بقلم/جيا شيو دونغ، محلل صحيفة الشعب اليومية، باحث خاص في معهد الصين للدراسات الدولية
يملأ شوارع بيونغ يانغ عاصمة كوريا الديمقراطية جو عيدي هذه الأيام بمناسبة الذكرى ميلاد كيم إيل - سونغ مؤسس كوريا الديمقراطية والجد الراحل لكيم جون – أون، وتم عرض مجموعة متنوعة من الاسلحة والمعدات. وترصد الأقمار الصناعية علامة كوريا الشمالية لإجراء جولة جديدة من التجاربة النووية. وتكهنت وسائل الاعلام الدولية حول الجولة السادسة من التجربة النووية لكوريا الديمقراطية. وقد اجرت كوريا الديمقراطية في صباح يوم 16 ابريل التجربة الصاروخية، لكن، اكد الجيش الكوري الجنوبي والقيادة الامريكية في المحيط الهادئ على فشل التجربة.
ويشارك مئات الالاف من الجيش الكوري الجنوبي والامريكي في مناورات عسكرية مشتركة واسعة النطاق في جنوبي خط الحدود بين الكوريتين. وفي الوقت نفسه، فإن استخدام امريكا العشرات من صواريخ كروز على قاعدة جوية فى سوريا، والقاء "أم القنابل" الأمريكية على عناصر تنظيم "الدولة الإسلامية" في أفغانستان بمثابة تحذيرا وردع كوريا الديمقراطية. كما تم تغيير مسار حاملة طائرات أمريكية نحو شبه الجزيرة الكورية، ووصف ترامب في تويتر الأسطول الأمريكي بأنه لا يغلب. واعلن الجانب الامريكي مرارا عن أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة بالنسبة لقضية شبه الجزيرة الكورية ، بمعنى أنه لا يستبعد استخداو القوة.
ومن جانبها، أبدت كوريا الشمالية استعدادها للرد على الولايات المتحدة الأمريكية، وقالت: "نحن مستعدون للرد بهجمات نووية". وقد ادت هذه التصريحات الى انتشار رائحة البارود في المنطقة. وظهرت دورة جديدة من التوتر في شبه الجزيرة الكورية. وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي في الفترة الأخيرة، تتصاعد التوترات بين كوريا الديمقراطية وكوريا الجنوبية وامريكا العين بالعين، وهذا الوضع الخطير يستحق فعلا الاهتمام واليقظة.
لقد فتحت الاقوال والافعال الحماسية لكوريا الديمقراطية وكوريا الجنوبية وامريكا المجال أما القطارين السريعين الانتهاء بالتصادم. ولكن هذه المرة، يبدو أن هناك جمود عميق في عملية حل القضية النووية الكورية: وتطالب كوريا الديمقراطية وقف المناورات العسكرية المشتركة بين امريكا وكوريا الجنوبية أولا، وتغيير سياستها العدائة تجاهها، للحديث عن القضية النووية. ومن ناحية أخرى، تطالب امريكا وكوريا الجنوبية تخلي كوريا الديمقراطية عن برنامجها النووي، للحديث عن تحسين العلاقات الثنائية.
كوريا الديمقراطية لم يتوقف عن هاجس امتلاك القنبلة النووية لحماية نفسها، ويتطلع لكسب المزيد من الأمن من خلال برنامجها النووي، من ثم زيادة ورقة مساومة في التعامل مع أمريكا وكوريا الجنوبية. ومع ذلك، فإن تطور الوضع بعيد عن التطلعات، وهناك اجراءات وعقوبات أكثر صرامة بسبب تطوير البرنامج النووي لكوريا الديمقراطية، كما يستخدم الجيش الامريكي وكوريا الجنوبية ذلك ذريعة لممارسة المزيد من الضغوطات العسكرية على كوريا الشمالية. وأن تعوّد أمريكا وكوريا الجنوبية في استخدام انواع العقوبات العسكرية للضغط على كوريا الديمقراطية، دفعهما الى اجراء بالمناورات العسكرية لـ" قطع الراس" أو "القتل المستهدف".
وأمام فرضية استطلاع الراي في أمريكا وكوريا الجنوبية بشأن القضاء على التهديد النووي لكوريا الديمقراطية، هل يمكن استخدام القوة ضد كوريا الديمقراطية ؟ يخشى أن يلقى دعم الكثير من الناس. ولكن إذا سئل عن ما إذا كان يمكن تحمل مخاطر سقوط مئات الآلاف، والملايين من أرواح من استخدام القوة ضد كوريا الديمقراطية؟ يخشى أنه بجرد التفكير في الوضع الحالي في افغانستان والعراق وسوريا وليبيا وغيرها من البلدان الاخرى، يترد الكثير من الناس. وترى كوريا الديمقراطية ذلك بوضوح، لذلك، تظهر عزمها لمواجهة الحرب، التي ستلحق الضرر بالجانبين، الأمر الذي يهدف الى اثارة الخوف لأمريكا وكوريا الجنوبية وتخلي عن الهجوم.
المواجهة بين الشمال والجنوب في شبه الجزيرة الكورية هي إرث الحرب الباردة، والسبب الجذري للقضية النووية جاء من عدم الثقة بين كوريا الديمقراطية والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية استراتيجيا. حيث تتهم امريكا وكوريا الجنوبية لكوريا الديمقراطية بعدم صدقيتها في التخلي عن برنامجها النووي، وتعتقد كوريا الديمقراطية أن امريكا وكوريا الجنوبية بمحاولات تغيير نظامها. واستعراض القوة من الجانبين، يعود الى اهتمامهما بالأمن، كلاهما معقول، لذلك، لا يريد أحدهما التقدم أولا في الحوار ومحادثات السلام.
طرح الجانب الصيني مبادرة "الوقفين" وفكرة "المسارين المتوازيين" من أجل فك العقدة وكسر الجمود في القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية،وتعتبرهذه طريقة للرد المتوازن على اهتمام جميع الاطراف في شبه الجزيرة، وحل جذري لتحقيق الاستقرار في شبه الجزيرة على المدى الطريل، وأخذ مفتاح قضية الجزيرة الكورية. وأن رد فعل أمريكا وكوريا الجنوبية تجاه مبادرة "الوقفين" ليس ايجابيا، ولكن لم يأت ب " الافكار الجيدة" الافضل من استئناف الحوار.
الحفاظ على السلام والاستقرار في شمال شرق آسيا تماشيا مع المصالح المشتركة لجميع الاطراف. ولا يمكن لاستخدام القوة أن يحل المشكلة، والحوار هو السبيل الوحيد للخروج. وقال وزير الخارجية وانغ يي، "بالنسبة لقضية شبه الجزيرة الكورية، فإن الذى يستخدم كلمات حادة أو يستعرض قوته لا يعني أن سيفوز بالضرورة، ولن يخرج فائزا إذا نشبت حرب في شبه الجزيرة الكورية ". وفي الوقت الحاضر، تشهد شبه الجزيرة الكورية توترات رغم أن الحرب ليست وشيكة في شبه الجزيرة. وفي هذا الوقت، فإن أي خطأ وسوء الفهم ، من المرجح أن يطور الوضع الى درجة خارجة السيطرة. وامام هذا الوضع، الحوار السبيل الوحيد للخروج.