17 أكتوبر 2016 / أعلن القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي فجر اليوم (الاثنين) إنطلاق عملية تحرير محافظة نينوى شمالي العراق ومركزها مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي..
أعلن العبادي ذلك في كلمة ألقاها من مقر قيادة العمليات المشتركة بحضور رئيس الأركان العراقي الفريق أول عثمان الغانمي وكبار القيادات العسكرية، وقد بادرت واشنطن بإبداء ترحيبها بالعملية العراقية.
وعلق خبراء صينيون في الشؤون الدولية على العملية وقالوا إنها جاءت عقب سلسلة من الانتصارات التي حققها المجتمع الدولى في مكافحة داعش بعد تضافر جهود اللاعبين الدوليين الرئيسيين في هذا الصدد، محذرين من أنه من السابق لأوانه القول بأن حرب الموصل ستدق آخر مسمار في نعش التنظيم المتطرف.
-- انتصارات متتالية في الحرب على تنظيم داعش
وتأتي حرب استعادة السيطرة على الموصل عقب سلسلة من الانتصارات حققتها الدول العربية وعلى الأخص العراق وسوريا وليبيا في معركتها ضد داعش ، آخرها سيطرة فصائل سورية معارضة أمس الأحد على بلدة دابق القريبة من الحدود التركية، ونظرا لما تحظى البلدة الصغيرة بأهمية رمزية كبيرة لدى تنظيم الدولة الإسلامية لاعتقاده بأنها ستشهد أكبر معاركه، أعربت وزارة الخارجية السعودية عن ترحيب المملكة بتحرير البلدة من قبضة التنظيم، معتبرة إياها "ضربة جديدة، لما تحمله البلدة من بعد رمزي للتنظيم الإرهابي ، وخطوة مهمة في طريق دحر الإرهاب".
وفي ليبيا، أعلن المتحدث باسم عملية "البنيان المرصوص" التابعة للمجلس الرئاسي الليبي العميد محمد الغصري يوم 12 الأربعاء أن معركة تحرير سرت قد حسمت من الناحية العسكرية، مؤكدأ أن كل المنافذ أغلقت في وجه عناصر تنظيم "داعش "من قبل المقاتلين وبالتنسيق التام مع سلاحي الجو والبحرية، ولم يبق أمام بقاياهم إلا الاستسلام ، مضيفا أن مهمة العملية ليست تحرير مدينة سرت فقط، وإنما تخليص البلاد من خطر داعش.
ومن جهته، أكد تنظيم داعش يوم 10 أكتوبر مقتل مسؤوله الإعلامي وائل عادل حسن سلمان الفياض، المعروف باسم "أبو محمد الفرقان"، والذي وصفه بأنه "أمير ديوان الإعلام المركزي" وكان "ساعدا مقربا" للقيادي الثاني في التنظيم أبو محمد العدناني، الذي قتل في غارة يوم 30 أغسطس الماضي.
ونقلت صحيفة ()الإندبندنت() البريطانية في عددها الصادر يوم 10 أكتوبر عن محللين قولهم إن تنظيم داعش قد فقد أكثر من ربع الأراضي التي سيطر عليها في سوريا والعراق.
وكشف تقرير إخباري صادر عن مؤسسة "آي.أتش.أس" للأبحاث الدولية ومقرها لندن أن المنطقة التي كانت تخضع لسيطرة التنظيم تقلصت بنسبة 28 بالمئة منذ توهج التنظيم في يناير من العام الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في التسعة أشهر الأولى من هذا العام، فقد داعش جزءا من أراضيه بما يعادل تقريبا مساحة دولة سيريلانكا، بمساحة إجمالية تقلصت من 115،30 ميل مربع إلى 290،25 ميل مربع.
-- التوافق والتعاون الدوليين كانا عاملين رئيسيين فى الانتصار
وتعليقا على هذه الانتصارات أمام داعش، عزا الخبراء الصينيون السبب إلى تعديل المجتمع الدولى استراتيجيته في الحرب على التنظيم والأهم من ذلك هو توافق اللاعبين الرئيسيين المعنيين خاصة الولايا ت المتحدة وروسيا في معاملتهما مع داعش.
وأوضح لي شاو شيان، مدير معهد البحوث لشؤون الدول العربية بجامعة نينغشيا، أن المجتمع الدولى كان عاجزا في الحرب على داعش، إذ أن لكل دولة وكل قوة معنية بهذا الشأن مصلحتها الخاصة وخططها الشخصية، الأمر الذي صعب من التوصل إلى توافق وتشكيل قوة موحدة لدحره.
