بقلم خالد تشو شياو لونغ
بكين 2 مارس 2017 / يبدو أن القيام بجولة الى الدول العربية قد غدا من بين الخيارات الأولية للكثير من الصينيين خلال ليلة وضحاها، بينما تستنبط الدول العربية كل الطرق الممكنة لاستقطابهم ، وأحدث دليل على ذلك هو إعلان تونس إلغاء تأشيرة الدخول لصالح الصينيين مؤخرا.
وصارت بعض الدول العربية قبلات سياحية يقصدها الصينيون بكثرة على مر السنين. فحسب تقرير محلي، تم إدراج مصر والامارات الى قائمة الأحصنة السوداء العشرة التي لاقت اقبالا من السياح الصينيين في فترة عطلة عيد الربيع للعام 2017.
وأكثر من ذلك، فإن المغرب وتونس تصدرتا قائمة الدول التي توجه إليها الصينيون في الفترة المذكورة من حيث سرعة نمو عدد السائحين الصينيين إليها.
ويُعزى سبب هذا التغير الايجابي الى تنامي نشاط السياح الصينيين للتمتع بالمناظر الطبيعية والحضارة العربية والإسلامية على الأرض العربية.
فبعد تكرار زيارة المقاصد التقليدية مثل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية والآسيوية، بدأ عدد متزايد من السياح الصينيين توجيه دفة رحلاتهم نحو الدول العربية وغيرها من الدول الزاخرة بالمقاصد الطبيعية والحضارية المختلفة.
وفي المقابل؛ بذلت بعض الدول العربية جهودا كبيرة لاستقطاب السياح الصينيين، ولا سيما بعد زيادة اهتمامها ووعيها بأهمية السياحة. فعلى سبيل المثال، قامت مصر بتسهيل إجراءات منح التأشيرة للصينيين وعززت الأمن المحلي، ما زاد من شغف الصينيين بهذه الدولة العربية والافريقية .
وبدورهما؛ خطت المغرب وتونس خطوة أكبر حيث ألغتا إجراءات تأشيرة الدخول للصينيين على التوالي، الأمر الذي لاقى استحسانا شديدا، ليشهد المغرب طفرات في أعداد المسافرين الصينيين إليه، بشكل برزت مشكلة جديدة تمثلت بقلة المرشدين السياحيين الذين يتكلمون اللغة الصينية.
عندما يلتحم نشاط السياح الصينيين مع الحفاوة العربية، فلا شك أن هذا الأمر سيعود بمنفعة كبيرة على الجانبين الصيني والعربي.
فبالنسبة الى الصينيين، فإنهم سيتمتعون بمزيد من المناظر الطبيعية والموارد الحضارية الخلابة بسهولة أكبر في الدول العربية.
وبدورها؛ ستستفيد الدول العربية من نشاط السائحين الصينيين المتعاظم على المدى المنظور والمدى البعيد. وسيتم ذلك على النحو التالي:
أولا: استحداث مزيد من الوظائف في الدول العربية، حيث سيساهم الصينيون في رفع نسبة إشغال الغرف والشقق الفندقية، ومعدل إشغال مقاعد الرحلات فضلا عن إضفاء حيوية جديدة على القطاعات الأخرى ذات الصلة، علما بأن 122 مليون صيني قد سافروا الى الخارج في العام 2016 بزيادة 4.3% على أساس سنوي. بينما سيحافظ هذا العدد على وتيرة النمو.
ثانيا: زيادة احتياطي النقد الأجنبي . فعلى الرغم من تباطؤ نمو الاقتصاد الصيني، إلا أن الأمور ظلت على حالها فيما يتعلق بالقوة الشرائية للمسافرين الصينيين بالخارج حيث أنفقوا 109.8 مليارات دولار أمريكي في العام 2016، بينما بلغ متوسط الإنفاق الفردي 900 دولار. وبذلك يفضي نشاط الشراء للصينيين الى زيادة احتياطي النقد الأجنبي بشكل مباشر خاصة لتلك الدول العربية التي تعاني من الهبوط الحاد في هذا الصدد.
ثالثا: تحفيز الصادرات العربية الى الصين على المدى الطويل. فلا شك أن معرفة وإقبال الصينيين على المنتجات والبضائع العربية سيزداد من خلال رحلاتهم على الأرض العربية، ما سيفتح أفقا جديدا لتوسيع التبادل التجاري مستقبلا، حيث سيحاول بعضهم ايجاد طرق مختلفة لشراء تلك المنتجات. فعلى سبيل المثال، يباع مزيد من المنتجات العربية مثل العطور والملابس وأدوات النرجيلة على موقع تاوباو الذي يعد أكبر منصة صينية للتجارة الالكترونية.
وبالطبع لا تقتصر المنافع السياحية على المجالات آنفة الذكر وحسب، بل تغطي أشياء كثيرة مثل تعزيز التبادل الثقافي بين الشعبين الصيني العربي.
لكن وفي واقع الأمر، فإن هذه المنافع العديدة لن تتحقق بسهولة في ظل تعزز المنافسة الدولية. فلغاية الآن، تجاوز عدد الدول والمناطق، التي ألغت تأشيرة الدخول أو تقدم التأشيرة فور الوصول للصينيين، تجاوز 60 دولة ومنطقة.
الى ذلك، اتخذت الدول المختلفة سبلا متنوعة لكي تنال نصيب الأسد من السياح الصينيين مثل تقديم خدمات تتفق مع العادات الصينية.
وفي هذا الشأن، سيتوجب على مزيد من الدول العربية أن تسير على خطى المغرب وتونس لإلغاء تأشيرة الدخول تماما كون أن أغلبية السياح الصينيين ينظرون في سهولة السفر بالمقام الأول .
ومع أن المغرب وتونس تخسران في رسوم التأشيرة، إلا أنهما ستحصدان منفعة كبيرة على المدى الطويل. وزادت وسائل الإعلام الصينية من تغطية البلدين فور إعلانهما إلغاء تأشيرة الدخول، بينما قدمت الوكالات السياحية المحلية لمرتاديها معلومات أكثر حول البلدين العربيين، الأمر الذي سيحفز المزيد من الصينيين على السفر نحوهما.
وفي حقيقة الأمر، لا يزال عدد المسافرين الصينيين الى البلدان العربية بسيطا رغم سرعة نموه، الأمر الذي يوجب على هذه الدول أن تصغي لأصوات السياح الصينيين والوكالات السياحية والهيئات الحكومية المعنية في الصين لإطلاق خدمات أفضل للحصول على حصة أكبر من الكعكة السياحية التي تساهم بها الصين نحو العالم.