القاهرة 23 نوفمبر 2016 / دعا خبراء مصريون وفلسطينيون إلى ضرورة عقد مؤتمر بالقاهرة للمصالحة الوطنية لترتيب البيت الفلسطيني، وفي اسرع وقت ممكن.
واوصى المشاركون بمؤتمر "دور الإعلام في دعم المجتمع الفلسطيني - التحديات والفرص" الذي نظمته مؤسسة الأهرام بالقاهرة اليوم (الأربعاء)، بدعوة مصر إلى استضافة حوار وطني فلسطيني شامل في أسرع وقت ممكن من أجل إنهاء الانقسام، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني لمواجهة التحديات التي تمر بها القضية الفلسطينية في ضوء المتغيرات التي تشهدها المنطقة وتراجع القضية على سلم اهتمامات المجتمع الدولي والنظام الإقليمي والدولي.
وعقد آخر لقاء بين حماس التي تسيطر على قطاع غزة بالقوة منذ منتصف عام 2007 والمسؤولين المصريين في القاهرة في أبريل الماضي، وتعهدت خلاله الحركة بضبط الحدود بين غزة ومصر مقابل تسهيلات مصرية للقطاع.
ويعاني الفلسطينيون من انقسام داخلي في مواقفهم منذ منتصف عام 2007 أثر سيطرة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على الأوضاع في قطاع غزة بالقوة بعد جولات اقتتال مع السلطة الفلسطينية.
وكانت مصر قد أبدت خلال لقاء بين وفد من حركة (الجهاد الإسلامي) الفلسطينية برئاسة أمينها العام رمضان شلح ورئيس المخابرات العامة المصرية خالد فوزي في القاهرة، استعدادها الاسبوع الماضي لاستضافة ورعاية حوار وطني لترتيب البيت الفلسطيني.
كما أوصى المؤتمر الذي عقد بحضور عدد كبير من الصحفيين والإعلاميين والأكاديميين والمثقفين الفلسطينيين والمصريين، بضرورة حث القنوات الإخبارية العربية على ضبط أجندتها مجددا بشكل يمنح فلسطين المرتبة الأولى، ويصوب البوصلة نحو معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.
وكذلك إطلاق عدد من القنوات الفلسطينية المهنية والمتخصصة من مدينة الإنتاج الإعلامي في مصر، وأن تكون من بينها قناة أو أكثر ناطقة باللغة الإنجليزية وتحمل رسالتها للعالم من منظور قومي عربي ووطني فلسطيني.
ودعا المؤتمر إلى ضرورة فتح المجال أمام الكوادر الإعلامية الفلسطينية للانتشار والعمل في القنوات الإخبارية العربية المختلفة بما يحقق تعزيز الرسالة الفلسطينية وحضورها بشكل أفضل في كافة القنوات ويحد من أزمة البطالة ويوقف هجرة العقول إلى الغرب.
ونادى بضرورة تشجيع القنوات العربية المختلفة على فتح مكاتب لها في فلسطين، وفضح ممارسات الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني خاصة في مدينة القدس، واستغلال الاتفاقيات الموجودة مع دولة الاحتلال لوصول الطواقم العربية إلى أماكن لا تصل إليها الطواقم الفلسطينية، ولكن دون التطبيع مع الاحتلال وقنواته ووسائله الإعلامية.
وأوصى بعمل اتفاقيات لتبادل الخبرات والتوأمة في المجالات الإعلامية المختلفة، وتشجيع الإنتاج الوثائقي والدرامي بما يخدم القضية الفلسطينية، و شرح القضايا الفلسطينية المختلفة وبلغات ولهجات الفلسطينيين المحكية، وهو أمر كانت تحرص عليه السينما المصرية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي.
وقال الدكتور عبد المنعم المشاط أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة إن هناك مجموعة من الآليات التي ينبغي القيام بها لإعادة القضية الفلسطينية على جدول أعمال النظام الدولي سواء القوى الفاعلة فيه أو المنظمات الدولية النشطة به.
وأضاف المشاط أن بين هذه الآليات، عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية الفلسطينية الذي يعد حجر الزاوية في إنهاء الانقسام وإعادة إحياء القضية الفلسطينية بصورة فعالة، والتغطية الإعلامية العربية الرشيدة والفعالة لما يحدث في الأراضي الفلسطينية من انتهاكات إسرائيلية لينقل عنها الإعلام الإقليمي والدولي.