وأكد لي وى، الخبير في شؤون مكافحة الإرهاب بمعهد البحوث الصينى للعلاقات الدولية المعاصرة، أن الولايات المتحدة كانت تتمتع بقدرة ساحقة ودور حاسم في الحرب على داعش، لكنها، على الرغم من قيادتها للتحالف الدولى لضرب داعش، لم تعقد العزم أبدا على ذلك إنطلاقا من اعتقادها بأن هزيمة داعش سيصب في مصلحة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لذا لم تبذل كل ما في وسعها من جهود لضرب التنظيم بل عرقلت من حين لآخر عمليات روسيا، وفقا لقوله.
وأوضح لي وى أن الولايات المتحدة غيرت استراتيجيتها بعد أن انتزعت روسيا، منافس واشنطن الأول ، مكانة الأخيرة الرائدة فى الشؤون الدولية من خلال مبادرة موسكو في الحرب على داعش وما حققته من نتائج ملحوظة في هذا الصدد. علاوة على ذلك، ستنتهى فترة ولاية إدارة أوباما بنهاية هذه السنة، وبالتالي يريد ضم الانتصار -- في حال تحقق- على داعش إلى سلة إرثه شبه الفارغة.
واعتبر لى شاو شيان تغير الموقف التركي إزاء تنظيم داعش واحدا من العناصر الجوهرية في التوصل إلى توافق وهزيمة التنظيم، إذ أنها أحكمت جانب حدودها مع العراق وسوريا للحيلولة دون تدفق المقاتلين المتطرفين الأجانب إلى البلدين للمشاركة فيما يسمى بالحرب الجهادية، بل وقاتلت بشكل مباشر عناصر التنظيم خاصة في المناطق المتاخمة لسوريا والعراق.
ومنذ بدء تركيا هجومها في شمال سوريا، تمكنت الفصائل السورية من السيطرة على 1130 كيلومترا مربعا على طول الحدود في محافظة حلب، بحسب وكالة ((الأناضول)) شبه الرسمية التركية.
وأكد لى وى أنه على الرغم من نشوب حرب كلامية حادة بين تركيا والعراق حول معسكر المعشيقة ونية تركيا المشاركة في معركة استعادة الموصل وما رافقها من استدعاء السفراء في الجانبين، إلا أن الأمور هدأت، اتساقا مع رغبة الدول الكبرى المعنية في التعاون في هذه القضية.
-- تطهير داعش ما زال طريقا طويلا وبعيد المنال
وأكد الخبراء الصينيون أهمية عملية استعادة الموصل التي تأتي بعد فترة طويلة من إعلان الحكومة العراقية عزمها على ذلك، مشيرين إلى أنها قد تكون حربا حاسمة ضد التنظيم نظرا لما تشكله الموصل كمعقل كبير له، وتعيد إلى الأذهان العملية العسكرية البرية التي أدت إلى استعادة السيطرة على مدينة الفلوجة في يونيو الماضي.
غير أنهم توقعوا بأن تكون الحرب طويلة وصعبة، محذرين من تهاوي التعاون الهش بين المعسكرين بقيادة الولايات المتحدة وروسيا في ضوء إيمان واشنطن المتجذر بأن أكبر المستفيدين من هزيمة داعش هي روسيا وحلفائها في المنطقة بما في ذلك إيران وسوريا والعراق.
كما أبدى الخبراء عدم تفاؤلهم إزاء تطهير داعش، إذ أن" ظهور داعش ووجوده وتفشيه كان نتيجة ما حل بالتوازن السياسي في منطقة الشرق الأوسط من انهيار عقب شن الولايات المتحدة الحرب العراقية تنفيذا لاستراتيجيتها المسماة بالشرق الأوسط الكبير"، وفقا لدونغ ما يوان.
وحذر الباحث بمعهد البحوث الصيني للقضايا الدولية: " إذا لم يتم التوصل إلى توافق بين القوى الكبرى حول الترتيبات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، في المقدمة منها سوريا وإستعادة توازن القوى في المنطقة، سيكون تطهير داعش مجرد حبر على ورق".
وأضاف دونغ أن داعش في مقاومة الضربات العراقية والدولية قد يلجأ إلى تنشيط أنشطته في أوروبا والولايات المتحدة وشن هجمات انتحارية لتشتيت التركيز الغربي عنه وتخفيف الضغط عن مقاتليه في ساحات القتال الرئيسية بالعراق وسوريا، كما قد تؤدى الضربات الشديدة له إلى تفريق عناصره إلى دول "ضعيفة" مثل الصومال أو ليبيا لإنشاء معاقل له هناك أو تعزيز نفوذه في المنطقة الواقعة بين باكستان وأفغانستان.
واختتم دونغ: "داعش كعدو مشترك للمجتمع الدولى، سيتم سحقه في يوم من الأيام لكن الطريق لتحقيق ذلك طويل وبعيد ومن السابق لأوانه القول إن حرب تحرير الموصل ستدق آخر مسمار في نعشه".