بكين 5 مارس 2017 / تعهد لي كه تشيانغ رئيس مجلس الدولة الصيني (مجلس الوزراء) اليوم الأحد بمواصلة الإصلاحات لتحقيق هدف النمو الاقتصادي نحو 6.5 بالمائة هذا العام على الرغم من التحديات التي تواجهها البلاد .
وحدد تقرير عمل الحكومة الذي قدمه لي كه تشيانغ خلال الجلسة الافتتاحية للدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، أعلى هيئة تشريعية في البلاد ، هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي بنحو 6.5 بالمائة، أو أعلى إذا كان ذلك ممكنا من الناحية العملية.
وقال لي إن "هذا الهدف واقعي ويتمشى مع المبادئ الاقتصادية "، وهو الأدنى خلال فترة تزيد عن 20 عاما في الصين. مع ذلك، تبقى الصين واحدة من أسرع الاقتصاديات نموا في العالم.
وأضاف لي أن هذا الهدف سيساعد في استقرار توقعات السوق وتسهيل عمليات التعديل الهيكلي في البلاد ، كما سيساهم أيضا في انجاز هدف إكمال بناء مجتمع معتدل الرخاء على نحو شامل بحلول عام 2020.
واستمع ما يقرب من 3000 نائبا للمجلس إلى تقرير لي كه تشيانغ في الجلسة الافتتاحية التي أشرف عليها تشانغ ده جيانغ، رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، جنبا إلى جنب مع الرئيس الصيني شي جين بينغ وغيره من القادة الصينيين.
هدف النمو يمكن تحقيقه
أعلن لي أنه في عام 2017، ستواصل الصين على زيادة مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 3 بالمائة وخلق أكثر من 11 مليون وظيفة في المناطق الحضرية مع معدل البطالة المسجل في المدن دون 4.5 بالمائة.
وكما تهدف الصين إلى خفض استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.4 بالمائة على الأقل في عام 2017، في حين تستهدف مواصلة تخفيض انبعاث الملوثات الرئيسية.
ويذكر أن استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي في الصين انخفض بنسبة 5 بالمائة على أساس سنوي في العام الماضي.
وسيتم تحديد إجمالي استهلاك الطاقة في الصين عند 5 مليار طن مكافئ الفحم بحلول عام 2020، وفقا لخطة حكومية للفترة بين 2016 و2020، الأمر الذي يترجم إلى انخفاض 15 بالمائة من استهلاك الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2020.
وقال لي " إن أحد الأسباب الهامة لتأكيد الضرورة على الحفاظ على النمو المستقر يتمثل بضمان التوظيف وتحسين معيشة الشعب".
وفي العام الماضي، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 74.4 تريليون يوان (نحو 10.8 تريليون دولار أمريكي) بزيادة 6.7 بالمائة، متجاوزا معظم الاقتصاديات الأخرى ، الأمر الذي ساهم بنسبة أكثر من 30 بالمائة من النمو العالمي.
وعلى الرغم من التحديات، خلقت الصين 13.14 مليون وظيفة في المناطق الحضرية بالإضافة إلى زيادة الدخل القابل للتصرف لكل فرد بنسبة 6.3 بالمائة والقضاء على الفقر لنحو 12.4 مليون شخص في العام الماضي.
وأشار لي كه تشيانغ إلى أن على الصين أن تكون مستعدة لمواجهة حالات أكثر تعقيدا وأكثر خطورة بما في ذلك النمو الاقتصادي العالمي البطيء والاتجاه المتنامي للحمائية في التجارة الدولية، معربا عن ثقته بأن الصعوبات سيتم التغلب عليها في ظل تمتع البلاد بأساس من المواد الصلبة والموارد البشرية الوفيرة والسوق الضخم والنظام الكامل من الصناعات.
الإصلاح الهيكلي لجانب العرض
قال لي إن الحكومة ستعطي الأولوية للإصلاح الهيكلي لجانب العرض أثناء التنمية الاقتصادية في الصين.
وأظهر التقرير أن الصين ستعزز من توجهها نحو خفض القدرة الفائضة في القطاعات المتضخمة حيث ستستهدف خفض قدرة إنتاج الصلب والفحم بنحو 50 مليون طن و150 مليون طن على التوالي على الأقل هذا العام.
وتعهد لي كه تشيانغ باستخدام المزيد من الوسائل المستندة على أسس السوق والقانون، للتعامل بشكل فعال مع "الشركات الخاملة".
