وسط اهتمام محلي وعالمي غير مسبوقين بأوضاع ثاني أكبر اقتصاد حجماً في العالم ومستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الصين خلال الأعوام الخمسة المقبلة، بدأت الدورة التشريعية الصينية السنوية أعمالها يوم السبت الماضي. وجاء تقرير عمل الحكومة الذي قدمه رئيس مجلس الدولة (مجلس الوزراء) الصيني لي كه تشيانغ مطمئناً على الصعيدين المحلي والعالمي بأن الاقتصاد الصيني في مساره الصحيح رغم التحديات الكبيرة التي واجهها العام الماضي في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي.
ووفقاً لتقرير عمل الحكومة، فإن الصين تهدف للحفاظ على نمو اقتصادها بنسبة بين 6.5-7 في المئة على الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة في الوقت الذي تسعى جاهدة لخلق المزيد من فرص العمل وإعادة هيكلة الصناعات غير الكفؤة.
ويشكل النمو بنسبة 6.5 في المئة على الأقل وتيرة مدهشة بالنسبة لمعظم البلدان، ولكنه لا يزال يمثل أبطأ نمو في الصين خلال ربع قرن، فيما يواجه ثاني اقتصاد في العالم تذبذب الأسواق المالية، وتليين التجارة العالمية والجهود المبذولة للحد من التدهور البيئي. وقال رئيس الوزراء الصيني إن التنمية في البلاد تواجه المزيد من الصعوبات، والتحديات هذا العام، لذلك يجب أن تكون البلاد مسستعدة لمعركة صعبة.
وتهدف الحكومة الصينية في العام الحالي للحفاظ هدف تضخم في أسعار المستهلكين بحوالي 3 في المئة وتخفض الضرائب على نحو شامل وتوسع العرض النقدي بحوالي 13 في المئة، وفقاً لسلسلة من مشاريع التقارير التي نشرت يوم السبت. وكان كثيرون في الأوساط الاقتصادية يأملون في وضع الصين هدفاً أكبر للإنفاق المالي لدعم النمو، لكن الهدف المقترح جاء بأن يعادل العجز المالي 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ورغم أن ذلك يشكل ارتفاعاً مقارنة بالهدف في العام الماضي البالغ 2.3 في المئة، إلا أنه كان أقل مما كان متوقعاً، فيما أكدت الحكومة الصينية في المقابل إنها ستعمل وفق سياسة مالية أكثر إيجابية، بينما تشير الأرقام إلى أن عجز الحكومة المتوقع لعام 2016 سيبلغ 2.18 تريليون يوان (335 مليار دولار أمريكي)، بزيادة 560 مليار يوان عن العام الماضي. ومن بين الإجمالي 1.4 تريليون يوان من قيمة العجز للحكومة المركزية والـ 780مليار يوان المتبقية للحكومات المحلية.
وقال رئيس الوزراء الصيني إن "التخطيط للزيادة المعتدلة في العجز الحكومي قد تم بشكل رئيسي من أجل تقليل الضرائب وتخفيض الرسوم بغية تخفيض أعباء المؤسسات الاقتصادية بشكل أكبر ".
وتضمن تقرير عمل الحكومة التدابير التي من شأنها تخفيف الأعباء المالية على الشركات والأفراد بأكثر من 500 مليار يوان .ويتمثل أحد هذه التدابير في استبدال الضريبة التجارية بضريبة القيمة المضافة في جميع القطاعات، مما يضمن تخفيض الأعباء الضريبية على جميع الصناعات. ووضعت الصين إصلاح جانب العرض في قائمة الأولويات الاقتصادية، حيث يعتبر تخفيض الضرائب من أجل تقليل تكلفة الأعمال أمراً منتظراً على نطاق واسع.
وجاءت التخفيضات الضريبية عقب التدابير السابقة المتخذة من قبل مجلس الدولة لتخفيض الأعباء الضريبية ومدفوعات الضمان الاجتماعي على المؤسسات. ومن شأن الزيادة بـ 0.7بالمئة في نسبة العجز من الناتج المحلي الإجمالي للصين، أن توفر نحو 470 مليار يوان للحكومة للإنفاق .
