رام الله 13 أكتوبر 2016 /رحب الفلسطينيون اليوم (الخميس) بتبني منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) قرارا فلسطينيا عربيا مشتركا بشأن القدس، وسط غضب إسرائيلي رسمي.
وتبنت اليونيسكو في وقت سابق اليوم مشروع قرار فلسطينيا عربيا مشتركا ينكر أي علاقة تاريخية بين الشعب اليهودي والأماكن المقدسة في القدس.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية العامة إن 24 دولة أيدت مشروع القرار، فيما عارضته 6 دول وامتنعت 26 دولة عن التصويت.
وأضافت الإذاعة أن أي دولة أوروبية لم تؤيد مشروع القرار.
وقال الناطق باسم الرئاسة نبيل ابو ردينة في بيان صحفي نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن القرارات الدولية المستمرة ضد الاحتلال وسياساته تشكل رسالة واضحة من قبل المجتمع الدولي بأنه لا يوافق على السياسة التي تحمي الاحتلال وتساهم بخلق الفوضى وعدم الاستقرار.
وأَضاف ابو ردينة أن هذا القرار يؤكد على ضرورة قيام الولايات المتحدة الأمريكية بمراجعة سياساتها الخاطئة المتمثلة بتشجيع إسرائيل على الاستمرار باحتلالها للأراضي الفلسطينية.
وتابع "كذلك هي رسالة هامة لإسرائيل بضرورة إنهاء احتلالها، والاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية بمقدساتها المسيحية والإسلامية، وإنهاء سياستها التي لا تساهم سوى في استمرار أجواء ومناخات سلبية انعكست على المنطقة، وهي مرفوضة من قبل المجتمع الدولي".
كما رحب وزير الخارجية في السلطة الفلسطينية رياض المالكي بنتائج التصويت، مؤكدا أنه هو مؤشر على التزام غالبية الدول الأعضاء في محاربة الإفلات من العقاب واتساق مواقفها مع قواعد القانون الدولي، والمبادئ التي أنشئت لأجلها منظمة (اليونسكو).
وأعرب المالكي في بيان عن "الاستياء من موقف الدول التي لم تصوت لصالح القرارات لتماهي هذه الدول مع حملة البلطجة والعلاقات العامة التي أدارتها إسرائيل على الرغم من أن هذه الدول على اطلاع تام بخطورة الاوضاع في القدس"، مشددا على أنه "من المؤسف أن تتخذ الدول هكذا موقف".
وقال "إن صرف إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، الملايين على حملات العلاقات العامة وتشويه الحقائق حول الاستعمار غير الشرعي في أرضنا لن تجديها نفعا"، لافتا إلى أن الحل الوحيد أمامها هو "الاعتراف بحقوق شعبنا وإنهاء احتلالها لدولة فلسطين، وان تتوقف عن جميع ممارستها غير الشرعية في ارض دولة فلسطين وخاصة في القدس الشرقية".
وأكد المالكي "أننا سندافع عن حقوق شعبنا باستخدام الأدوات القانونية والدبلوماسية كافة، بما فيها من خلال مؤسسات القانون الدولي، والأمم المتحدة".
ودعا دول المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة وخاصة (اليونسكو) لحماية ارث دولة فلسطين من التشويه، وانكار الحقائق، بما فيها من خلال حماية مدينة القدس باعتبارها تراثا عالميا مهددا بالخطر، خاصة امام محاولات تشويه وجهها الحضاري المسيحي والاسلامي.
وطالب المالكي بالضغط على إسرائيل لوقف إجراءاتها غير الشرعية ومواجهتها، مؤكدا على أن القدس "هي العاصمة الأبدية لدولة فلسطين لن تقبل التهويد، أو تشويه التاريخ، والديمغرافية، وستبقى إرثا عالميا مصانا".
بدوره، اعتبر وزير الأوقاف والشؤون الدينية في السلطة الفلسطينية يوسف ادعيس، أن قرار اليونسكو "سيعمل على حماية المسجد الأقصى في ظل المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي في المدينة المقدسة".
