تونس 5 مارس 2017 /أثارت الأحكام القضائية الصادرة عن الدائرة الجنائية الرابعة التابعة للمحكمة الإبتدائية بتونس العاصمة ضد عدد من وزراء ومسئولي النظام السابق، إستياء العديد من الأحزاب السياسية التي سارعت إلى التنديد بها، والمطالبة بضرورة تجسيد المصالحة الوطنية الشاملة لإخراج البلاد من "دائرة الإنتقام والتشفي، واستغلال القضاء لتصفية الحسابات السياسية".
وأعرب حزب آفاق تونس (8 مقاعد برلمانية)، في بيان وزعه اليوم (الأحد)، عن مساندته للوزراء السابقين الذين شملتهم تلك الأحكام القضائية التي وصفت بـ"الجائرة والمسيسة".
وصدرت تلك الأحكام مساء (الجمعة)، حيث أدانت الدائرة الجنائية الرابعة بالمحكمة الإبتدائية، المتهمين فيما يعرف في تونس بـ"قضية حفلي الفنانة الأمريكية" ماريا كاري اللذين نظما يومي 22 و 24 يوليو من العام 2006.
ونصت على سجن المتهمين لمدة ست سنوات، وهم الرئيس الأسبق بن علي، وصهره عماد الطرابلسي، بالإضافة إلى محمد كمال الحاج ساسي المدير السابق للصندوق الوطني للتضامن، ووزير السياحة الأسبق التيجاني حداد، ووزيرة التجهيز والإسكان سابقا سميرة خياش، والموظف الحكومي محمد الحبيب الفرجاني.
ووجهت المحكمة للمتهمين تهما تتعلق بالفساد المالي، والاضرار عمدا بالإدارة ومخالفة القانون طبقا للفصل 96 من القانون الجزائي، علما وان هذه القضية إنطلقت على اثر تقرير تقدمت به لجنة تقصي الحقائق في الفساد والرشوة الى النيابة العامة تضمن وجود تجاوزات وفساد مالي بحفلي الفنانة الامريكية ماريا كاريا.
وطالب حزب أفاق تونس، في بيانه، بالإسراع في سن قانون تتوقف بموجبه التتبعات أو المحاكمات أو تنفيذ العقوبات في حق الموظفين العموميين من أجل أفعال قاموا بها أثناء أدائهم لمهامهم لطبيعة النظام القائم قبل الثورة أي نظام المخلوع بن علي.
وأوضح أن هذه الدعوة "تندرج في إطار إرجاع الثقة للإدارة و الموظفين بمختلف مستوياتهم الوظيفية"، داعيا الجميع إلى "تغليب العقلانية وتجنب المزايدات السياسية والتوظيف لغايات فردية أو فئوية تضر بالمجموعة الوطنية".
وقبل ذلك، دعا حزب المبادرة الوطنية الدستورية (3 مقاعد برلمانية)، إلى عدم استغلال القضاء كأداة لتصفية الحسابات السياسية، وإلى التسريع بتحقيق المصالحة الوطنية.
واعتبر في بيان وزعه مساء أمس (السبت)، أن تلك الأحكام "التي طالت عددا من المسئولين السابقين، ودارت في ظل جو من التعتيم و اللامبالاة"، قد تتسبب في توتر الأجواء وانتشار الحقد و الضغينة، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى مزيد من الوحدة الوطنية.
وأكد في المقابل، إلتزامه بالعمل على إنجاز المصالحة الوطنية الشاملة بالتعاون مع كل الأطراف الصادقة، وتجنيب البلاد كل ما من شأنه أن يعمق جراحها و يستنزف قدراتها البشرية والمادية.
كما دعا إلى تعبئة الرأي العام الوطني ومكونات المجتمع المدني لاستحثاث الخطى من أجل طي صفحة الماضي، وحث كل الوطنيين الصادقين إلى الانخراط في دفع مسار المصالحة الوطنية الشاملة.
ومن جهتها، أكدت حركة مشروع تونس (23 مقعدا برلمانيا)، برئاسة محسن مرزوق، تمسكها المبدئي باستقلال القضاء وضرورة احترام قراراته، لكنها عبرت في بيان وزعته مساء (السبت)، عن خشيتها من إستعمال القضاء، كأداة لتصفية حسابات سياسية وضرب مساعي المصالحة.
ودعت في بيانها، الحكومة الحالية برئاسة يوسف الشاهد، إلى الوفاء بتعهداتها في ما أعلنته من عزم على مقاومة الفساد، وإلى "ألا تتخذ من المعالجة الاستعراضية لبعض الملفات القديمة، وسيلة للتغطية على تقاعسها الواضح في كشف الفساد المستشري اليوم وفي تتبع الفاسدين"، على حد تعبيرها.
وأعلنت في المقابل، أنها تعتزم التنسيق مع مختلف الحركات الأخرى ومع مكونات المجتمع المدني، لحماية القضاء من الخلافات والمهاترات السياسية التي تستهدفه اليوم، والعمل بكل الوسائل لتحقيق الاستقلال الفعلى للجهاز القضائي، والمصالحة الوطنية الشاملة والعاجلة.
أما الحزب الدستوري الحر، فقد حذر من "مغبة الرجوع إلى مربع المظالم الذي حدث سنة 2011، والمحاكمات السياسية الجائرة، واتباع سياسة الكيل بمكيالين، من خلال غض النظر والتستر عن ملفات فساد تورط فيها مسئولون بعد العام 2011 ".
ودعا في بيان له إلى الإسراع في سن قانون المصالحة الوطنية، وضبط رزنامة واضحة لاستكمال مسارها لتحرير الكفاءات والرأسمال الوطني من الإرتهان لغايات سياسية ضيقة، على حساب المصلحة العليا للوطن ووحدة الشعب التونسي.
يشار إلى أن نعمان الفقيه محامي الوزيرة السابقة سميرة خياش، أكد في تصريحات إذاعية بثت اليوم، انه سيطعن وبقية زملائه غدا (الاثنين) في الحكم الصادر ضد مندوبيهم، معتبرا أن الحكم الصادر ضد موكلته سميرة خياش وأيضا ضد بقية المتهمين هو "حكم ضد التيار، وضد المناخ العام، وضد المؤسسات التي تريد الدولة ترسيخها لإجراء المصالحة بين كافة أفراد المجتمع".