بقلم/ عماد الأزرق
القاهرة 16 يناير 2017 /قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر اليوم (الاثنين) بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، وأن استمرار السيادة المصرية عليهما "مقطوعا بها".
وأيدت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا، برئاسة المستشار أحمد الشاذلي نائب رئيس مجلس الدولة، الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (أول درجة) ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المشتركة بين مصر والمملكة العربية السعودية، والمتضمنة نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية.
وكانت الحكومتان المصرية والسعودية وقعتا اتفاقية ترسيم وتعيين الحدود البحرية، خلال زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز للقاهرة فى شهر أبريل الماضي، يتم بمقتضاها نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى المملكة العربية السعودية.
ومنذ ذلك الحين والاتفاقية تثير حالة من الجدل، ووقعت مظاهرات معارضة في 25 إبريل الماضي.
وكانت المحكمة الادارية "أول درجة" قد قضت في شهر يونيو الماضي ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين القاهرة والرياض، قبل أن تطعن الحكومة مجددا على الحكم.
وذكرت محكمة الادارية العليا في حيثيات حكمها الصادر اليوم، " أنه قد وقر فى يقينها، واستقر فى عقيدتها أن سيادة مصر على جزيرتى تيران وصنافير، مقطوع به بأدلة دامغة استقتها المحكمة من مصادر عدة وممارسات داخلية ودولية شتى قطعت الشك باليقين بأنهما خاضعتان لسيادتها – وحدها دون غيرها – على مدار حقب من التاريخ طالت".
وأضافت المحكمة أن " دخول الجزيرتين ضمن الإقليم المصرى يسمو لليقين من وجهين أولهما أن سيادة مصر عليهما مقطوع به، وثانيهما ما وقع تحت بصر المحكمة من مستندات وبراهين وأدلة وخرائط تنطق بإفصاح جهير بوقوعهما ضمن الإقليم المصرى".
وأكدت المحكمة أنه "يحظر على كافة سلطات الدولة، بل والشعب ذاته بأمر الدستور، إبرام ثمة معاهدة أو اتخاذ إجراء يؤدى إلى التنازل عن الجزيرتين"
واشارت إلى أن الحكم المطعون فيه (حكم أول درجة) قد صدر مرتكزا على صحيح حكم القانون والواقع.
واستعرضت المحكمة مجموعة من الوثائق والمكاتبات الرسمية والقرارات الرسمية واللوائح التنفيذية واجتماعات لمجلس الأمن، والتي تؤكد السيادة المصرية على جزيرتي تيران وصنافير (..).
وأضافت المحكمة أن أوراق الطعن خلت من ثمة وثيقة أو معاهدة تشير إلى أن دولة أخري غير جمهورية مصر العربية، قد مارست سيادتها المشروعة على جزيرتي تيران وصنافير في أى وقت من الأوقات، بحسبانهما ضمن الإقليم المصرى المحظور التنازل عن أى جزء منه.
وأردفت قائلة "كما لم يثبت على الأطلاق ممارسة المملكة العربية السعودية لأدنى مظهر من مظاهر السيادة علي الجزيرتين سواء قبل إعلان المملكة عام 1932 أو بعدها، كما خلت الأوراق من ثمة نص فى معاهدة أو اتفاق مكتوب بين مصر والسعودية يفيد فى أى حقبة من حقب الزمان أن الأخيرة تنازلت أو سمحت لمصر بالوجود العسكرى عليهما".
وأوضحت المحكمة أن قواعد القانون الدولى لا تعتد إلا بالاتفاقيات المكتوبة والموقعة من الطرفين فى مثل هذه الحالات الهامة.
وأكدت أن الإجراء الإدارى الذى سمته الحكومة المصرية في تقرير طعنها اتفاقا مبدئيا بترسيم الحدود وما نتج عنه من تنازل عن الجزيرتين(..)، مخالفا للدستور والقانون لوروده على حظر دستورى مخاطبا به السلطات الثلاث والشعب ذاته، ولانطوائه على خطأ تاريخى جسيم غير مسبوق يمس كيان تراب الوطن المملوك للشعب المصرى (..)، وليس ملكا لسلطة من سلطات الدولة.
وتعد الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا نهائية وباتة، لا يجوز الطعن عليها.
وقوبل الحكم بفرحة عارمة بأوساط الحضور بقاعة المحكمة الذين حرصوا على ترديد كلمة "مصرية .. مصرية"، كما رددوا النشيد الوطني المصري.
وخارج المحكمة، ورغم الاجراءات الأمنية المشددة، احتفل المئات من معارضي اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية بالحكم الصادر ببطلان الاتفاقية.
وحمل المحتفلون الذين نظموا مسيرات في الشوارع الجانبية المحيطة بمجلس الدولة، لافتات كتب عليها عبارات " تيران وصنافير مصرية"، "مصرية .. مصرية"، رافعين أعلام مصر.
ورددوا هتافات " أهلا أهلا يا تيران .. أهلا أهلا يا صنافير"، و"عيش حرية الجزر دي مصرية"، و"مصرية .. مصرية"، فيما بادلهم قائدوا السيارات باطلاق ألات التنبيه والتلويح باشارة النصر.
وكان محيط مقر مجلس الدولة الذي شهد صدور الحكم، قد شهد انتشار أمنيا مكثفا معززا بالأليات والمدرعات، ووقعت بعض المشادات.
في المقابل، أصدر ائتلاف دعم مصر بمجلس النواب المصري، بيانا اعلاميا تعليقا على الحكم الصادر، مؤكدا على أن الدستور قرر مبدأ الفصل بين السلطات، وأوجب على جميع السلطات احترامه.
وأوضح أن مجلس النواب يرعى هذا المبدأ ويحرص عليه، وسوف يكون حريصا على ممارسة دوره الدستوري في نظر الاتفاقيات الدولية ولن يفرض فيها.
وأضاف البيان أن صدور هذا الحكم لا يغير من حقيقة أن الاختصاص الدستوري بتقرير طريقة إقرار الاتفاقية أو كونها مخالفة لاحكام الدستور أو تتضمن تنازلا عن الأراضي المصرية منعقد للبرلمان.
وأحالت الحكومة المصرية اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية إلى البرلمان أواخر الشهر الماضي لمناقشتها والتصديق عليها طبقا للإجراءات القانونية والدستورية، وفقا لبيان الحكومة المصرية.
وتبلغ مساحة جزيرة تيران 80 كيلو مترا مربعا، وتقع في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، بينما تصل مساحة جزيرة صنافير 33 كيلو مترا مربعا، وتقع شرق مضيق تيران.