وأكد ادعيس في بيان على ضرورة تضافر الجهود العربية والإسلامية والعالمية كافة للحفاظ على مدينة القدس وعلى ضرورة التحرك السريع للدفاع عن الفلسطينيين ومقدساتها من "إرهاب الاحتلال" المتواصل على الحقوق والمقدسات الفلسطينية.
وأشار إلى أن حماية الأماكن المقدسة في فلسطين "لا تقع على عاتق الفلسطينيين وحدهم بل هو بحاجة إلى دعـم ومساندة كافة أبناء العالمين العربي والإسلامي والشرفاء في جميع أنحاء العالم لتحمل مسؤولياتهم تجاه الأماكن المقدسة والعمل على وضع برنامج عملي على أرض الواقع لمواجهة هذه الهجمة المسعورة".
من جهتها، اعتبرت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) تبني القرار من المنظمة الدولية يمثل "انتصارا هاما للشعب الفلسطيني وللمرابطين في القدس والأقصى وللقيادة الوطنية".
وأثنى الناطق باسم الحركة أسامة القواسمي في بيان صحفي على القرار بما تضمنه من نفي مطلق لوجود أية علاقة تاريخية يهودية بمدينة القدس عموما وبالمسجد الأقصى خصوصا.
وقال إن "الأهمية الأولى لهذا القرار تكمن في مضمونه، والذي ينفي بصراحة مطلقه أية علاقة تاريخية لليهود في القدس بأكملها، وفي المسجد الأقصى على وجه الخصوص، وينفي قطعيا الرواية الإسرائيلية المزعومة".
وأضاف القواسمي أن أهميته الثانية "هي في توقيته، خاصة في ظل ارتفاع وتيرة التهويد والاقتحامات للمسجد الاقصى وباحاته وعمليات الاعتداءات والهدم والتهويد المستعرة".
في المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) إن "مسرح العبث في اليونسكو يستمر".
وأضاف نتنياهو "اعتمدت هذه المنظمة اليوم قرارا سخيفا آخر يقول إنه ليست للشعب اليهودي علاقة بجبل الهيكل وبالحائط الغربي"، لافتا إلى أن "مندوبي الدول الأعضاء في اليونسكو لم يقرأوا التوراة ولكن أقترح عليهم أن يزوروا (باب تيتوس) في روما حيث سيرون ما جلب الرومان إلى روما بعد أن دمروا ونهبوا الهيكل في جبل الهيكل قبل ألفي عام".
وتابع نتنياهو "يرون هناك على باب تيتوس الشمعدان السباعي وهو رمز الشعب اليهودي ودولة اليهود العصرية منقوشا على هذا الباب".
وأشار إلى أن "الإدعاء بأن ليست لإسرائيل علاقة بجبل الهيكل وبالحائط الغربي يشابه الادعاء بأن ليست للصين علاقة بالسور العظيم وبأن ليست لمصر علاقة بالأهرامات".
وتابع نتنياهو "بهذا القرار السخيف فقدت اليونسكو الشرعية القليلة التي تبقت لها، ولكنني أؤمن بأن الحقيقة التاريخية أقوى، والحقيقة ستنتصر".
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن الرئيس رؤفين ريفلين قوله، إنه ما من جهة في العالم يمكنها أن تنكر العلاقة التاريخية والدينية بين الشعب اليهودي والأماكن المقدسة له في عاصمته، لافتا إلى أن أي جهة ستفعل ذلك ستقوم بتحقير نفسها إذ لا يمكن تغيير التاريخ بأثر رجعي.
ويريد الفلسطينيون إعلان القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى عاصمة لدولتهم العتيدة فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها.
ولا يعترف المجتمع الدولي بالقدس عاصمة لإسرائيل منذ إعلانها القدس الغربية عاصمة لها عام 1950 منتهكة بذلك "قرار التقسيم" الصادر عن الأمم المتحدة في 1947 وينص على منح القدس وبيت لحم وضعا دوليا.
وازداد هذا الرفض بعد احتلال إسرائيل للقدس الشرقية وضمها في يونيو عام 1967.