ديس موينس، الولايات المتحدة 28 يونيو 2017 /رغم المخاوف العامة إزاء العلاقات الصينية ــ الأمريكية في عصر ترامب، إلا أن دانيال هيوستن الرئيس التنفيذي لمجموعة (برينسيبال فاينانشيال غروب) يرى أن شعبي البلدين، وليس الرئيس، هما من سيحددا في نهاية المطاف مدى نجاح العلاقات الصينية الأمريكية.
فتصريحات "تقريع" الصين التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية ألقت بظلالها على العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم خلال مسيرة العملية الانتخابية في العام الماضي.
بيد أن الاجتماعات التي عقدت بين الرئيس الصيني شي جين بينغ وترامب في مار- أيه- لاغو في إبريل من العام الجاري ساهمت إلى حد كبير في تهدئة التوتر بين عامة الجماهير وأحيت الآمال، وخاصة مع إطلاق خطة عمل مدتها 100 يوم عقب هذه الاجتماعات هدفت إلى تخفيف المخاوف التجارية بين البلدين.
وعندما سئل عن رأيه في العلاقات الصينية ــ الأمريكية في عصر ترامب، قال هيوستن في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) يوم الثلاثاء بمكتبه في ديس موينس إن الناس ينبغي أن تنظر إلى العلاقات بصورة تتجاوز المنظور الدوري.
وأشار إلى أن "الطريقة التي سأفكر بها لا ترتبط كثيرا بعصر ترامب، إذ أود التفكير بشأن هذا الأمر باعتباره عصرا للشعبين الصيني والأمريكي، لأن لدينا أوجه عديدة من الاعتمادية المتبادلة".
"وبغض النظر عمن يتولي منصب الرئيس، فإن العملاء والشركات والأفراد، الذين يستهلكون هذه المنتجات في الصين والولايات المتحدة،هم من سيقررون في النهاية مدى نجاح العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين"، حسبما أضاف هيوستن.
فقد بلغت قيمة تجارة السلع والخدمات الأمريكية مع الصين ما يقدر بـ648.2 مليار دولار في عام 2016، حيث جاءت الصين كأكبر شريك تجاري للسلع بالنسبة للولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، استثمرت الشركات الصينية رقما قياسيا وقدره 46 مليار دولار في الولايات المتحدة في عام 2016، وهو أكبر بواقع ثلاثة أضعاف مما تم تسجيله في عام 2015 ويسجل زيادة قدرها عشرة أضعاف مقارنة بخمسة أعوام مضت.
وقال هيوستن "لديكم اقتصاد كبير جدا، سيستفيد كثيرا من الصادرات الأمريكية، وليس لدى أدنى شك في أن الاقتصاد الأمريكي سيستفيد من الصادرات الصينية الكبيرة. لذلك فمن المنطقي أن تكون لدينا علاقات تجارية صحية ونابضة بالحياة بين الصين والولايات المتحدة"
.
-- الفرص في الصين
وفي الوقت الذي أعربت فيه بعض الشركات الأمريكية عن قلقها إزاء مناخ الأعمال في الصين في السنوات الأخيرة، ينظر هيوستن إلى هذه القضية في سياق ذي اتجاهين.
"أؤمن بعكس ذلك تماما"، هكذا قال هيوستن، مضيفا أن "الشركات الأمريكية لم تكن هي فقط من عبر عن مخاوف وتحديات، وإنما هناك شركات صينية عبرت عن وجود تحديات مماثلة أمام قيامها بأنشطة أعمال في الولايات المتحدة. لهذا علينا أن نتعلم معا كيفية العمل مع الآخر".
جدير بالذكر أن مجموعة (برينسيبال) فتحت مكتبا في الصين في مطلع تسعينات القرن الماضي وأنشأت شركة لإدارة الأصول مع بنك التعمير الصيني في عام 2005، شركة أدارت أصولا تتجاوز قيمتها 300 مليار رنمينبي (44 مليار دولار) في نهاية عام 2015.
