اللاذقية ، سوريا 22 مارس 2016 / قال نزار سكيف (49 عاما) " لم نشعر بالخوف والقلق من قرار تخفيض عدد القوات الروسية العاملة في سوريا ، لأن تدخلهم جاء في الوقت المناسب، وحقق إنجازات هامة على الأرض، وتمكنوا من إبعاد خطر الإرهابيين عن قرانا القريبة من معاقلهم في سلمى وربيعة "، بهذه العبارات عبر عن شعوره من قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحسب عدد من الطائرات العاملة في سوريا.
وأضاف سكيف، وهو مواطن من سكان بلدة شريفا التابعة لمنطقة الحفة بريف اللاذقية الشمالي ، وتبعد حوالي 5 كيلومترات عن بلدة سلمى، أهم معقل لمقاتلي تنظيم جبهة النصرة جنوبا، لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن " الطيران الروسي منذ الساعات الأولى في سوريا ، لم يكن يهدأ يعمل في الليل والنهار، وحقق إنجازات هامة على المساحة الجغرافية السورية "، مؤكدا أن تدخلهم كان " في الوقت المناسب" .
ومضى سكيف يقول والابتسامة تملؤ وجهه "نحن في الحقيقة كنا نملك شعورا بالراحة النفسية عندما جاء الطيران الروسي ليشارك في العمليات القتالية في سوريا، بهدف محاربة الإرهاب الذي كان مدعوما من قبل معظم الدول الغربية .. ونحن كنا مطمئنين لوجود هذه المقاتلات الروسية، وهي تحلق في سماء سوريا وهي تحقق إنجازات على الأرض الى جانب الجيش السوري "، مؤكدا أن "روسيا بلد صديق لسوريا، ليست منذ بدء الأزمة وإنما منذ عهود قديمة" .
وأضاف "عندما أعلن فلاديمير بوتين سحب أو تخفيض عدد القوات العاملة في سوريا لم يساورنا الخوف من هذا الإجراء لأن المساعدة الروسية حققت معظم أهدافها وهي دحر الإرهاب في ريف اللاذقية الشمالي وبات الإرهابيون على مسافة بعيدة من ريف اللاذقية الشمالي" .
كان تنظيم جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام، يشكل تهديدا حقيقيا لمعظم سكان ريف اللاذقية الشمالي الذي ينتمي للطائفة العلوية التي ينتمي اليها الرئيس السوري بشار الأسد ، وتعد مسقط عائلته.
واستطاع الجيش السوري المدعوم بغطاء جوي روسي، في شهري يناير وفبراير الماضيين أن يسيطر على أهم معقلين لتنظيم جبهة النصرة في اللاذقية وهما بلدتا سلمى وربيعة القريبتين من الحدود التركية، وأن يغلق المنافذ الحدودية ويقطع طرق الإمداد لهم، وأن يبعد خطر الإرهابيين عن مدينة اللاذقية الساحلية.
والجيش السوري كان من الصعب عليه أن يسترد تلك المناطق والقرى والبلدات مثل ربيعة وسلمى وكنسبا، بسبب الطبيعة الجغرافية الصعبة والوعرة والجبال والأشجار الكثيفة، ولو لا تدخل الطيران الروسي في تلك المناطق في سبتمبر الماضي لم تحقق أي إنجاز .
وتمكن الجيش السوري بمساعدات الطائرات الروسية في قاعدة حميميم بريف اللاذقية الشمالي أن يستعيد أكثر من 90 بالمئة من مساحة الريف الشمالي للاذقية .
وقال صفوان أحد سكان بلدة شريفا التي تقطنها أغلبية الطائفة العلوية في ريف اللاذقية الشمالي، وهي موالية للحكومة السورية إنه " قبل التدخل الروسي كان من الصعب علينا أن نتحرك بحرية، وكنا نقضي الليل بحالة استنفار أمني وتحسب لأي هجوم " ، مشيرا إلى أن التدخل الروسي "أعاد الأمن والاستقرار لنا ، وعندما نسمع الطائرات وهي تحلق في سماء اللاذقية نشعر بالراحة والاطمئنان" .