ويعتبر معالجة وضع القدرة الفائضة، جزءا رئيسيا من الإصلاح الهيكلي لجانب العرض في الصين، ولطالما أُدرج على رأس أولويات أعمال الحكومة منذ نهاية عام 2015.
وقضت الصين على قدرة إنتاج الصلب والفحم بحجم أكثر من 65 مليون طن، وأكثر من 290 مليون طن على التوالي في العام الماضي، ليحقق كلاهما الأهداف السنوية المحددة من قبل الحكومة.
وبفضل الجهود المبذولة، أظهر النمو الاقتصادي الصيني على نطاق أوسع إشارات متزايدة على الاستقرار منذ النصف الثاني من العام الماضي، حيث شهدت مؤشرات مثل أسعار المصانع والارباح الصناعية تحسنا ملحوظا.
وشهدت مجموعة واسعة من الصناعات في الصين، مثل الصلب والإسمنت والألمنيوم والزجاج المسطح والفحم، تشغيلا فائض القدرة، الأمر الذي شكل ضغوطا متزايدة على الاقتصاد .
وأوضح لي أن الصين ستواصل سياسة مالية استباقية وفعالة، مع عجز مالي حكومي من المقدر أن يبلغ 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017.
وذكر التقرير أنه في حين أن النسبة بين العجز والناتج المحلي الإجمالي تبقى دون تغيير عن العام الماضي، سيحدد حجم العجز المالي الحكومي عند 2.38 تريليون يوان (حوالي 345 مليار دولار أمريكي)، بزيادة 200 مليار يوان على أساس سنوي.
وبالتفصيل، سيبلغ العجز المتوقع من الحكومة المركزية 1.55 تريليون يوان، في حين يبلغ العجز من الحكومات المحلية 830 مليار يوان.
وذكر أن الحفاظ على النسبة بين العجز والناتج المحلي الإجمالي دون تغيير عند 3 بالمائة يهدف إلى إتاحة الفرص للمزيد من التخفيضات في الضرائب والرسوم.
ومن المتوقع أن العبء الضريبي على الشركات سيتم خفضه بنحو 350 مليار يوان، في حين سيتم خفض المزيد من الرسوم التجارية ذات الصلة بنحو 200 مليار يوان لصالح كيانات السوق.
وأضاف لي "أننا سوف نعمل للحفاظ على الإنفاق الحكومي المنخفض وإثراء شعبنا"، واعدا بأن تخلق الحكومة المزيد من الأموال لتغطية التخفيضات في الضرائب والرسوم.
ومن جهة أخرى، أوضح التقرير أن الصين تخطط لاستثمار 800 مليار يوان (حوالي 116.11 مليار دولار أمريكي) في بناء خطوط السكك الحديدية و1.8 تريليون يوان في مشاريع الطرق العامة والمواصلات المائية خلال العام الجاري.
وستبدأ أعمال بناء 15 مشروعا رئيسيا آخر لتخزين المياه، بالإضافة إلى تسريع وتيرة العمل في المشاريع الرئيسية لتشييد البنى التحتية للنقل عبر سكك الحديد والطيران المدني والاتصالات .
وفي الوقت نفسه، ستبذل الصين جهودا أكبر خلال العام الجاري لتطبيق استيراتيجية التنمية المدفوعة بالابتكار وترقية هيكل الاقتصاد الحقيقي وتحسين أداءه وقوته التنافسية.
وأشار التقرير إلى أن الصين ستقوي قدرتها على الابتكار العلمي والتكنولوجي من خلال تحسين آلية الدعم المستقر والطويل الأمد للبحوث الأساسية والأخرى ذات الابتكارات الأولية ، وبناء منشآت البنية التحتية الوطنية الرئيسية للعلوم والتكنولوجيا ومراكز الابتكار التكنولوجي الوطنية، وبناء منصة لانفتاح الموارد العلمية والتكنولوجية والتمتع المشترك بها، من بين تدابير أخرى.
وبالنسبة إلى سوق العقارات، ذكر لي كه تشيانغ أن الصين ستتخذ سياسات رامية إلى خفض المخزون الضخم لسوق العقارات في المدن على المستوى الثالث والرابع.
وتعهد التقرير بإنشاء آلية طويلة المدى من شأنها تعزيز الثبات واتجاه التنمية لقطاع العقارات ،واتخاذ خطوات متعددة المستويات ومتخصصة لتنظيم السوق.
