بكين 29 فبراير 2016 / من المقرر أن تفتتح الدورة الرابعة للمجلس الوطني الـ12 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، أعلى هيئة استشارية سياسية للصين، والدورة السنوية الرابعة للمجلس الوطني الثاني عشر لنواب الشعب الصيني، أعلى جهاز تشريعي في الصين، ببكين في 3 و 5 مارس القادم على الترتيب، وبصفتها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يثير افتتاح أكبر اجتماعين سياسيين في الصين أنظار العالم. وفيما يلي بعض التطلعات والتوقعات المرجوة من اجتماعي هذا العام من حيث الاقتصاد والسياسات الخارجية.
--الاقتصاد
قال قو شنغ تسو، نائب مدير اللجنة الاقتصادية والمالية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، إن عام 2016 يمثل بداية تطبيق الخطة الخمسية الـ13، لذا ستصبح مراجعة هذه الخطة موضوعا مهما خلال الاجتماعين السياسيين الكبيرين هذا العام، إذ سيتم رسم خارطة طريق تحقيق هدف بناء مجتمع رغيد الحياة على نحو كامل وفي الوقت المحدد، مشيرا إلى أن اقتصاد الصين يواجه ضغوطا وإمكانيات في آن واحد. لكن لن يشهد هبوطا خشنا.
وأعرب وزير الخارجية الصيني وانغ يي أيضا عن هذا الرأي في خطاب ألقاه في المركز الأمريكي للدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن مؤخرا. وبينما استبعد وانغ أن يشهد اقتصاد الصين هبوطا خشنا، أوضح أن الإصلاح والانفتاح هما السلاح السحري لتحقيق النمو الاقتصادي المثير للاعجاب في الصين، وقد أصبحا سياسة وطنية أساسية للصين. ويجمع الحزب والشعب على مواصلة الإصلاح والانفتاح كي يحقق الاقتصاد الصيني نموا من متوسط الى سريع ويتحول الى اقتصاد أكثر صحة واستدامة.
وكانت شركة ()سي أي سي سي()، أول بنك استثماري بتمويل صيني-أجنبي في الصين، أصدرت مؤخرا تقريرا حول تطلعات الاجتماعين السياسيين، ورأت أن النمو المستقر سيزداد وزنه في الاقتصاد الصيني، حيث أن الصين لن تسعى إلى نمو مفرط ، لكنها ستضع تركيزها الأكبر على التعديل الهيكلي وتعميق الإصلاح.
وتوقع التقرير أن تخفض الحكومة الصينية هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي من 7 في المائة عام 2015 إلى ما بين 6.5 و 7 في المائة هذا العام، مشيرا إلى أنه على الرغم من خفض هدف نمو الاقتصاد، إلا أن الحكومة ستبذل جهودا للحفاظ على قوة النمو الاقتصادي لتهيئة بيئة مستقرة لإجراء التعديلات الهيكلية اللازمة وضمان تحقيق هدف مضاعفة نمو الاقتصاد في عام 2020 مقارنة بعام2010.
لذلك، توقع التقرير أن تقدم الحكومة سياسات اقتصادي كلي إيجابية، وأن تلعب السياسة المالية دورا أكثر إيجابيا، إذ سيرتفع عجز الميزانية من 2.3 في المائة العام الماضي إلى 3 في المائة هذا العام، وأن يتم تطبيق إجراءات خفض الضرائب المختلفة. ومن المتوقع أن تدرس وزارة المالية ملفات خفض ضريبة القيمة المضافة للصناعات التحويلية وخفض ضرائب التأمين الاجتماعي للشركات وإصلاح ضرائب الدخل الفردي وغيرها.
وتوقع التقرير أن تحافظ السياسة النقدية على حالة مستقرة وتعمل لدفع النمو الاقتصادي ويزداد الاستثمار الاجتماعي بنسبة 13في المائة، حيث أن الظروف النقدية ما زالت جيدة، مضيفا أن القوى الداعمة للاستثمار في البنية التحتية قد تعززت نظرا لانخفاض الاستثمار في الصناعات التحويلية وعدم استقرار الاستثمار في القطاع العقاري. كما توقع إصدار سياسات لضمان الحفاظ على النمو المستقر للاستهلاك.
