القاهرة 8 سبتمبر 2016 /قرر وزراء الخارجية العرب خلال اجتماع اليوم (الخميس)، تعيين مبعوث خاص للأمين العام للجامعة العربية إلى ليبيا، والتواصل مع المبعوث الدولي لسوريا، والمشاركة في مفاوضات اليمن عند استئنافها، في محاولة لمواجهة انحسار دور الجامعة في أزمات المنطقة.
وقال الامين العام للجامعة أحمد أبو الغيط، في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع، إن تعيين ممثل للجامعة إلى ليبيا يأتى في إطار عودة دور الجامعة في هذا الملف، بهدف التواصل مع كافة الأطراف الليبية ودفعهم لحل الأزمة.
وأكد أن كل الدول العربية أيدت وتحمست لفكرة تعيين ممثل للجامعة، ولعودة دورها في الأزمة الليبية.
وطلب أبو الغيط من الكويت السماح للجامعة العربية بالمشاركة في المشاورات بشأن الأزمة اليمنية، وهو ما رحبت به الدولة الخليجية.
وعبر عن استعداد الجامعة العربية الكامل للقيام بأية أدوار تُطلب منها للوساطة أو رعاية إجراءات بناء الثقة بين الأطراف لحل النزاع اليمني.
وقال " ليس خافيا على أحد خطورة الظرف الذي تمر به المنطقة العربية في هذه الآونة.. ورغم ما توالى على الأُمة – عبر تاريخها الطويل- من أيامٍ صعبة، إلا أنه لم يحدث أن وجد المواطن العربي نفسه مُحاصراً ومروَّعاً كما يجري اليوم في بعضِ بُلدانِنا".
وتابع "يكفي أن نعرف – بكل الأسف - أن الوطن العربي يستأثر وحده بما يقرب من 40 % من لاجئي العالم اليوم لنُدرك عُمق المأساة التي ألمت بنا، وفداحة الوضع الذي نواجهه".
وأضاف "إن قلوبنا يعتصرها الألم لمشاهد القتل والخراب في سوريا.. وما من شكٍ في أن استمرار هذه الأزمة -بتكلفتها الإنسانية الفادحة- يُمثل وصمة في جبين الأمة.. لقد بلغت الأزمةُ السورية حداً غير مسبوق من التعقيد بحيث صار هذا البلد مسرحاً لصراعات قوى خارجية".
وشدد على أنه " لا يوجد حل عسكري في سوريا، وأن أي حلول تُفرَض بواقع القوة لن يكتب لها الاستمرارية، وليس هناك سبيل للخروج من المأزق الحالي سوى بالتفاوض من أجل الوصول لحل سياسي يحفظ وحدة سوريا ويلبي طموحات الشعب".
واعتبر " عروبة سوريا مسئوليتنا جميعاً.. والتفريط فيها جريمةٌ، والذود عنها فرضُ عينٍ قومي وسياسي وأخلاقي.. ولا يستقيم أن تتوالى مُبادراتٌ للحل والوساطة في سوريا دون أن يكون بينها مُبادرة عربية شاملة وتوافقية.. يتعين علينا العمل سريعاً من أجل استعادة وتفعيل الدور العربي الجماعي في الأزمة السورية".
وأعرب وزراء الخارجية العرب عن "القلق الشديد من تداعيات تصعيد الاعمال العسكرية" في سوريا، والتي من شأنها أن تؤدي إلى انهيار ترتيبات وقف الأعمال العدائية التي تم الاتفاق عليها في اجتماعات مجموعة الدعم الدولية لسورية، وطالبوا مجلس الأمن بتحمل مسئولياته الكاملة في العمل على اتخاذ الاجراءات المناسبة لتنفيذ قراريه القاضيان بوقف الاعمال القتالية في سوريا.
وأدان الوزراء العرب ممارسات النظام السوري الوحشية ضد السكان في حلب وريفها، وضد المواطنين في كل أنحاء سوريا، واعتبروا عمليات القصف الجوي والمجازر والجرائم المستمرة التي يقوم بها في المدن انتهاكا صارخا لمعاهدات جنيف والقانون الدولي الانساني.
وطالبوا بتقديم كل الذين ارتكبوا أو شاركوا في الجرائم الوحشية ضد المواطنين في المناطق السورية للعدالة الدولية، وطلبوا من مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان اتخاذ كافة الاجراءات الكفيلة بوقف انتهاكات حقوق الانسان التي يرتكبها النظام السوري.
