رام الله 23 يناير 2017 /هدد الفلسطينيون اليوم (الاثنين) ، باتخاذ خطوات مضادة حال إقدام الإدارة الأمريكية الجديدة على نقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، خاصة بعد إعلان البيت الأبيض رسميا يوم أمس الأحد أنه في المراحل الأولى من المناقشات حول الأمر.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات للصحفيين، إنه في حال أقدمت الإدارة الأمريكية الجديدة على نقل السفارة ستكون هناك خطوات فلسطينية في المقابل منها "سحب اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل" لأنه لا يمكن لمنظمة التحرير أن تعترف بالقدس بما فيها الشرقية عاصمة لإسرائيل.
وأضاف عريقات، أن الأمر الثاني "انتهاء الصفة التعاقدية في الاتفاقيات الموقعة، وسينفذ ما جاء في المجلس المركزي الفلسطيني من حيث العلاقات السياسية والإقتصادية والأمنية مع إسرائيل".
وأردف أنه سيتم الطلب بتجميد عضوية إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة والسعي إلى تكثف الجهود لإستصدار قرار قضائي من المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية.
وأشار عريقات، إلى أن الجانب الفلسطيني سيقوم بخطوات أخرى منها الدعوة لعقد قمة عربية وإسلامية ودول عدم الانحياز واتخاذ الإجراءات المناسبة في العالمين العربي والإسلامي تجاه هذا الموقف العدائي.
وشدد المسؤول الفلسطيني، على أنه لا معنى أن تكون فلسطين دون أن تكون القدس بأقصاها وقيامتها عاصمة للفلسطينيين.
بدوره اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس خرق للقانون الدولي وخروج عن الالتزامات الدولية.
وقال مجدلاني في بيان صحفي له، إن الحديث عن نقل السفارة إلى القدس يشكل سابقة خطيرة في اختراق القانون الدولي من قبل دولة عضو دائم العضوية في مجلس الأمن الدولي.
وأضاف مجدلاني، أن الخطوة الأمريكية بمثابة خروج من الالتزامات الدولية، ويفتح الباب على مصراعيه أمام مواجهة قانونية دولية.
وكان البيت الأبيض أعلن الليلة الماضية، بحسب ما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية العامة، أنه تم بدء مناقشة المراحل الأولية لنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
ونقلت الإذاعة عن مصادر في الإدارة الأمريكية قولها ، إنه مع ذلك فإن الإعلان عن نقل السفارة لن يكون قريبا.
وعقب إعلان البيت الأبيض أجرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتصالا هاتفيا لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الحليفين، وكذلك الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وأكد ترامب، على الأهمية التي توليها الولايات المتحدة للتعاون العسكري والاستخباراتي والأمني الوثيق مع إسرائيل، والتي "تعكس الشراكة العميقة والمستمرة بين البلدين"، وفقا لبيان صدر عن البيت الأبيض.
وأكد ترامب، التزامه غير المسبوق بأمن إسرائيل، معتبرا أن إحلال السلام بين إسرائيل والفلسطينيين لا يمكن أن يتم إلا عبر التفاوض المباشر بين الطرفين، وأن الولايات المتحدة ستعمل بشكل وثيق مع إسرائيل لإحراز تقدم نحو ذلك الهدف.
وخلال المحادثة الهاتفية، دعا ترامب نتنياهو أيضا إلى عقد لقاء مطلع فبراير القادم في البيت الأبيض.
ويبذل الفلسطينيون جهودا كبيرة من أجل منع الخطوة الأمريكية التي من شأنها أن تفجر الأوضاع في المنطقة بكاملها بحسب ما صدر عن مسؤولين فلسطينيين.
وفي هذا الإطار قال وزير الخارجية في السلطة الفلسطينية رياض المالكي لإذاعة (صوت فلسطين) الرسمية، إنه سيلتقي في وقت لاحق اليوم مع مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، ووزير الخارجية الأسباني خوسيه مانويل مارجايو، ووزراء خارجية آخرين عرب وأجانب على هامش مشاركته في قمة الاتحاد من أجل المتوسط المنعقدة في مدينة برشلونة الأسبانية.
وأضاف المالكي، أن اللقاءات ستنصب على القلق البالغ الذي أصبح يعم الجميع والمرتبط بنية الإدارة الأمريكية الحالية في نقل سفارة بلادها من تل أبيب إلى القدس.
وأوضح المسؤول الفلسطيني، أنه خلال اللقاءات سنحاول فهم الموقف الأوروبي في حال تم ذلك وكيف يمكن التعاون مع الأوروبيين من أجل الضغط على الإدارة الأمريكية لمنع اتخاذ مثل هذه الخطوة.