ومع توسع الاقتصاد بأدنى مستوى خلال 25 عاماً في العام الماضي، نمت العائدات المالية بأبطأ وتيرة منذ عام1988 ، وقد أجمع خبراء من داخل الصين وخارجها على أن الحكومة التي تملك دخلاً كبير الحجم وديوناً منخفضة نسبياً يمكنها تحمل ارتفاع العجز لتسهيل الإصلاح الهيكلي، وأكدوا أن الصين لديها حيز مالي كافٍ لزيادة العجز في ميزانيتها من أجل تقديم الدعم للنمو الاقتصادي، وأن هناك حيزاً مالياً لتحفيز الاستهلاك من خلال زيادة الإنفاق العام في الصحة والتعليم وتخفيضات الضرائب.
وأكدت الحكومة الصينية أن الاقتصاد الصيني لا يتجه لهبوط حاد ولا يسهم في تباطؤ الاقتصاد العالمي، ولكنها أقرت بأن عدم اليقين والاستقرار في الاقتصاد العالمي يشكل خطراً على النمو في البلاد.
وأوضحت تصريحات المسؤولين الصينيين عن الشؤون الاقتصاية التحديات التي تواجه الصين في ظل تحول اقتصادها من الاعتماد على الاستثمار والتصدير إلى اقتصاد أكثر اعتماداً على الخدمات والاستهلاك.
وقال رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح شو شاو شى إن "الصين لن تواجه على الاطلاق هبوطاً حاداً وإن هذه التوقعات بهبوط حاد لن تصل إلى أي شيء." ولا يزال الاقتصاد الصيني من أسرع الاقتصادات الكبرى نمواً رغم نموه بمعدل 6.9 في المئة في عام 2015.
وقد وضعت نطاقاً لهدف النمو (6.5% إلى 7%) لهذا العام، بدلاً من الهدف الثابت كما أنها تسعى إلى مرونة أكبر في مساعي تحقيق النمو وخلق فرص العمل وإعادة هيكلة مجموعة من الشركات المتعثرة في بعض الصناعات.
وتضمن مشروع الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016-2020)للتنمية الوطنية الاقتصادية والاجتماعية الحفاظ على وتيرة نمو عالية إلى متوسطة لمضاعفة الناتج المحلي الإجمالي ونصيب الفرد من الدخل بحلول عام 2020 بالمقارنة مع مستوى عام 2010، وتعزيز مفاهيم التنمية الجديدة الخمسة "الابتكار والتنسيق والتنمية الخضراء والانفتاح والمشاركة".ونصت الخطة على تحقيق اختراقات في التكنولوجيات الأساسية بما في ذلك اتصالات المعلومات والطاقة الجديدة والمواد الجديدة والطيران والطب الأحيائي والتصنيع الذكي وتطوير الأبحاث العلمية حول تطور الكون وبنية المادة وأصل الحياة والعقل والإدراك وتحسين نوعية وكفاءة العرض وتحفيز الطلب الحقيقي من أجل تعزيز زخم النمو الجديد، وإيجاد مزايا تنافسية جديدة للتجارة الخارجية من خلال تصدير المزيد من المعدات رفيعة المستوى والمنتجات ذات القيمة المضافة العالية.
وحوت الخطة الخمسية الجديدة أهدافاً طموحة في مجالات الصناعات الحديثة والإنترنت وثورة الطاقة والتحضر والقوة البحرية والبيئة الانفتاح والحزام والطريق والإدارة الاقتصادية العالمية والمسؤولية الدولية ورفاهية الشعب وصياغة وتنفيذ سياسات الأمن القومي في السياسات والأراضي والاقتصاد والمجتمع والموارد والإنترنت، وتعزيز قوات مكافحة الإرهاب وتعزيز التعاون الدولي، ودفع الدفاع الوطني والتحديث العسكري.
-------------------------------------
الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة
مصدر:شبكة الصين