بكين 2 فبراير 2017 /فى الوقت الذى يبدأ فيه جيمس ماتيس اليوم (الخميس) زيارته الأولى لآسيا كوزير دفاع للولايات المتحدة فإن ما ستقدمه الحكومة الأمريكية الجديدة للمنطقة فيما يبدو أنه هدية أول لقاء تتسم بالخطورة .
ويعد الجنرال السابق الذى ينتمى الى الصقور أول وزير بالحكومة فى إدارة ترامب يقوم بجولة خارجية منذ تنصيب الرئيس الجديد الشهر الماضى . ويقدم هذا لمحة عن الأهمية الاستراتيجية لمنطقة آسيا - الباسيفيك للزعيم الجديد فى واشنطن .
وبرغم أنه من السابق لأوانه الحكم على سياسة البيت الأبيض الشاملة لترامب , فإن طلقات تحذيرية قد أطلقت وتشير إلى أن البليونير الذى أصبح رجل سياسة قد يتبع كتابا ثبت أنه غير فعال واستفزازى .
وقبل يوم واحد من مغادرة ماتيس متوجها الى سول تحدث مع نظيره الكورى الجنوبى هان مين- كوو عبر الهاتف بشأن أن الجانبين سوف يواصلان النشر المزمع لصواريخ ثاد وهو درع دفاعى صاروخى .
ومنذ البداية أعلنت بكين بوضوح ان تركيب هذا النظام الصاروخى يشكل تهديدا شديدا لمصالحها الامنية حيث ان مداه يبلغ الفى كم فى القواعد الأمامية . وبمجرد استكمال النظام والبدء فى التشغيل فان الولايات المتحدة سوف تكون قادرة على النظر الى عمق الاراضى الصينية والروسية بطريقة ملائمة لأغراضها . وقد تعهدت الدولتان بأنهما لن تظلا مكتوفتى الأيدى وتراقبان النظام الصاروخى وهو يتم تنصيبه على اعتاب ابوابهما .
وبالرغم من ان واشنطن وسول تدفع بأن بطاريات ثاد وضعت لمواجهة التهديدات الصاروخية من جانب جمهورية كوريا الديمقراطية ،فإن مواجهة تهديد السلاح بالتهديد بالسلاح لن يحل مطلقا القضية النووية فى شبه الجزيرة الكورية . وعلى العكس فإن مثل هذا التحرك سوف يزيد من ابعاد بيونج يانج وتشجيعها على ان تكون اكثر مجازفة وتبنى المزيد من القنابل وتختبر المزيد من الصواريخ وهو ما يعد مقدمة لسباق تسليح مدمر فى المنطقة .
وبالرغم من ان ادارة ترامب تهدد باعادة التفاوض مع طهران حول الاتفاق النووى التاريخى بين الدولتين ،فإن الاتفاق الذى تم التوصل اليه فى يوليو 2015 ما زال يمثل برهانا حيا على ان تقديم تنازلات دبلوماسية وليس التلويح بالقوة العسكرية يحمل آمالا أفضل لإصلاح المشكلة النووية والحفاظ على نظام عدم الانتشار النووى العالمى .
وبعد وقت قصير من تصديق مجلس الشيوخ الامريكى يوم الاربعاء على ريكس تيلرسون كوزير خارجية جديد للدولة ، تعهد دونالد ترامب بإلقاء نظرة جديدة على السياسة الخارجية للدولة .
فإذا كان الزعيم الأمريكى يعنى ذلك حقا،فإن آسيا- الباسيفيك ربما تكون أفضل ميدان تجارب لاختبار الافكار الجديدة التى يمكن ان تدعم السلام والرخاء الحقيقى والشامل .
إن واشنطن بحاجة الى عدة أمور من بينها العدول عن سياسة عدم الارتباط بقضايا شبه الجزيرة الكورية . وان الأسلوب البناء حقا لإعادة كوريا الديمقراطية الى مائدة المفاوضات هو أن تعتمد الولايات المتحدة على التواصل وليس الإجبار .
وفى منطقة آسيا- الباسيفيك الأوسع على نحو ما اقترح بعض مستشارى ترامب المقربين ،فإن الادارة سوف تتبع " السلام عن طريق القوة " عن طريق تحويل المزيد من سفن البحرية الى المنطقة . وتبدو هذه الفكرة نسخة ذات طابع عسكرى من استراتيجية إدارة أوباما عن محور آسيا .واذا ما كان فريقه متمسكا بذلك النهج الجازم فإن النتيجة يمكن ان تكون معاكسة اذا لم تكن كارثية .
وفى التحليل الاخير فإنه فى عالم توقف عن استخدام اسلوب "مكاسبك هى خسائرى" يمثل السعى الى السلام والمنفعة عن طريق التعاون وليس المواجهة طريقا لامفر منه .