وإن استمرار مجموعة (برينسيبال) في العمل بالسوق الصينية طوال العقدين الماضيين يضرب مثالا على أهمية الصبر والمثابرة. ففي منطقة تتأثر كثيرا بالسياسات واللوائح المحلية، حققت المجموعة تقدما مستمرا مع شريكها الصيني (بنك التعمير الصيني)، لتساعد العملاء الصينيين بخبرتها ومنتجاتها وخدماتها.
وقال "اعتقد أننا إذا ما تمسكنا بمواصلة العمل ونحن مثابرون، وأضفنا قيمة جديدة وكانت هناك شفافية جديدة وتعاون جيد وشراكة جيدة، سنشهد حينئذ قدوم المزيد من الشركات الصينية للقيام بأنشطة أعمال في الولايات المتحدة وقدوم المزيد من الشركات الأمريكية للقيام بأنشطة أعمال في الصين".
وأضاف هيوستن "وهذا لا يحدث بين عشية وضحايا، لذلك فإن الشيء المفيد يكمن في دفع العلاقات والتفاهمات طويلة الأمد، لأننا في بعض الأحيان لا نتواصل دائما بشكل واضح وشفاف كما نحتاج بالفعل".
ووقعت مجموعة (برينسيبال) وبنك التعمير الصيني، مع التركيز على الفرص المزدهرة في سوق إدارة المعاشات في الصين، وقعتا اتفاقية التعاون الإستراتيجيي ومذكرة تفاهم في عام 2016 لتطوير شراكة جديدة في إدارة الأصول والمعاشات.
وقد أتاحت الاتفاقية فرصة للشركة الأمريكية، التي تتخذ من ولاية آيوا مقرا لها وتشتهر بخبرتها في إدارة المعاشات ولديها أصول قيد الإدارة قيمتها 619.7 مليار دولار، للمشاركة في صناعة إدارة المعاشات والأصول الآخذة في التطور بالصين.
وقال هيوستن إن "التحدى في الصين مماثل كثير لنظيره في الولايات المتحدة، لأن عدد سكانكم يصل إلى 1.3 مليار نسمة ولديكم مجتمع تزاد فيه نسبة المسنين"، مضيفا "لهذا يمكنكم رؤية الأسباب الطبيعية التي تقف وراء رغبة المسؤولين المعنيين في الصين في الاستفادة من المعرفة والخبرة والمنتجات والخدمات وتقنيات الاستثمار بصورة تسمح للحكومة بتخفيف العبء الكبير للغاية للمتقاعدين من الشركات الصينية".
-- تطابق الآفاق بعيدة المدى
إن صناعة إدارة المعاشات لا تقتصر على خفض العبء المالي عن الحكومة أو عرض خطط بديلة للتقاعد على الأفراد، وإنما تحمل معنى كبيرا بالنسبة للاقتصاد بأكمله.
وفي اقتصادات متقدمة مثل الولايات المتحدة واليابان، اضطلعت صناديق المعاشات بدور حاسم في توفير الاستثمارات الإستراتيجية طويلة المدى، وهو أمر ضروري للمشروعات طويلة الأمد مثل برامج البنية التحتية.
ومن أجل تمويل برامج البني التحتية، "فإنك تريد مستثمرين إستراتيجيين على المدى الطويل"، هكذا أوضح هيوستن، لافتا إلى أن "جمال ذلك يكمن في أنك تحقق ربطا بين الأصول والالتزامات، مثل الربط بين التزام مدته 30 عاما وأصول مدتها 30 عاما، وبهذا يكون الجميع رابحا".
وبالإضافة إلى ذلك، فإن وجود مستثمرين إستراتيجيين على المدى الطويل أمر لا غني عنه أيضا بالنسبة للاستقرار المالي.
"ما يمكنك تجنبه من خلال تلك الاستثمارات الإستراتيجية طويلة الأمد هو تقلبات السوق. وهذا لا يعني أنك سوف تضمن عدم مواجهة أي أوضاع متقلبة، ولكنك سوف تستفيد بكل وضوح من اقتصاد مستقر كثيرا".