بقلم/ عماد الأزرق
القاهرة 29 أغسطس 2016 /أكد عدد من الخبراء على أن قمة مجموعة العشرين المقرر عقدها في سبتمبر المقبل في مدينة هانغتشو شرق الصين، من شأنها أن تعيد رسم خريطة الاقتصاد العالمي بشكل أكثر عدالة.
وتعقد قمة مجموعة العشرين يومي 4 و5 سبتمبر المقبل تحت عنوان "بناء اقتصاد عالمي ابتكاري ونشط ومترابط وشامل" ، ومن المتوقع أن تركز على الحوكمة العالمية والتنمية الاقتصادية والابتكار، لتصبح منصة مهمة تقدم الصين من خلالها حكمتها وخبراتها لبلدان العالم.
وقال السفير محمود علام سفير مصر السابق ببكين، إن قمة العشرين لهذا العام تأتي بعد ثمان سنوات من الأزمة الاقتصادية لعام 2008، في ظل ما يشهده العالم من انكماش اقتصادي وتباطؤ في حركة التجارة الدولية وهو ما يؤثر على معدلات النمو وخاصة في الدول النامية، وعزوف الاستثمارات.
وحسب صندوق النقد الدولي فإن معدل نمو الاقتصاد العالمي بلغ في عام 2015 نحو 2.4%، مقابل 4.8 عام 2011، فيما يتوقع أن يكون معدل النمو للعام الجاري أقل من 3%.
وأضاف علام لوكالة أنباء (شينخوا) إن العالم في حاجة للوصول.إلى مرحلة ادراك أن الاعتماد المتبادل ما بين الدول جميعا هام جدا، وأهمية أن يكون الاقتصاد شامل لكل الأطراف .
وأوضح أن الاقوياء اقتصاديا إذا لم تتسع لهم الأسواق الأقل نموا فلن يجدوا فرصة لترويج منتجاتهم، ما يؤثر سلبا على اقتصادياتهم.
وأشار إلى أن الاقتصاد يتطور وصولا لمرحلة الابتكار وهو ما تدعوا له الصين، معتبرا القمة فرصة للحوار حول كيف يكون مبدأ الابتكار في الاقتصاد العالمي والصناعة.
ولفت إلى أن الصين باستضافتها لهذه القمة، انعكاس طبيعي للمكانة والدور الذي احتلته الصين في السنوات الأخيرة باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مشيرا إلى أن الصين من مصلحتها كدولة صناعية وأكبر دولة تجارية في العالم أن يتم توسيع الأسواق وأن تستعيد التجارة العالمية عافيتها وزخمها.
وشدد على أن الصين كدولة نامية كبرى قادرة على أن تلعب دورا وسيطا ما بين الدول المتقدمة والدول النامية للوصول إلى صيغة أكثر عدالة في العلاقات الاقتصادية.
ولأول مرة في تاريخ قمم مجموعة العشرين، من المقرر أن يشارك عدد قياسي من الدول النامية في القمة المرتقبة للمجموعة التي ستستضيفها الصين أكبر دولة نامية في العالم.
ومن هنا يتضح أن قمة هانغتشو تولى اهتماما كبيرا بمشاركة الدول النامية ومن بينها الدول العربية فيها، إذ إنه بالإضافة إلى السعودية التي تعد دولة عضوا بمجموعة العشرين، دعت قمة هانغتشو مصر وهي دولة نامية نموذجية إلى المشاركة في القمة.
وفيما يتعلق بمشاركة مصر بالقمة أكد علام على أن الدعوة التي تلقاها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من الرئيس شي جين بينغ للمشاركة في قمة العشرين جاءت في مرحلة مهمة للغاية تسعى مصر فيها لاعادة بناء اقتصادها، وعلاج أي جوانب سلبية اصابت الاقتصاد المصري خلال الفترة الانتقالية الماضية .
وأشار إلى أن وجود الرئيس المصري في هذا المحفل الدولي الهام والذي يمكن وصفه بـ "مجلس إدارة اقتصاد العالم" والذي يحدد توجهات الاقتصاد العالمي هي فرصة لاجراء حوارات وعرض رؤية القيادة المصرية للاقتصاد المصري وما يمكن أن يقدمه الاقتصاد المصري للعالم، مشددا على أن الاقتصاد العالمي اليوم أصبح متشابك.
وأكد الدكتور أحمد قنديل خبير الشئون الأسيوية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن قمة العشرين يمكنها أن تلعب هذه المرة دورا في زيادة تمثيل الدول النامية في مجلس إدارة الاقتصاد العالمي.
وقال قنديل لوكالة أنباء (شينخوا) إن القمة أيضا يمكنها أن تساهم بشكل كبير في تحسين شفافية وفعالية الأجهزة المالية والاقتصادية العالمية، وتابع "نحن عانينا في الدول النامية من عدم توازن وفاعلية وشفافية مؤسسات دولية كبرى كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي لوضعهما شروطا سياسية لتقديم المعونات التنموية للدول النامية".