ويتوجب على المدن التي تعاني من ضغوط بسبب ارتفاع أسعار المساكن فيها إلى توفير إمدادات مناسبة من الأراضي المخصصة لأغراض الإسكان ، كما أنها ملزمة بتنظيم خدمات التطوير العقاري والبيع والوساطة وغيرها .
وتخطط الحكومة لترميم 6 ملايين وحدة سكنية أخرى في الأحياء العشوائية بالمناطق الحضرية في العام الجاري.
العولمة
وعلى الرغم من زيادة المشاعر المناهضة للعولمة والمحاولات لعكس هذا الاتجاه، طمأن لي كه تشيانغ أن الصين تعارض الحمائية في أشكالها المختلفة وستعمل على مستوى أعمق وأكبر من الانفتاح .
من هذا المنطلق، قال لي إن الصين ستدفع بناء مبادرة "الحزام والطريق"، من خلال تسريع بناء ممرات اقتصادية برية ومراكز التعاون البحري وتعميق تعاون القدرات الصناعية الدولية.
ويذكر أن هذه المبادرة التي اقترحتها الصين في عام 2013 تهدف لربط آسيا مع أوروبا وأفريقيا على طول الطرق التجارية القديمة، قد أنجزت بناء مشاريع البنية التحتية من جميع الأنواع ومناطق للتعاون الاقتصادي والتجاري وتوفير فرص العمل.
وستتخذ الصين أيضا خطوات كبيرة لتحسين البيئة للمستثمرين الأجانب، حيث ستسمح الصين للشركات الأجنبية بالمشاركة في المشاريع العلمية والتكنولوجية الوطنية وتشجع الشركات الأجنبية التمويل على الإدراج في البورصة وإصدار السندات في الصين.
وعلاوة عن ذلك، ستواصل الصين تنفيذ إصلاحاتها الموجهة نحو السوق فيما يتعلق بآلية سعر صرف اليوان، والحفاظ على قيمة عملتها في وضع مستقر ضمن النظام النقدي العالمي في عام 2017.
وضعفت العملة الصينية حوالي 6.8 بالمائة مقابل الدولار الأمريكي في العام الماضي، في وقت دفع فيه الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة والتوقعات بمزيد من رفع أسعار الفائدة ارتفاع أسعار الدولار.
ويعتقد محللون أنه على الرغم من التقلبات الحاصلة بسبب قوة الدولار على المدى القصير، إلا أن اليوان سيحافظ على استقراره العام، وبالتالي فإن فرصة حدوث انخفاضات حادة ستصبح ضئيلة، وذلك بدعم من النمو الاقتصادي المستقر والوضع المالي المتوازن والاحتياطيات الوفيرة من النقد الأجنبي في الصين.
السيادة والأمن
يصادف هذا العام الذكرى السنوية الـ20 لعودة هونغ كونغ إلى الوطن الأم والذكرى السنوية الـ18 لعودة ماكاو إلى الوطن الأم .
وقال لي إن ما يسمى "استقلال هونغ كونغ" ليس له أي مستقبل محتمل، متعهدا بالتطبيق الكامل لمبدأ "دولة واحدة ونظامان" في منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة.
وكما أكد لي كه تشيانغ أن الصين ستعارض وتكبح بحزم الأنشطة الانفصالية الساعية لما يسمى "استقلال تايوان"، مضيفا أن" لن نتساهل مع أي نشاط ، تحت أي شكل أو مسمى، يسعى لفصل تايوان عن الوطن الأم ".
من جهة أخرى، ذكر التقرير أن الصين ستعزز من إجراءات السيطرة والمراقبة على حدودها البحرية والجوية في سبيل حماية سيادتها وأمنها.
وأكد التقرير أن الصين ستواصل تعميق الإصلاحات العسكرية، والتمسك بالقيادة المطلقة للحزب الشيوعي الصيني للقوات المسلحة.
وأضاف التقرير أن البلاد ستضمن تنظيم وتخطيط العمليات الهامة المتصلة بمكافحة الإرهاب ، والحفاظ على الاستقرار وصيانة السلام الدولي وحراسة السفن التجارية في أعالي البحار .
وأكد التقرير أن الصين سترفع من قدرتها على الإبداع في علوم وتكنولوجيا الدفاع الوطني، وتعزيز تطوير اللوجستيات والمعدات المتقدمة، فضلا عن تعزيز التكامل بين القطاعين العسكري والمدني.