واشار إلى أن الدفع بالقضايا الوطنية إلى مصاف الاهتمام الإقليمي والدولي ليس بالأمر الهين، موضحا أنه مشروع ضخم يتطلب تكريس قوى ذهنية وعقلية وسياسية وتحقيق تجانس قوي داخل الرسالتين الإعلامية والسياسية تجنبًا للضبابية والغموض.
ونوه إلى أنه وبصرف النظر عن الحزب الحاكم في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن هناك التزاما أمريكيا أصيلا بأمن وسلامة إسرائيل، وبغض النظر عن الأسباب، فإن هذه الحقيقة ينبغي التعامل معها في الوقت الراهن.
وأوضح أنه من القواعد الثابتة في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي أن الفلسطينيين لن يتنازلوا عن حقهم في إنشاء دولة وطنية مستقلة، مؤكدا أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي شبه مستحيل لأن الضفة الغربية وغزة أوسع بكثير من قدرة إسرائيل على احتلالها أبديا، كما أن الاحتلال يهدد يهودية إسرائيل ويهدد استقرارها.
ورأى المشاط أنه من الصعب أن يتوقع أحد إعادة اللحمة إلى النظام الإقليمي العربي في المدى القصير نتيجة انشغال أطرافه الرئيسيين بقضاياهم الوطنية المُلحة.
وأعرب عن اعتقاده أن هناك عناصر تغير يمكن استخدامها في الدفع بالقضية الفلسطينية إلى الأولوية في جدول أعمال النظام الدولي، إذ يشكل صعود اليمين المحافظ المتطرف في النظام الدولي فرصة سانحة للدفع بالقضية الفلسطينية في إطار سعي الدول الكبرى إلى الانغماس في شئونها الداخلية وعدم تشتيت الجهد إزاء القضية الفلسطينية.
وطالب بحتمية احتواء الحروب الإقليمية (الصراعات والخلافات العربية-العربية)، مؤكدا أن تلك الحروب والخلافات لا يستفيد منها إلا دول الجوار.
فيما أكد الدكتور علي الدين هلال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، على أنه لا يوجد سبب حقيقي للانقسام الحادث حاليا بين فتح وحماس.
وأعرب هلال عن دهشته من أن كل محاولات التوحد بين الفلسطينيين تفشل، مؤكدا أنه لا يوجد سبب معقول لهذا الانقسام، محذرا في الوقت نفسه من استخدام لغة التخوين مع كل من اختلف معه في الرأي سياسيا.
ونوه إلى أن مصر تفصح عن اهتمام أكبر بالقضية الفلسطينية الآن، وتلتقي مباشرة مع مكونات الشعب الفلسطيني وليس من خلال ممثلين عنهم، معربا عن اعتزازه بأن مصر هى إحدى الدول القليلة التي لم تتلوث يدها بدماء الفلسطينيين ولم تعط سلاحا أو مالا أو دعما لأي فريق فلسطيني لمحاربة فريق آخر .
وشدد على أن مصر كانت وما زالت هى الداعم الرئيسي للقضية الفلسطينية، موضحا أن مصر منذ بداية الأزمة تعمل على تطوير الصوت الفلسطيني الواحد المعبر عن الإرادة الفلسطينية، وتعمل دائما على تقليل التدخلات في الشأن الفلسطيني، وأنها ستظل دائما مع ما يتفق عليه الفلسطينيون .
من جانبه، حذر الدكتور صبحي عسيلة الخبير بمركز الدراسات السياسية بالأهرام من الأزمة الشديدة التي تمر بها حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحالة الصراع السياسي والشخصي بين قياداتها، داعيا مصر إلى بذل كل الجهود الممكنة، مؤكدا على أن الطرف الوحيد الراغب والقادر على حماية فتح حتى من نفسها هو مصر.
ونبه عسيلة إلى تراجع نصيب حركة فتح في مواجهة الفصائل الأخرى خاصة حماس في الانتخابات التي أجريت قبل عقد من الزمن والتي وصفها بأنها واحدة من أهم تجليات الوضع المأزوم التي مرت وتمر بها فتح إضافة إلى حالة الصراع السياسي والشخصي بين قيادات الحركة وأعضائها بالشكل الذي بات يهدد كيان الحركة.
وقال "إن الدعوة التي أطلقها الرئيس محمود عباس لعقد مؤتمر حركة فتح السابع جددت الآمال في إقالة الحركة من أزمتها باعتبار أن عقد المؤتمر كان مطلبا فتحاويا ملحا ، وفي مقابل ذلك فإن الدعوة للمؤتمر أثارت الكثير من الشكوك حول قدرة المؤتمر في التعامل مع أزمة الحركة".