وأعرب عن أمله في أن تسفر قمة العشرين برئاسة الصين عن تحسين تمثيل الدول النامية في المؤسسات والمنظمات المالية والاقتصادية العالمية
وأشار إلى أن مشاركة مصر بالقمة تتيح فرصة ثمينة للسيسي ليطرح رؤيته وكذلك التطورات الاقتصادية الاخيرة التي حدثت في مصر، ويستكشف سبل تعزيز التبادل التجاري والاستثماري ليس فقط مع دول مجموعة العشرين وإنما أيضا مع الصين.
وأوضح أن مصر لديها مشروعات كبرى للتنمية خاصة في محور قناة السويس، معربا عن اعتقاده بأن هذه المشروعات تتكامل بشكل كبير مع مبادرة "الحزام والطريق".
وأطلق الرئيس شي جين بينغ في عام 2013 مبادرة "الحزام والطريق"، من خلال بناء حزام اقتصادى لطريق الحرير وطريق حرير بحرى للقرن الحادى والعشرين.
وتستهدف المبادرة بناء شبكة للتجارة والبنية الأساسية تربط آسيا بأوروبا وافريقيا على طرق التجارة القديمة.
واضاف قنديل أن مصر أيضا عضو مؤسس في البنك الأسيوي للاستثمار في البنية الاساسية وتتطلع إلى الحصول على التمويل من أجل تمويل مشروعات الطاقة والنقل وغيرها من المشروعات التي تهدف إلى تحقيق التنمية في مصر.
وحذر من أنه بدون تحقيق التنمية في مصر، لن يعود الاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط التي تشهد العديد من الأزمات المتفجرة في سوريا وليبيا واليمن والعراق وغيرها.
ونبه إلى أن تصاعد الأعمال الارهابية من جانب تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" لن يوقفه إلا التنمية وخلق فرص عمل للشباب، مشيرا إلى أن البطالة والفقر هما عاملين رئيسيين في انتشار الارهاب في هذه المنطقة، وبالتالي فإن تحقيق التنمية سوف يكون حائط صد منيع أمام تنامي الارهاب في الفترة المقبلة.
وأعرب عن أمله في أن تثمر قمة العشرين عن مساندة المجتمع الدولي بما فيهم مجموعة العشرين لتحقيق التنمية في هذه المنطقة المضطربة في العالم.
وكان الرئيس شي قد أكد في كلمته أمام جامعة الدول العربية في يناير الماضي على أن التنمية هي مفتاح مشاكل منطقة الشرق الأوسط، وأنها هي الحل لقضايا الارهاب والفقر والجهل.
من جانبه، أكد ضياء حلمي الأمين العام لغرفة التجارة المصرية – الصينية، أن الصين تأخذ قمة العشرين إلى منحاها الحقيقي وتعيدها إلى اهدافها الحقيقية باعتبارها قمة اقتصادية لا يجب أن يكون هناك دور للسياسة الانتقائية في هذه القمة.
وقال حلمي لوكالة أنباء (شينخوا) إن الصين تعيد رسم الخريطة الاقتصادية في مرحلة بالغة الدقة، مشيرا إلى أن العالم يعاني اقتصاديا من الارهاب والحروب والاقتتال الداخلي.
وأضاف أن هذه القمة من شأنها أن تنتشل العالم من سياسات اقتصادية بالية لتأخذ العالم إلى أفق رحبة، مشيرا إلى أن الصين تسعى للانفتاح على العالم وخاصة أفريقيا والشرق الاوسط في الوقت الذي يتجه فيه الغرب للانفتاح على الشرق وخاصة الصين.
وشدد على أن مصر لديها فرصة مهمة جدا لتوطيد علاقاتها بالصين وتعميق علاقاتها بدول مجموعة العشرين، معربا عن اعتقاده بأن الصين هي الدولة التي تهم مصر كثيرا في هذا المحفل الدولي كونها صديق قديم لمصر ومساند دائم لسياستها الاقتصادية وفي المحافل الدولية.
واستطرد قائلا " التجربة الصينية مثل يحتذى، ونحن في أمس الحاجة في مصر لنقتدي بالتجربة الصينية على كافة المحاور".
ولفت إلى ضرورة أن يكون لمصر ملفات قوية للاستثمار وفرصه وخريطته لعرضها خلال القمة، مشيرا إلى ان هذا سيعود في سنوات قريبة بمزيد من الاستثمارات.
وأعرب حلمي عن اعتقاده بأنه سيكون هناك نتائج اقتصادية مهمة بعد عودة الوفد المصري من هذه القمة رفيعة المستوى.