه القمة رسالة واضحة مؤيدة لأسواق منفتحة ومناهضة للانعزالية. وأكدت مجددا معارضتها للحمائية التجارية لانها تضر بمصالح جميع الأطراف.
الصين تتحول الى "حام"
العالم ينقل النظر الى الصين في ظل صعود الاتجاه نحو " العولمة العكسية". وذكرت وكالة الأنباء الألمانية، أن الصين اصبحت بطل التجارة الحرة تدريجيا، وفي تناقض كبير مع سياسة ترامب الحمائية. وذكرت صحيفة "الأخبار الاقتصادية" اليابانية أن الصين اظهرت في مناسبات مختلفة موقفا ايجابيا تجاه تعزيز العولمة. كما قدم مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي، كلاوس شواب، تحليلا على مستوى عال ، حيث أشار الى أن الصين لعبت دورا مسؤولا في قيادة العالم منذ الخريف الماضي.
ويعتقد بعض المحللين أنه بناءا على النتائج الجيدة لقمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو، يواصل حماية التنمية المستدامة والصحية لتعزيز الاقتصاد العالمي، ويوفر "برنامج الصين" قيمة لبناء العولمة الاقتصادية. وهذا تطلعات العالم ايضا.
وقالت تشن فنغ يينغ، الخبيرة في الاقتصاد العالمي في معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة، أن " تحديد ملامح عالم مترابط " موضوع قمة مجموعة العشرين الحالية في هامبورغ، نفسه " بناء اقتصادى عالمى ابتكارى ونشط ومترابط وشامل "موضوع قمة مجموعة العشرين في هانغتشو. وقال لي شيانغ يانغ مدير معهد أبحاث الاستراتيجية العالمية لآسيا والمحيط الهادئ التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الإجتماعية أيضا، أنه بعد قمة هانغتشو، أكدت قمة هامبورغ أهمية الترابط مرة أخرى. وستوفر الصين هذه المرة "برنامج الصين" القيمة لبناء العولمة الاقتصادية.
كما أشار خوليو ريوس مدير مركز إسبانيا للدراسة في الشؤون السياسية الصينية، أن اكثر الوسائل فعالية للتعامل مع انتشار الحمائية في العالم هو دفع بثبات قدما في عملية العولمة على وجه التحديد، وتعزيز العمل المشترك بين دول العالم، والتكامل والتنمية. وفي إطار آلية قمة مجموعة العشرين، اعلنت الصين دعمها الشامل لعملية العولمة من البداية الى النهاية، وملتزمة ببناء نموذج جديد من الحكم الاقتصادي العالمي يعود بالمصالح المشتركة، والذي هو بنفس الوقت حاجة الحوكمة الاقتصادية العالمية، ولكن ايضا نتيجة حتمية بعد تزايد القوة الوطنية الصينية الداخلية الشاملة.