تونس 17 أبريل 2017 / دعت قوى حزبية ونقابية تونسية، رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى تجاوز ما اعتبرتها "أزمة ثقة" بين حكومته والمواطنين الذين كثفوا من تحركاتهم الاحتجاجية للمطالبة بالتنمية.
وتشهد تونس موجة جديدة من الإحتجاجات الشعبية شملت أكثر من 14 محافظة في البلاد من أصل 24، لم تتمكن الحكومة من إمتصاصها أو الحد من تداعياتها.
وبدأت تلك الإحتجاجات في مدينة تطاوين بأقصى الجنوب التونسي، حيث تظاهر الآلاف من السكان للتنديد بالتهميش والمطالبة بالتنمية.
وانتقلت الاحتجاجات بعد ذلك لتشمل مدن محافظات الكاف (شمل غرب)، وسيدي بوزيد والقيروان (وسط)، والمهدية(شرق)، وسليانة (غرب)، والقصرين (جنوب غرب)، وغيرها من المناطق.
وأكد يوسف الشاهد في حديث تليفزيوني واذاعي ليلة الأحد الإثنين أن حكومته "نفذت ما وعدت به، وأنها تعتمد كل الآليات لإخراج البلاد من أزمتها".
واعتبر الشاهد ردا على سؤال حول مشاركة بعض البرلمانيين وقيادات في أحزاب حاكمة ضد حكومته، ومساندة الاحتجاجات التي تشهدها مناطق مختلفة من البلاد، أن مثل هذا الأمر "غير مقبول".
وأضاف أن الأحزاب في تونس "مازالت غير مهيكلة وأن دورها ليس إصدار بيانات مساندة والتصويت في البرلمان، بل لها دور اجتماعي وتأطيري فقدناه في المرحلة الماضية".
وإتهم بعض الأحزاب بأنها "تسعى إلى الركوب على الاحتجاجات ، ومحاولة توظيفها"، مؤكدا أن بعض الأطراف ترفض الانتخابات البلدية وأخرى اقلقها زياراته إلى بعض الجهات بينما دخلت بعض الأحزاب في حملة انتخابية سابقة لأوانها.
ودعا في هذا السياق إلى ضرورة أن تقوم الأحزاب بمراجعة لسياساتها، لافتا في الوقت نفسه إلى أن معارضة الحكومة لا تسبب له قلقا "لكن معارضة الدولة هي خط أحمر لا يسمح بتجاوزه".
وشدد في المقابل على ضرورة ان تكون الأحزاب "مسؤولة، وترتفع في خطابها السياسي إلى مستوى انتظارات التونسيين".
وأثارت تصريحات الشاهد ردود فعل متباينة على المستويات الحزبية والنقابية في تونس.
وقال البرلماني طارق الفتيتي من حزب الاتحاد الوطني الحر المعارض "يبدو أن الشاهد فقد بوصلته"، لأنه لم يتوغل في الحديث عن الأزمة الاجتماعية التي تعصف بالبلاد، بل اقتصر على الحديث عن وثيقة قرطاج ورئيس الجمهورية وحكومته"، على حد قوله.
وتابع الفتيتي قائلا في تصريحات إذاعية بثت اليوم (الإثنين)، "كان جديرا برئيس الحكومة عدم الظهور والإدلاء بحوار وهو يجهل حتى أسباب الاحتجاجات… يبدو أنه لا يتلقى المعلومات على أكمل وجه".
وتاكيدا لما ذهب إليه رئيس الحكومة التونسية في إتهاماته لبعض الأحزاب بالتحريض على الإحتجاجات، أقر فوزي عبد الرحمن القيادي بحزب آفاق تونس الذي يشارك في الحكومة الحالية، ان هناك بعض الأطراف منها حركتي نداء تونس والنهضة "تضرب الحكومة وأن الدليل على ذلك هو الاحتجاجات الشعبية ضد الحكومة بقيادة عدد من قياديي النداء والنهضة".
وأكد عبدالرحمن في تصريحات نشرتها اليوم صحيفة (الشارع المغاربي) الالكترونية، رفض حزبه لمثل هذه السياسات، وذلك في إشارة إلى موقف حركتي النهضة والنداء.
وقال عبدالرحمن " كان الأجدر بالحركتين الخروج إلى الشارع او الدعوة لاجتماع مع الأحزاب الموقعة على اتفاقية قرطاج التي على أساسها تشكلت حكومة يوسف الشاهد، والإعلان صراحة بانهما تطالبان برحيل الحكومة".
ولفت في هذا الصدد إلى وجود مساع لتشكيل حكومة جديدة، قائلا "المسألة مطروحة وهناك حديث عن وجود شيء ما يطبخ.. وفي اعتقادي، إسقاط حكومة الوحدة الوطنية يعني فشل الرئيس الباجي قائد السبسي شخصيا باعتباره صاحب المبادرة.. هي مغامرة والبلاد لن تحتمل ذلك".
وذهب فوزي عبد الرحمن إلى القول إنه في حال وصلت الأوضاع إلى مرحلة إسقاط حكومة يوسف الشاهد،فإن "الحل الوحيد عندها هو التوجه نحو تنظيم انتخابات تشريعية سابقة لأوانها" .
فيما اعتبر ابو علي المباركي الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل (اكبر منظمة نقابية في البلاد)، ان الحكومة الحالية مطالبة بتجاوز توصيف المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا عامة والمناطق الداخلية خاصة إلى الدخول الفعلي في تنفيذ المشاريع الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف المباركي في تصريحات بثتها إذاعة (موزاييك اف ام) المحلية التونسية، أن يوسف الشاهد ووزراءه مطالبون برفع سقف الثقة إلى أعلى خاصة وأن الثقة مهزوزة باعتراف رئيس الحكومة نفسه.
وبالتوازي مع ذلك، أكد خليل الغريانى رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة أرباب العمل)، أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد مطالب بتجاوز أزمة الثقة بين الحكومة والمواطنين وذلك على قاعدة تقديم وعود مرتبطة باجال تنفيذ المشاريع.
وقال الغرياني في تصريح نقلته (الصباح نيوز) اليوم تعقيبا على ما ورد في حديث رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إن هذه الحكومة "تعترضها مشاكل في الاتصال والتواصل مع الشعب لتبسيط الإجراءات وتنفيذ الاتفاقيات".
وكان الرئيس الباجي قائد السبسي كلف يوسف الشاهد بتشكيل حكومة وحدة وطنية في أغسطس الماضي، بعد أن حجب مجلس نواب الشعب (البرلمان) ثقته في حكومة الحبيب الصيد.