الجزائر 4 يوليو 2017/ طالب الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، مجددا اليوم (الثلاثاء) فرنسا بالاعتراف بماضيها الاستعماري السيء في بلاده من أجل الانتقال إلى شراكة نافعة بين البلدين.
وقال بوتفليقة في خطاب وجهه إلى الجزائريين بمناسبة احتفال بلاده بالذكري الـ 55 للاستقلال التي تصادف الخامس من يوليو من كل عام إنه "من خلال استذكار الماضي وما تكبدناه فيه من مآس تحت وطأة الاحتلال الفرنسي إنما نمارس حقنا في حفظ الذاكرة وفاء لأسلافنا الذين قاوموا فاستشهد منهم الملايين وسجن منهم مئات الآلاف أو أخرجوا من ديارهم بينما جرّد ملايين آخرين من أراضيهم وممتلكاتهم".
وأضاف الرئيس الجزائري "إننا نمارس حقنا في حفظ الذاكرة وفاء لشعبنا الذي ضحى بمليون ونصف مليون من أبنائه وبناته لكي يسترجع سيادته الوطنية واستقلاله".
وطمأن بوتفليقة بأنه "ليس في هذا التذكير بالماضي أية دعوة إلى البغضاء والكراهية حتى وإن ظل شعبنا مصرا على مطالبة مستعمر الأمس بالاعتراف بما اقترفه في حقه من شر ونكال"، مشيرا إلى أن بلاده عقب الاستقلال "لم تجد وقتذاك سوى آلاف القرى المدمرة وملايين اللاجئين والمهجرين ومئات الآلاف من يتامى وأرامل الحرب".
وقال إن "فرنسا التي باشرت معها الجزائر المستقلة بناء شراكة استثنائية يجب أن تكون نافعة لكلا الطرفين، شراكة لن يزيدها الاعتراف بحقائق التاريخ إلا صفاء وتوثبا".
وكان وزير المجاهدين الجزائريين (قدامى المحاربين) الطيب زيتوني أعلن عن إنشاء لجنة وزارية تتألف من خبراء لإحصاء "جرائم" الاحتلال الفرنسي في الجزائر طيلة 132 عاما (1830-1962).
واعتبر أن "ما أقدمت عليه فرنسا من جرائم شرسة خلال تواجدها بالجزائر طيلة 132 سنة لم تقم به أي دولة أخرى حتى النازية".
من ناحية أخرى، دافع بوتفليقة عن حصيلته الاقتصادية وأكد أن القرار الاقتصادي للجزائر لا يزال بيدها، ولكن ينقصها تحسين المناخ الاقتصادي وتنفيذ الإصلاحات الضرورية لمواجهة التراجع الحاد للعائدات النفطية.
وقال في خطابه إن اقتصاد البلاد منذ توليه الحكم العام 1999 "سجل تقدما ملموسا انعكس من خلال ارتفاع الناتج الداخلي الخام بقدر خمس مرات"، فضلا عن إنشاء الملايين من فرص العمل "فتراجعت نسبة البطالة التي بلغت 30 في المائة في بداية القرن هذا إلى ثلثها".
وأشار إلى أن فترة حكمه شهدت بناء أكثر من 3 ملايين و500 ألف وحدة سكنية "وهو ما لبى الطلب وزيادة، مع العلم أنه يجري حاليا إنجاز ما يقارب مليون وحدة سكنية أخرى".
كما أشار الرئيس الجزائري إلى ارتفاع الأجر الوطني الأدنى المضمون بثلاث مرات (الحد الأدنى من الراتب الشهري) "وذلك بالتوازي مع تحسن مداخيل كافة الفئات المهنية، بينما أتاحت سياسة العدالة الاجتماعية والتضامن الوطني الفعالة إنزال درجة الفقر في البلاد".
ودعا بوتفليقة الجزائريين إلى"بذل المزيد من الجهود والاضطلاع بالإصلاحات الاقتصادية الضرورية بكل سيادة".
وقال إن "الجزائر لا تنقصها الموارد ولا المكتسبات من حيث الزراعة والسياحة والقدرات الصناعية وموارد الطاقة التقليدية منها والمتجددة على حد سواء، وهي تتمتع بشبيبة متعلمة وبسوق وطنية هامة".
ودعا إلى تثمين هذه المكتسبات "أكثر فأكثر وذلك بإعادة الاعتبار لقيمة العمل وتحسين مناخ النشاط الاقتصادي والتعجيل بتنفيذ مختلف الإصلاحات الضرورية"، مشددا على أن الأمر يعني الجميع لأنه "يتعلق بمستقبلنا الوطني وبمصير أجيالنا الصاعدة".
وتنتقد المعارضة الوضع الاقتصادي الصعب الذي تشهده الجزائر مع التراجع الكبير للعائدات النفطية وصلت إلى النصف منذ 2014، واتهمت المعارضة الحكومات المتعاقبة بالفشل في الخروج من التبعية لاقتصاد النفط.
وكان بوتفليقة قرر بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت في 4 مايو الماضي وتعيين الحكومة الجديدة بقيادة عبد المجيد تبون، تغيير وزراء القطاع الإقتصادي برمته، حيث عين وزراء جدد يقع على عاتقهم مواجهة الوضع الإقتصادي الصعب الذي تمر به الجزائر بسبب تراجع عائدات البلاد النفطية.
وأعلن تبون لمواجهة الوضع "إعادة النظر" بصورة شاملة لوضعية اقتصاد البلاد لجعله "بمنأى عن تذبذبات سعر النفط" معتبرا أن حكومته ستكون "حكومة التحديات".
وانخفض احتياطي النقد الأجنبي حتى الربع الأول من 2017 إلى أقل من 110 مليارات دولار، بينما قارب 200 مليار دولار في 2014 التي شهدت بداية التراجع الحاد لأسعار النفط في الأسواق العالمية.