القاهرة 12 أكتوبر 2016 / توقع محللون مصريون، إقدام أوروبا على توقيع اتفاقية مع مصر، للحد من المهاجرين غير الشرعيين، على غرار الاتفاق الذي أبرمته مع تركيا.
وتحولت مصر في الآونة الأخيرة إلى معبر للهجرة غير الشرعية باتجاه أوروبا، حيث لا يكاد يمر أسبوع إلا وتعلن الأولى عن ضبط مئات المهاجرين من جنسيات أفريقية.
وتتعرض مراكب المهاجرين انطلاقا من مصر إلى أوروبا للغرق تحت وطأة زيادة الحمولة وضعف صيانة هذه المراكب، وكان أكثرها مأساة في أواخر سبتمبر الماضي حين غرق مركب يقل المئات قبالة سواحل مصر، ما أدى إلى مصرع أكثر من 200 شخص.
وتعالت الأصوات خلال قمة دول ما يسمى بـ "طريق البلقان" التي استضافتها فيينا في أواخر سبتمبر الفائت، للمطالبة بتوقيع اتفاقيات مع عدة دول بينها مصر، للحد من الهجرة غير الشرعية.
وقال رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان خلال القمة، إن حوالي 5.5 مليون شخص ينتظرون في مصر دورهم للانتقال إلى أوروبا، داعيا إلى اتفاق مع القاهرة على غرار الاتفاق مع تركيا، محذرا من أنه في غياب هذا الاتفاق " قد تأتى مفاجأة كبيرة من هناك".
وقبل أيام، أعلنت ايطاليا تأييدها أي مساع لتوقيع مثل هذه الاتفاقيات.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز (الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية)، إن " المشكلة الأساسية التي تواجه أوروبا كلها هي الهجرة غير الشرعية، والاتحاد الأوروبي يريد وضع حد لها من خلال توقيع اتفاقيات مع دول يعتبرها مصدرة للهجرة مثل مصر ودول جنوب البحر الأبيض المتوسط".
وأضاف اللاوندي لوكالة أنباء (شينخوا)، " اعتقد أن نجاح الاتفاقية مع تركيا يشجع أوروبا على توقيع اتفاقية مع مصر، التي ضبطت الالآف من المهاجرين غير الشرعيين، وتعتبر معبرا للهجرة".
وتوصلت أوروبا وتركيا في مارس الماضي إلى اتفاق لمعالجة أزمة الهجرة، يقضى بترحيل المقيمين بصورة غير شرعية في أراضى الأولى مقابل إيواء الاتحاد الاوروبي نفس العدد من اللاجئين الذين قدموا طلباتهم بصورة قانونية لدى ممثلية الاتحاد في أنقرة.
وفي مقابل مساعدة أنقرة، وعد الاتحاد الأوروبي بمساعدات اقتصادية وإعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرات الدخول إلى أراضيه.
وتابع اللاوندي " إن التجربة علمت أوروبا درسا مهما هو ضرورة التوقيع مع كل دولة فى جنوب المتوسط على حدة، لكى تشترك هذه الدول في مواجهة الخطر الأكبر وهو الهجرة غير الشرعية التى تعانى منها كل أوروبا".
واعتبر " الهجرة غير الشرعية صداع فى رأس أوروبا، التي ترى أنه لابد من القضاء عليها تماما، لذلك هي على استعداد أن تقرر مخصصات مالية لهذه الدول (المصدرة للمهاجرين) لكى تكون حائط صد تمنع المهاجرين من الوصول" إلى القارة العجوز.
وأشار إلى أن " أوروبا تطمع في أن تكون الهجرة غير الشرعية صفر، بحيث لا يذهب أحد من المهاجرين غير الشرعيين إلى أراضيها إطلاقا، وبالتالي فإنها إن وقعت اتفاقيات مع دول جنوب البحر المتوسط، ومنها مصر، فسوف تنص على مساعدة هذه الدول على توطين المهاجرين في بلادهم وتوفير فرص عمل لهم بجانب أسرهم".
ورد اللاوندي على سؤال حول قانون الهجرة غير الشرعية الذي وافق عليه البرلمان المصري قبل أيام، قائلا " طبعا هذا القانون يساعد كثيرا فى الحد من الهجرة التى اتسعت دوائرها فى الفترة الأخيرة ".
من جانبه، رأى الدكتور طارق فهمى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في القاهرة أنه " لا توجد قيود تمنع التوصل إلى اتفاقية بين أوروبا ومصر " بشأن الهجرة غير الشرعية، التي وصفها بأنها "ملف مشترك ومهم" للجانبين.
واستدرك " لكن موافقة مصر على الاتفاقية سوف يتوقف على ما تطرحه الاتفاقية من بنود وعناصر "، متوقعا " أن يكون هناك تحفظات مصرية مطروحة حول شكل الهجرة، والأسس الحاكمة لها، والضوابط التى تحكم الانتقالات، والمتطلبات الأمنية المصرية فى هذا الإطار".
وقال إن الاتفاقيات في هذا المجال تكون " أمنية واقتصادية بالأساس، وربما يكون هناك قوائم تحفيزية للدولة المصرية للمضي فى هذا الأمر ".
وعن طبيعة هذه القوائم التحفيزية، رأى فهمي أنها " يمكن أن تتضمن بعض المساعدات الاقتصادية، وهذا ليس مقتصرا على مصر، فهناك دول أبدى الاتحاد الأوروبي تعاون معها في هذا المجال قامت بهذا الإجراء مثل تركيا ومن قبلها اليونان".
وأشار إلى أنه في حال توصلت مصر وأوروبا إلى اتفاقية، فلابد أن يكون هناك "ضوابط أمنية مشتركة للانتقال عبر الحدود"، و "شراكة فى الملفات الخاصة بالأمن لكل دولة ضمن دول الاتحاد ومع مصر، بما يعنى أن تكون هناك إجراءات خاصة بالاتحاد وإجراءات خاصة بالدول منفردة".
ومضى قائلا إن أي اتفاقية مع أوروبا لابد أن " تتضمن بعض المنح والمزايا والتسهيلات لمصر، لا تقتصر فقط على مساعدات ودعم اقتصادي، بل اتفاقيات أمنية واستراتيجية وإجراءات لوجستية وتبادل أمنى ومعلوماتي واستخباراتى".