كما سيتم تدقيق أعمال الإصلاح في جانب العرض بحسب التقرير، قائلا إن مجلس الدولة الصيني سيقوم بإصدار برامج تطبيق ذات صلة، مشيرا إلى أن مؤتمر أعمال الاقتصاد المركزي الذي عقد في ديسمبر الماضي قد أبدى رغبة الحكومة في تسريع الإصلاح في جانب العرض.
وفي هذا الصدد، اتفق قو شنغ تسو مع التقرير، قائلا إن الإصلاح في جانب العرض سيلقي اهتماما بالغا، لأن الإصلاح لا يمكن أن يعزز حيوية الاقتصاد الجزئي فحسب، بل يمكن أن يساعد على إيجاد قوة دافعة جديدة لتحقيق تحويل نمط الاقتصاد الصيني.
ومن جانبه، قال تساى تشي تشو، باحث بمركز دراسات الحسابات الوطنية بجامعة بكين، إن عام 2016 يمثل مرحلة حاسمة بالنسبة إلى النمو الاقتصادي الصيني، ويجب على الحكومة تحسين الإصلاح في جانب العرض، ومواصلة توسيع الطلب بشكل مناسب، لكي يحقق الاقتصاد الصيني نموا مستقرا في الإطار المرجو، وتعظيم قوة انتاج المجتمع الصيني بشكل شامل.
-- السياسات الخارجية
كالعادة، من المتوقع أن يتحدث تقرير أعمال الحكومة هذا العام عن الدبلوماسية الصينية بشكل خاص ويستعرض الإنجازات التي حققتها الصين في العام الفائت والمسار المتوقع للعام الجاري.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قال في تهنئته بالسنة الجديدة 2016، إن العالم كبير والمشاكل كثيرة ويتطلع المجتمع الدولي إلى الاستماع إلى صوت الصين ورؤية المقترحات الصينية، وهو ما يشير الى عزم الدولة الكبرى المسؤولة على تحمل التزاماتها الدولية.
وزار الرئيس شي في يناير هذا العام كل من السعودية ومصر وإيران، وترمز هذه الزيارة إلى أن آثار أقدام الرئيس قد طرقت القارات الخمس. وتقول الإحصاءات إن الرئيس قام بزيارات خارجية من 5 إلى 8 مرات كل عام ما بين 14 و 18 دولة سنويا. وعلى هذه الوتيرة، سيواصل الرئيس شي زياراته الخارجية هذا العام.
وشرح وانغ يي خلال خطابه في المركز الأمريكي للدراسات الإستراتيجية والدولية المهام الخمس لدبلوماسية الصين في المستقبل: أولا، جعل الدول والشعوب أكثر دراية بالنظام الاجتماعي ومسار التنمية اللذان تنتهجهما الصين، مشيرا الى أن الصين ترغب في التبادل مع المجتمع الدولي على أساس متكافئ مسار النمو الذي تختاره أي دولة بحسب ظروفها الوطنية.
ثانيا، ستعمل الصين بقوة للحفاظ على النظام الدولي الذي تم إنشائه في نهاية الحرب العالمية الثانية، وستحافظ على المبادئ الأساسية للعلاقات الدولية المتمثلة في ميثاق الأمم المتحدة ونظام التجارة الدولية الحرة والمنفتحة.
ثالثا، ستعمل الدبلوماسية الصينية على خدمة النمو في الصين بشكل أكثر إيجابية تركيزا على مبادرة "الحزام والطريق" التي طرحتها الصين. وفي هذا الصدد تعهدت الصين بزيادة الترابط والتعاون في مجال القدرة الإنتاجية والتبادلات الشعبية التي تعود بالفائدة على الجميع.
رابعا، حماية المصالح الصينية الخارجية المتوسعة.
خامسا، ستشارك الصين في حل القضايا الدولية والإقليمية الساخنة بطريقة أكثر فعالية بدافع المسؤولية الملقاة على عاتقها كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي وعائد حل المشاكل الساخنة من حيث تقديم بيئة دولية أفضل لنمو الصين.
ووفقا لشي يونغ مينغ، الباحث المساعد في معهد الدراسات الدولية، فإن مفهوم الصين لـ"مجتمع المصير المشترك"، واستراتيجيتها المتمثلة في " التعاون المربح للجميع" ومبادرتها المتعلقة بـ "الحزام والطريق"، يربط التنمية في الصين بالتنمية في الدول المجاورة وبالتالي ربط العالم سلميا، لذلك ترغب الصين في سلك طريق النمو المشترك مع دول العالم كتفا بكتف.