وأشار المالكي، إلى أن اللقاءات فرصة من أجل تجديد الاتصالات واللقاءات والتشاور مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بكيفية العمل على تنفيذ قرار مجلس الأمن الأخير 2334 وتحديد الخطوات الضرورية من قبل الاتحاد لتنفيذ ما جاء في موضوع الاستيطان.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتفق خلال لقاء عقد يوم أمس في العاصمة الأردنية عمان مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بحسب ما نشرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، على اتخاذ سلسلة من الخطوات ردا على نقل السفارة.
وقال عباس بحسب الوكالة، إن زيارة الوفد المرافق للأردن الشقيق ضرورية ومفيدة، خاصة أن الملك عبد الله الثاني سيكون في زيارة قريبة لواشنطن وموسكو، وبالتالي لابد من تنسيق المواقف بين البلدين الشقيقين.
وأضاف أن ما يدور حول نقل السفارة الأمريكية للقدس "أمر يهم الملك ويهمنا، وكان لا بد من التنسيق والتأكيد على النقاط مع بعضنا البعض في مواجهة هذه الإجراءات التي إن حدثت ستكون عواقبها وخيمة".
وتابع عباس، "نتمنى على الإدارة الأمريكية الجديدة أمرين، الأول أن تتوقف عن الحديث حول نقل السفارة للقدس، والأمر الثاني أن تشتبك معنا في مفاوضات جدية بيننا وبين الإسرائيليين للوصول إلى حل سياسي، وهذا هو أفضل شيء بالنسبة لنا وللإسرائيليين وللمنطقة كلها".
وأكد الرئيس الفلسطيني، أنه "إذا حصل نقل السفارة فلدينا إجراءات اتفقنا على اتخاذها سويا مع الأردن ونتمنى على الإدارة الأمريكية أن لا تفعل ذلك".
وفي السياق اعتبر عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) عباس زكي، أن نقل السفارة إلى القدس من شأنه "فتح أبواب جهنم في المنطقة"، واصفا إياه بالعمل "المدمر".
وقال زكي في بيان صحفي له، "نحن لا نرى فلسطين دون القدس ، ونقل السفارة يعني فتح أبواب جهنم في المنطقة (..) لأن السلام يبدأ من القدس والنار تندلع من القدس".
وأضاف، "نعد أنفسنا لمواجهة ساخنة مع الولايات المتحدة الأمريكية في حال أقدمت على نقل سفارتها، لافتا إلى أن "الرابح من هذه المواجهة الفلسطينيين رغم التضحيات والثمن الذي سيدفعونه".
وأكد زكي، أن مجرد "نقل السفارة هو ترجمة عملية للتحالف الاستراتيجي الأمريكي الصهيوني وانقلاب على الإدارات الأمريكية السابقة التي لم تجرؤ على القيام بذلك".
من جهتها اعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إقدام الإدارة الأمريكية على نقل السفارة "يشكل انتهاكا فاضحا للشرعية الدولية وقراراتها ذات الصلة بالصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي، ولموقف المجتمع الدولي الرافض أي مس بالمكانة السياسة والقانونية لمدينة القدس".
ورأت الجبهة في بيان صحفي لها تلقت وكالة أنباء ((شينخوا)) نسخة منه، أي قرار بنقل السفارة "عدوان سافر على الشعب الفلسطيني، ودعم مطلق للاحتلال، ويأتي في سياق سياسة أمريكية باتت أكثر انحيازا ودعما لسياسات الكيان الصهيوني وخصوصا في الاستيطان".
وقالت الجبهة، إن الخطوة "تضع الإدارة الأمريكية أكثر من أي وقت مضى في موقع العدو المباشر للشعب الفلسطيني وللشعوب العربية، بكل ما يترتب على ذلك من تداعيات خطيرة لن تكون تلك الإدارة بمنأى عنها".
وفي الإطار أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن القدس مدينة فلسطينية محتلة "لن يتم التفريط بشبر منها".
وشددت الحركة على لسان الناطق باسمها عبد اللطيف القانوع في بيان صحفي، على أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس يمثل "ترسيخا للاحتلال الإسرائيلي وتعزيزه واستفزازا لمشاعر كل المسلمين".
وحذرت الحركة في بيانها، من أن الإقدام على تلك الخطوة، "سيصب جام غضب شعبنا على الكيان (الإسرائيلي)".
ويريد الفلسطينيون إعلان القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى عاصمة لدولتهم العتيدة، فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها.
ولا يعترف المجتمع الدولي بالقدس عاصمة لإسرائيل منذ إعلانها القدس الغربية عاصمة لها عام 1950 منتهكة بذلك "قرار التقسيم" الصادر عن الأمم المتحدة في 1947 وينص على منح القدس وبيت لحم وضعا دوليا.
وازداد هذا الرفض بعد احتلال إسرائيل للقدس الشرقية وضمها في يونيو عام 1967.