ومن جانبه قال المهندس منذر اسماعيل ، وهو رجل آخر من بلدة شريفا "كان الإرهابيون على بعد ثلاثة كيلومترات فقط من مناطقنا، وعندما جاء الروس شعرنا بالأمن والأمان مرة أخرى."
وأضاف أن " هجمات المتمردين على مناطق في اللاذقية وأماكن أخرى قد تضاءلت إلى حد كبير خلال الحملة الجوية الروسية القديمة لمدة ستة أشهر في سوريا "، مشيرا الى أن الروس تمكنوا أيضا إلى إغلاق المنافذ والمعابر غير الشرعية التي كان يتسلل منها الارهابيون إلى ريف اللاذقية.
وقال "إن الحملة العسكرية الروسية في سوريا لا تقدر بثمن، وجعلتنا نشعر مرة أخرى بالأمن والأمان ، بعد سنوات من الخوف والقلق" .
وأضاف اسماعيل أنه ينظر بإيجابية إلى انسحاب الروس، وذلك لأن معظم الأهداف التابعة للإرهابيين دمرت. و" أنا على ثقة بأن الروس يمكن أن يكون هنا في أي وقت ".
كما أن جيل الشباب في تلك البلدة، كانوا قلقين بعض الشيء من التدخل الروسي في سوريا، ولكن هذا الخوف سرعان ما تبدد مع النتائج التي حققها الطيران الروسي بالتعاون مع الجيش السوري.
وقالت الشابة جودي ديب، والتي تبلغ من العمر 18 عاما لـ((شينخوا)) إنها " في اللحظات الأولى للتدخل الروسي لم يكن لدي أية مشاعر إيجايبة أو سلبية ، ولكن مع الإنجازات التي حققها الطيران الروسي أتمنى أن يبقوا فترة أطول في سوريا" .
وأضافت قائلة إن "الشباب والشابات بدأوا يحبون الجنود الروس وفرحين للإنجازات التي حققوها في بلادنا للتخلص من الإرهاب .. وعندما سمعنا بقرار خفض القوات العاملة في سوريا شعرنا بقليل من القلق والخوف من أن نعود الى المرحلة التي سبقت عدم وجودهم" .
وبدوره قال الشاب محمد علي وهو ابن عمها إن " الطيران الروسي أبعد شبح الإرهابيين عن قرى ريف اللاذقية الشمالي، وأعاده له ألقه، ونحن الآن نستمتع بهذا الأمان الذي أنجز على أرض الواقع " .
ولم يبق الأمر عند حدود المشاعر لدى السوريين في ريف اللاذقية الشمالي بل تعدى الأمر ليقدم بعض الشبان على تسمية بعض المحال التجارية بأسماء روسية، وافتتاح مطعمين بمدينة اللاذقية وأحد يحمل إسم " روسيا "، والآخر " موسكو " وبدأ يستقبل زبائن روس، ويقدم بعض الأكلات الخاصة لهم، ويضع موسيقا روسية، كدلالة وتعبير عن حبهم، وتقديرا لدورهم في الوقوف الى جانب سوريا في محنتهم.
واعتبر ريف اللاذقية الشمالي من أهم الأماكن التي دارت فيها معارك، والأكثر أهمية في سوريا لقربها من الحدود التركية، وكان سلاح الجو الروسي حاسما للجيش السوري لتسترد هذه المنطقة الجبلية الصعبة والوعرة.
في الأسبوع الماضي، أعلنت القيادة الروسية سحب جزء من قواتها وطائراتها العاملة في سوريا، بالتزامن مع انعقاد جلسات الحوار في جنيف .
وقالت الحكومة السورية إن القرار جاء بالتنسيق التام مع دمشق، مشيرا الى أن ذلك يعود الى تحسين الواقع على الأرض من قبل الجيش السوري والهدنة التي دخلت حيز التنفيذ في 27 فبراير الماضي.
وقد قرأ هذه الخطوة من قبل المراقبين باعتبارها وسيلة لدفع حل سياسي للأزمة السورية، وخصوصا أن ممثلين عن الحكومة السورية والمعارضة يجتمع في جنيف في محاولة للتوصل الى حل للصراع المستمر منذ خمسة أعوام في البلاد .