وطلبوا من الأمين العام للجامعة العربية مواصلة اتصالاته مع الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه ستيفان دي مستورا وكذلك مع مختلف الاطراف المعنية، لتهيئة الاجواء الملائمة لاستئناف مفاوضات جنيف الهادفة لاقرار خطوات الحل السياسي الانتقالي للأزمة السورية.
وحول الوضع الليبي، أكد الوزراء العرب " رفض أي تدخل عسكري في ليبيا لعواقبه الوخيمة على هذا البلد والمنطقة بأجمعها"، مشددين على أن أي عمل عسكري لمحاربة الإرهاب يجب أن يتم بناء على طلب من حكومة الوفاق الوطني الليبية.
ودعوا لتقديم الدعم السياسي والمعنوي والمادي لحكومة الوفاق بوصفها الحكومة الشرعية الوحيدة لليبيا، والامتناع عن التواصل مع أجسام تنفيذية أخرى موازية لها.
وأشادوا بالتقدم الملحوظ الذي حققته القوات التابعة لحكومة الوفاق لتحرير مدينة سرت من سيطرة تنظيم داعش، ودعوا كافة الدول لعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا بما في ذلك توريد الأسلحة للجماعات المسلحة.
وبشأن القضية الفلسطينية، أيد الوزراء التوجه الفلسطيني للذهاب إلى مجلس الأمن لطرح موضوع الاستيطان الاسرائيلي لاستصدار قرار برفضه وإدانته، وطلبوا من الجانب الفلسطيني أن يتقن خطواته حتى لا تقوم بعض الدول بإفشال هذا المسعى.
وناقش الوزراء العرب مسألة اعتزام اسرائيل الترشح لمجلس الأمن سعيا لعضويته في عامي 2019 و 2020، وسبل معارضة هذه المساعي الإسرائيلية وإفشالها.
وعن الازمة اليمنية، أدان وزراء الخارجية العرب بأشد العبارات الخطوات غير الشرعية التي قام بها الانقلابيون في اليمن بإنشاء ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى" الذي يهدف لتقويض جهود التسوية السياسية في البلاد.
وأكدوا استمرار دعم الشرعية ممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي، مشددين على أن أي مفاوضات لابد أن تنطلق من المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وأبدوا التزامهم بالمحافظة على وحدة اليمن واستقلاله وسلامته الإقليمية وسيادته، ورفض أي تدخل في شؤونه الداخلية أو فرض أي أمر واقع بالقوة.
وأيدوا الإجراءات العسكرية التي يقوم بها التحالف العربي للدفاع عن الشرعية في اليمن، استنادا إلى معاهدة الدفاع العربي المشترك.
وطالبوا الميليشيات المتمردة بالالتزام الجاد بإجراءات بناء الثقة التي تم الاتفاق عليها في جنيف، وتتمثل في الإفراج عن كافة المعتقلين، وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين، ووقف إطلاق النار.
وفيما يتعلق بالعراق، أدان الوزراء العرب توغل القوات التركية في الأراضي العراقية، وطالبوا أنقرة بسحب قواتها فورا دون قيد أو شرط باعتباره اعتداء على سيادة العراق وتهديدا للأمن القومي العربي.
ودعوا تركيا لعدم التدخل في شئون العراق الداخلية، والكف عن هذه الأعمال الاستفزازية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة.
وأبدوا مساندتهم لحكومة العراق في الإجراءات التي تتخذها وفق قواعد القانون الدولي، والتي تهدف لسحب تركيا قواتها من الأراضي العراقية.
ووصف أبو الغيط الاجتماع الوزاري بـ" الناجح للغاية"، وقال إنه تم التأكيد على أن دور الجامعة يجب أن يعود في مواجهة مشكلات المنطقة خاصة الأزمات الليبية والسورية واليمنية.
وقال "لا يجب أن يُسمح أن تناقش قضايا المنطقة بعيدا عن العرب".
من جانبه، أقر وزير خارجية تونس خميس الجهيناوي رئيس الاجتماع الوزاري بأن "دور الجامعة العربية انحسر"، لكنه أكد أن "هناك رغبة وإرادة" لإعادته بعد تولي أبو الغيط منصب أمينها العام.
وأشار إلى أن قرار تعيين مبعوث للجامعة إلى ليبيا يظهر ذلك، كما أن هناك قرارا بالتواصل مع المبعوث الدولي لسوريا.