فينتيان 7 سبتمبر 2016 / تحتفل الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا ((الآسيان )) هنا اليوم (الأربعاء) بالذكرى الـ25 لتأسيس علاقات الحوار التي تتسم بحسن الجوار والمعاملة على قدم المساواة والتنمية المشتركة، وهكذا تقدمان مثالا جيدا لإقامة العلاقات بين الدول النامية.
إن الصين والدول العشر الأعضاء بالآسيان، المختلفة في الحجم ومستويات التنمية الاقتصادية، تربطها جبال وأنهار.
وتعد الآسيان، باعتبارها كتلة إقليمية تضم اندونيسيا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وبروناي وكمبوديا ولاوس وميانمار وفيتنام، تعد النقطة المحورية لدبلوماسية الصين حيث تعتمد تنمية الصين إلى حد ما على جنوب شرق آسيا مستقرة ونشطة اقتصادية.
وفي الوقت ذاته، تعد الأهمية الإستراتيجية للصين بالنسبة للآسيان واضحة نظرا لتأثيرها الاقتصادي وقربها من دول الآسيان.
وقد شكل عام 1991 نقطة التحول في العلاقات بين الصين والآسيان، والتي شهدت بداية عملية الحوار بين الجانبين.
ومُنحت الصين وضع شريك حوار كامل في عام 1996.
واعتبر عام 1997بمثابة نقطة تحول في تاريخ العلاقات بين الصين والآسيان حيث اتخذت فيه الصين، رغم صعوباتها المالية الخاصة، القرار بعدم خفض قيمة عملتها سعيا لمساعدة بلدان جنوب شرق آسيا على تحقيق انتعاش اقتصادي.
وأقامت الصين والآسيان شراكة من الثقة المتبادلة تقوم على حسن الجوار.
وفي عام 2003 ومع تعميق التعاون الشامل، ارتقت الصين والآسيان بعلاقاتهما إلى شراكة إستراتيجية للسلام والرخاء.
وظلت الصين والآسيان، طول هذه السنين، ملتزمتين بروح الاحترام المتبادل والتفاهم والثقة والدعم وسط المتغيرات الحاصلة في الوضع الدولي.
وصدمت العلاقات بين الجانبين أمام مختلف الاختبارات حيث حصد التعاون الثنائي ثمارا وفيرة، ما عاد بفوائد ملموسة على شعوب الجانبين. وبفضل الجهود الملموسة التي بذلها الجانبان، أصبحت العلاقات بين الصين والآسيان الأكثر دينامية بين علاقات الآسيان مع شركائها للحوار.
وعلى الصعيد السياسي- الأمني، حافظت الصين والآسيان على حوارات متكررة رفيعة المستوى وتبادل للزيارات على جميع المستويات مع إقامة خمسة أطر موازية للحوار حتى الآن.
وعززت الصين والآسيان التعاون في الشؤون الإقليمية والدولية، حيث يتمتع الجانبان بتعاون جيد في منظمات إقليمية ودولية مثل المنتدى الإقليمي للآسيان، وقمة شرق آسيا، ومنتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا- الباسيفيك (أبيك)، واجتماع أوروآسيا، والأمم المتحدة من بين منظمات أخرى، ما ساهم في إعلاء حقوق ومصالح الدول النامية.
كما تعاون الجانبان في مواجهة تهديدات أمنية غير تقليدية وعابرة للحدود مثل تهريب المخدرات والبشر، والقرصنة، والإرهاب.
ومن أجل إدارة قضية بحر الصين الجنوبي بصورة أفضل، واصلت الصين والآسيان العمل تجاه تنفيذ إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي وإبرام ميثاق السلوك في بحر الصين الجنوبي.
ولمواصلة تنفيذ إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي، أكدت الصين والآسيان مجددا خلال اجتماع لكبار المسؤولين عقد في الصين الشهر الماضي على حل النزاعات عبر المفاوضات، وإدارة الخلافات بإطار إقليمي للقواعد، وتعميق التعاون البحري، ودفع المفاوضات حول ميثاق السلوك في بحر الصين الجنوبي قدما.
كما اتفقا على أهمية الخط الساخن لكبار دبلوماسي الصين والآسيان في مواجه الطواريء البحرية، وبيان مشترك حول تطبيق القواعد المعنية بالمواجهات العرضية بين الجانبين في بحر الصين الجنوبي.
