بقلم/هوه جيان قوه، باحث بارز في وزارة التجارة الصينية
منذ عام 2014، حققت الصين تقدما ايجابيا في بناء " الحزام والطريق" والتعاون الدولي على مستوى طاقة الإنتاج . ووفقا لاحصاءات وزارة التجارة، فإنه بحلول نهاية العام الماضي، استثمرت الشركات الصينية في 69 مجمعا تجاريا واقتصاديا بـ 33 دولة، وبلغ عدد المؤسسات الصينة التي دخلت هذه المجمعات التجارية والاقتصادية 1088 شركة، من بينهم 48 مجمع انشئ في الدول الواقعة على طول " الحزام والطريق"، وتوفر المجمعات التجارية والاقتصادية منصة فعالة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي والتعاون الدولي على مستوى طاقة الإنتاج، والقدرة على القيام بدور نشط.
وهنا نحن بحاجة للاشارة الى أن مفهوم دعوة وتنفيذ الصين للتعاون الدولي على مستوى طاقة الإنتاج يختلف تماما عن مفهوم تعاون الدول الصناعية المتقدمة مع البلدان النامية في السبعينات من القرن الماضي. وقد سعت الدول المتقدمة في ذلك الوقت الى تنفيذ التكيف الهيكلي ورفع مستوى الصناعة، ونقل صناعة المنسوجات والاحذية ولعب الاطفال وغيرها من الصناعات المنخفضة المستوى والكثيفة العمالة الى البلدان النامية، حتى ان البعض نقل حلقات الصناعة التحويلية العالية التلوث والمستنزفة للطاقة الى البلدان النامية دون تحمل المسؤولية، في حين احتفظت بالسيطرة على تنمية البحوث التكنولوجية وحلقات الصناعة الراقية. ولم تجني الدول المتقدمة من هذا التقسيم الدولي للعمل ارباحا عالية فحسب، وانما حاولت ترسيخ لمثل هذا التقسيم الدولي للعمل لاجل طويل. وعليه، فإنه لا عجب اذا فسرت وسائل الاعلام الغربية مبادرة الصين لتعزيز التعاون الدولي على مستوى طاقة الإنتاج بان الصين تسعى لتصدير الطاقة الإنتاجية الفائضة.
ويمكن أن نرى من الوضع الدولي الحالي أن دعوة الصين الى التعاون الدولي على مستوى طاقة الإنتاج يختلف اساسا مع نقل الدول المتقدمة للطاقة الإنتاجية الفائضة قبل سنوات وبناء التقسيم الدولي للعمل غير العقلاني. أولا، الصين تدفع بانشاء تعاون دولي على مستوى طاقة الإنتاج على اساس المساواة والمنفعة المتبادلة والفوز المشترك، وهو تعاون اقتصادي وتقني يقوم على حاجة تنمية الدول المستهدفة. ثانيا، لا ينطوي التعاون الدولي على مستوى طاقة الإنتاج على الطاقة الانتاجية القديمة، بل يشمل على صناعة انتاج المعدات التي تتميز بها الصين.
تشارك الصين في التعاون الدولي على مستوى طاقة الإنتاج على الجوانب الرئيسية التالية: أولا، التعاون مع الدول المتقدمة في مجال الصناعة الراقية. على سبيل المثال، اتفقت الصين وبريطانيا على بناء محطة طاقة نووية في هينكلي بوينت، وتمثل مستوى تطوير تكنولوجيا الطاقة النووية الصنيية المستقلة للجيل الثالث، وهذه المرة الاولى التي تشارك فيها شركة صينية رائدة في مشروع تطوير الطاقة النووية في البلدان المتقدمة. كما تقوم الصين ايضا ببناء محطة للطاقة النووية في كراتشي بباكستان، وكذلك مشروع للطاقة النووية في الأرجنتين. ثانيا، الصناعات التحويلية المتقدمة تعطى الاولوية لصناعة السكك الحديدة والكهرباء والاتصالات والمعدات، بما في ذلك انتاج خط السكك الحديدية عالية السرعة وإنتاج القاطرات الدارجة، وهي تمثل مستوى التقدم الذي بلغ اليه قطاع صناعة المعدات في الصين. ثالثا، التعاون في مشاريع الصناعات التقليدية العالية المستوى الصينية. بما في ذلك مشاريع الطاقة الحرارية والطاقة المائية فضلا عن مشاريع الحديد والاسمنت. وجميع هذه المشاريع تتماشى مع المعايير البيئية وذات القدرة التنافسية. على سبيل المثال، في مجمع كوانتان الصناعي في ماليزيا، لعب مشروع البناء والصلب الصيني دورا ايجابيا في التنمية الاقتصادية المحلية.
ومن المنظور العالمي، فإن توسيع الصين للتعاون الدولي على مستوى طاقة الإنتاج يتماشى مع الاتجاهات الاقتصادية العالمية الراهنة. أولا، البنية التحتية لمعظم الدول على طول " الحزام والطريق" ضعيفة وذات مستوى متدني من التنمية والتحضر، ولا تمتلك الصين في مجال بناء البنية التحتية وتنمية التحضر التجربة الناجحة فحسب، وانما تمتلك الصناعات الداعمة الناضجة وقادرة على المنافسة. ويمكن من خلال التعاون الدولي على مستوى طاقة الإنتاج القدرة حقا على أن يكمل كل منهما الآخر، والمنفعة المتبادلة، ويمكن للميزة الصناعية التنافسية الصنية ان يكون لها مساهمة ايجابية في تنمية التصنيع والتحضر المحلي. ثانيا، التعاون الدولي على مستوى طاقة الإنتاج هو طريقة فعالة لمشاركة الشركات الصينية في المنافسة العالمية، وتفضي عملية التعاون الدولي على مستوى طاقة الإنتاج الى خروج الشركات الصينية، واستكشاف سبل فعالة لتحقيق أفضل توزيع الموارد على نطاق عالمي. وعلاوة على ذلك، فإنه نموذج جديد لتنمية التجارة الخارجية الصينية. ونحن نعتقد أنه من خلال المشاكة الفعالة في التعاون الدولي على مستوى طاقة الإنتاج، ستستمر الشركات الصينية في تحسين القدرة ومستوى المشاركة في المنافسة الدولية، وتشكيل ميزة تنافسية جديدة، التي تعد واحدة من أهداف بناء النظام الاقتصادي المفتوح الجديد.