أعلن في 5 أبريل الجاري بالعاصمة الليبية طرابلس، عن حل حكومة الإنقاذ الليبية، وإيقاف جميع الهياكل المنبثقة عنها، ممهدة الطريق بذلك لتشكيل حكومة وحدة وطنية ليبية. في ذات اليوم، إلتقى مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة والمسؤول عن بعثة الأمم المتحدة لليبيا، مارتين كوبلر في طرابلس مع رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية الليبية فايز سراج. وقال كوبلر أن الأمم المتحدة والمجتمع الدولي سيقدمان الدعم اللازم لتحقيق الإنتقال السلمي للسلطة في ليبيا في أسرع وقت ممكن. كما حث مجلس النواب الليبي على الإسراع في عملية التصويت على الحكومة الجديدة لمنحها الشرعية الرسمية. ورغم ظهور أمل للسلام في ليبيا، لكن يبقى الوضع الليبي معقدا نسبيا.
منذ إغتيال القذافي في أكتوبر 2011، ظلت ليبيا تعيش جوا من الفوضى، وفي أغسطس 2014، قامت قوات فجر ليبيا بالسيطرة على طرابلس، ودعمت مجلس النواب المنتهية مدته على الإستمرار، وقامت بتشكيل حكومة الإنقاذ. أما حكومة الوحدة الوطنية والمؤتمر الوطني فأجبرا على الإنتقال إلى مدينة طبرق شرق ليبيا. ومنذ ذلك الحين، دخلت ليبيا في صراع بين حكومتين. وبفضل جهود الأمم المتحدة، توصل الفرقاء إلى إمضاء "الإتفاقية السياسية الليبية"، ووافقا على إنهاء الإنقسام، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. لكن نظرا للخلافات بين الجانبين حول تشكيلة أعضاء الحكومة، ظلت حكومة الإنقاذ متشبثة بعدم تسليم السلطة.
وفي 30 من مارس الجاري، قام رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية سراج ، وهو شخصية مدعومة من الأمم المتحدة، بدخول العاصمة الليبية طرابلس على متن سفن البحرية الليبية، رغم معارضة وتهديدات حكومة الإنقاذ. قبل ذلك، كانت حكومة الإنقاذ قد أعلنت في وقت سابق عن الدخول في "حالة طوارئ"، وقالت بأن دخول حكومة الوحدة الوطنية إلى طرابلس يعد سلوكا غير قانوني، وطالبت سراج إما بمغادرة ليبيا أو بالإستسلام، الأمر الذي دفع بالتوتر إلى مستوى جديد.
لكن بعد أن أعلنت بعض المدن عن قطع علاقتها بحكومة الإنقاذ ودعم حكومة الوحدة الوطنية، بدأ موقف حكومة الإنقاذ يلين شيئا فشيئا.
ويعتقد محللون أن الوضع الليبي يبقى معقدا، رغم ظهور أمل السلام. حيث من الصعب أن ينتهي وضع الإنقسام بسرعة، كما لا تزال القوى الإرهابية نشطة. وفي الوقت الذي تسيطر فيه حكومة الوحدة الوطنية على المناطق الشرقية من ليبيا، تقع العاصمة طرابلس تحت سيطرة نظام إسلامي متكون من أكثر من 200 فصيل مسلح. في حين تقبع مناطق الوسط الشرقي تحت سيطرة تنظيم داعش المتطرف، أما مناطق الجنوب الشرقي والجنوب الغربي فتخضع إلى سيطرة القبائل، ومنها مناطق خارجة عن السيطرة. وفي هذا السياق، ذكرت صحف ليبية وسعودية أن مواجهات بين الأمن الليبي وفصائل مسلحة في المناطق المنتجة للنفط جنوب البلاد، خلفت 4 قتلى و3 جرحى، قبل الأعلان عن حل حكومة الإنقاذ بيوم.
ولضرب تنظيم داعش ومساعدة حكومة الوحدة الوطنية على إستعادة الإستقرار في ليبيا، صرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 4 أبريل الجاري، بأن أمريكا والناتو بصدد التفكير في شن غارات جديدة على ليبيا. وأشارت تقارير إعلامية إلى أن القيادة الإفريقية للجيش الأمريكي بصدد إعداد مخطط عسكري لإستهداف أهداف محددة في ليبيا. وقال الأمين العام للناتو، ستولتنبرغ، في ذات اليوم الذي أجرى فيه لقاء مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أن الناتو في أقصى درجات التأهب لمواجهة أي طارئ قد تشهده ليبيا، وأضاف أن "الناتو على إستعداد لمساعدة الحكومة الليبية الجديدة في أي وقت".
لكن صحيفة "واشنطن بوست" قالت إن دعم أمريكا لأي فصيل مسلح في ليبيا سيؤدي إلى تغذية الصراع بين المجموعات المسلحة في ظل فوضى الفصائل المسلحة التي تشهدها ليبيا منذ سنة 2011، وتضعف من إمكانيات المصالحة الوطنية.