واتسمت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الصين والاسيان بالمنفعة المتبادلة والنتائج متكافئة الكسب. فالصين تعد حاليا أكبر شريك تجاري للآسيان فيما تعد الآسيان ثالث أكبر شريك للصين.
وقد بلغ حجم التبادل التجاري بينهما 472 مليار دولار أمريكي في العام الماضي، بزيادة عن 7.96 مليار دولار في عام 1991 مع تسجيل معدل نمو سنوي يصل إلى 18.5فى المائة. وبحلول نهاية مايو من العام الجاري، تجاوزت الاستثمارات الثنائية 160 مليار دولار أمريكي، حسبما أفادت وزارة التجارة الصينية. ويهدف الجانبان إلى الوصول بحجم التبادل التجاري بينهما إلى تريليون دولار بحلول عام 2020.
وتتمتع اتفاقية التجارة الحرة بين الصين والآسيان، التي وقعها الجانبان في عام 2010، بإمكانات نمو كبيرة جدا. فهي تشمل سوقا تضم قرابة ملياري شخص. واتفقت الصين والآسيان في العام الماضي على تحديث اتفاقية التجارة الحرة بينهما، الأمر الذي سيزيد من تعميق وتوسيع علاقاتهما الاقتصادية والتجارية.
وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات التجارية بين الصين والآسيان اهي الآن علاقات تبادلية تقوم على المعاملة بالمثل. فالصين تعد الآن سوقا استهلاكية مهمة للآسيان التي تتزايد في المقابل أهميتها بالنسبة لقطاع الصناعة التحويلية في الصين.
كما حقق التعاون في القطاعات الاجتماعية - الثقافية بين الصين والآسيان تقدما جوهريا وبراغماتيا ليشمل التعليم، والثقافة، والصحة العامة، والعلوم والتكنولوجيا، والعمل، والحكم المحلي، والتبادلات الشعبية، والإعلام ، والشباب، والتنمية الاجتماعية.
وفي مجال التعليم، يبذل الجانبان جهودا لبلوغ هدف الـ"100 ألف المزوج للتبادل الطلابي" الذي يرمي إلى الوصول بعدد الطلاب المتجهين من دول الآسيان إلى الصين في إطار التبادل الطلابي إلى 100 ألف بحلول عام 2020 والعكس بالعكس.
وأعلنت الآسيان والصين عام 2014 عاما للتبادلات الثقافية بينهما، وأقيم مركز بين الآسيان والصين في بكين لتعزيز التعاون بينهما في التجارة، والاستثمار، والسياحة، والتعليم، والثقافة.
وتولي الصين والآسيان اهتماما بالتبالات والتعاون بين الشباب وتعمل على تعزيزهما. ويعد إعلان بكين حول التعاون بين الصين والآسيان في قطاع الشباب الذي صدر عام 2004 يعد بمثابة برنامج عمل لتعزيز الشراكة بين الجانبين من أجل تحقيق السلام والرخاء.
وفي مجال العلوم والتكنولوجيا، أقامت الصين والآسيان مركز الصين- الآسيان المشترك للعلوم والتكنولوجيا باعتباره جهازا لتخطيط البرامج والمبادرات التعاونية المشتركة والمصادقة عليها وتنسيقها ومراقبتها وتقييمها.
وواصلت الصين دعم جهود الآسيان لتضييق الفجوة التنموية في المنطقة من خلال تنفيذ مشروعات وبرامج تحت إطار المبادرة مثل التعاون التنموي بين الآسيان وحوض الميكونج، ومنطقة نمو شرق آسيا بين بروناي دار السلام واندونيسيا وماليزيا والفلبين، وذلك من بين مشروعات وبرامج أخرى.
وإن تطبيق مبادرات جديدة مثل مبادرة "الحزام والطريق" والبنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية ساهم في زيادة تدعيم التكامل الاقتصادي بين الصين والآسيان من خلال الربط بين دول المنطقة عبر البنية التحتية، وتسهيل التجارة والاستثمار، وتشجيع السياحة، وتعزيز التبادلات التعليمية والثقافية.
وفي الوقت الذي تقوم فيه الصين والآسيان بإحياء الذكرى الـ25 لإقامة علاقات الحوار بينهما هذا العام، تعكفان أيضا على دراسة أساليب جديدة لمواصلة تطوير علاقاتهما. ومع الوحدة المتماسكة والجهود المنسقة للجانبين، ستشهد تنمية العلاقات بين الصين والآسيان قوة دفع جديدة وستبلغ آفاقا جديدة في المستقبل.