غزة 8 مارس 2017 / لا تعير الفلسطينية سلوى ابو سيف، اهتماما ليوم المرأة العالمي الذي يحل اليوم (الأربعاء) في ظل ما تكابده من مصاعب تدبير شؤون حياتها وعائلتها التي تقطن في مخيم فقير للاجئين في غزة.
وتشتكى الخمسينية ابو سيف المعروفة باسم "ام جميل" من أنها لا تلمس أي حقوق مكفولة لها ولغيرها من النساء في قطاع غزة، وتصف حياتها بالمريرة جراء المصاعب الاقتصادية التي تعانيها، ما دفعها للعمل لتعيل أبناءها.
وتقيم ام جميل محلا تجاريا بالقرب من منزلها في مخيم الشاطئ وكلاهما بالإيجار، وهي تعمل لأكثر من 12 ساعة يوميا لإعانة زوجها المريض وتوفير مقومات الحياة لعائلتها.
وتقول السيدة بنبرات متقطعة يغلبها البؤس لوكالة أنباء ((شينخوا)) "حياتنا بالغة الصعوبة، فزوجي مسن ومريض وغير قادر على العمل، فيما واحد فقط من أبنائي الثلاثة يعمل وبمقابل مالي زهيد، وهو ما دفعني للتفكير بالعمل".
وتضيف "اضطررت لبيع قطعتي ذهب كنت امتلكهما للبدء بمشروع محل صغير للبقالة لتوفير مصدر دخل لنا منذ نحو عامين، ورغم تعب طول ساعات العمل لكني أتحمل ذلك في سبيل لقمة العيش".
ويبدأ كل نهار لام جميل من أول ساعات الصباح الباكر بترتيب منزلها وإعداد وجبة الفطور لزوجها وأبنائها قبل أن تنطلق مسرعة إلى محلها التجاري للبدء بعملها الذي يستمر حتى ساعات منتصف النهار.
بعدها تعود ام جميل إلى منزلها لإعداد وجبة طعام الغذاء واستكمال ما تبقى من احتياجات منزلها، ومن ثم تعود مجددا لمحلها الذي تبقى تعمل فيه حتى ساعة متأخرة من الليل.
وتقطن ام جميل في أحد المنازل المتهالكة وسط زقاق ضيق في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، حيث الفقر وشظف العيش السمة الغالبة على جميع سكان المخيم.
ويُعبر منزلها الذي لا تتجاوز مساحته 90 مترا عن سوء أوضاعها الاقتصادية وعائلتها المكونة من ثلاثة أبناء وبنتين، وهي مطالبة بدفع مبلغ 150 دولارا كإيجار شهري للمنزل، ناهيك عن إيجار المحل.
وتشير ام جميل إلى أن أكبر أحلامها أن تفرح بزواج ابنها البكر، الذي يبلغ 25 عاما لكن مصاعب الحياة لا تعينها على ذلك، كما أنه لم يجد فرصة عمل ثابتة حتى الآن.
ومخيم الشاطئ هو واحد من ثمانية مخيمات للاجئين في قطاع غزة، يقع على شاطئ بحر غزة، وهو ما يفسر تسميته بهذا الاسم.
وتقدر إحصائيات رسمية عدد سكان مخيم الشاطئ بأكثر من مائة ألف شخص يسكنون جميعهم في بقعة لا تزيد مساحتها عن 0.52 كيلومتر مربع فقط.
وتعتبر ام جميل أن "حالة البؤس الشديد داخل مخيم الشاطئ وغيره من مخيمات اللاجئين تعكس حقيقة وضعهم"، مشيرة إلى "انتشار الفقر وقلة الحيلة وأناس يعيشون على قليل من المساعدات هنا وهناك".
وتعد هذه السيدة مثالا لما تعانيه غالبية النساء في قطاع غزة الذي يقطنه ما يزيد عن مليوني نسمة يقاسون من معدلات قياسية من الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي.
وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منذ منتصف عام 2007 إثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع فيه بعد نزاع مسلح مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
ودفع ذلك إلى أن تصبح نسبة البطالة في أوساط سكان قطاع غزة من بين الأعلى في العالم، حيث وصلت إلى حوالي 42.7 في المائة، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
كما تقدر منظمات دولية وحقوقية أن نسبة انعدام الأمن الغذائي لدى سكان قطاع غزة تتجاوز 60 في المائة يعتمدون على المساعدات الدورية من المنظمات المحلية والدولية.
وسبق أن حذرت جماعات حقوقية مرارا من وصول آلاف العائلات في غزة إلى المستويات الأشد فقرا مع اعتمادهم على المساعدات الإغاثية والمعونات مع وصول معدل دخل الفرد اليومي إلى قرابة دولارين.
كما أن الأمم المتحدة حذرت قبل عامين من أن قطاع غزة سيصبح مكانا لا يحتمل العيش فيه مع حلول عام 2020 بسبب النقص الحاد المتوقع في مياه الشرب والمدارس والمستشفيات والوظائف وتدهور في البني التحتية.
وحتى في يوم المرأة فإن ام جميل لا تحصل على يوم إجازة وراحة وتبقى على رأس عملها في محلها التجاري الصغير على أمل أن تتحسن أمور عائلتها الاقتصادية ويحل عليهم يوم غد أفضل كما تتمنى دائما.