تعليق: الحفاظ على تنمية مطردة للعلاقات الصينية- الأمريكية يتطلب رؤية وحكمة

واشنطن 25 فبراير 2016 / اختتم وزير الخارجية الصيني وانغ يي زيارة هامة إلى الولايات المتحدة يوم الخميس، بدعوة قوية إلى الحفاظ على التنمية المطردة للعلاقات الصينية-الأمريكية برؤية وحكمة.

وركزت زيارة وانغ، التي جاءت وسط توترات متصاعدة في شبه الجزيرة الكورية وتوتر في العلاقات بين الصين والولايات المتحدة حول قضية بحر الصين الجنوبي، ركزت بشكل رئيسي على الاتصال والتنسيق بين الصين والولايات المتحدة بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك والحيلولة دون خروج العلاقات الثنائية عن مسارها.

إنها زيارة تأتي في حينها في ضوء ما قامت به جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية مؤخرا من تجربة نووية وإطلاق لقمر صناعي، الأمر الذي هدد الاستقرار في شرق آسيا من خلال دفع شبه الجزيرة الكورية إلى حافة مواجهة مسلحة.

وفي إطار جدول أعمال مزدحم، عقد وانغ سلسلة من الاجتماعات مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري ومستشارة الأمن الوطني سوزان رايس وقادة الكونغرس المعنيين بالسياسة الخارجية، لإجراء مناقشات شاملة وعميقة حول نطاق واسع من القضايا الملحة.

واستعرض الجانبان واشادا بالإنجازات الملموسة التي تحققت تعاونهما السابق بشأن قضايا مثل العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية، وتغير المناخ، والمحادثات النووية الإيرانية، وأفغانستان ومحادثات السلام السورية.

كما اتفقا على ضرورة فرض مزيد من العقوبات على كوريا الديمقراطية التي يجرى التفاوض بشأنها داخل إطار مجلس الأمن الدولي. ومن المتوقع أن يعتمد المجلس قرارا بشأن كوريا الديمقراطية في وقت قريب كنتيجة للمفاوضات.

وأعربت الصين عن دعمها وتعهداتها بتقديم إسهامات إيجابية لقمة الأمن النووي المرتقبة التي سيستضيفها أوباما في نهاية مارس القادم، فيما تعهدت الولايات المتحدة بدعم الصين في استضافتها لقمة مجموعة العشرين في سبتمبر المقبل. وسوف تتيح القمتان حدثين يمكن أن يلتقى فيهما أوباما والرئيس الصيني شي جين بينغ ويبحثا سبل تضييق الخلافات وتعميق التعاون الثنائي.

ورغم أن الجانبين لا يزالا مختلفين بشأن قضية بحر الصين الجنوبي، إلا إنهما اتفقا بالفعل على ضرورة تسوية النزاعات البحرية هناك عبر الحوار والدبلوماسية.

ومن المأمول أن تساعد هذه الزيارة في تخفيف التوترات وزيادة الفهم المتبادل لمنع سوء تقدير الأمور والحكم عليها ولاسيما بشأن قضية بحر الصين الجنوبي.

وبشكل عام، كما أوضح وانغ، فإن بحر الصين الجنوبي لا ولن يشكل قضية بين الصين والولايات المتحدة، التي لا تعد طرفا فيه. وبما أن الصين لن تتنازل عن مصالحها الجوهرية، فعلى واشنطن تعلم احترام الصين من خلال اخذ احتياجاتها ومصالحها بصدق في الاعتبار.

ومن السذاجة افتراض أن العلاقات الصينية- الأمريكية، بقدر ما هي مترابطة ترابطا منطقيا ومتنوعة ومعقدة، ستكون خالية من الخلافات والنزاعات. ومن هذا المنطلق يأتي دعم الصين القوي لبناء نمط جديد من العلاقات بين الدول الكبري مع الولايات المتحدة يتسم بعدم المواجهة وعدم الصراع والاحترام المتبادل والتعاون المربح للجميع.

وإن السبيل لكي تتفادى الصين والولايات المتحدة السقوط فيما يسمى بـ"فخ ثيوسيديدز" يكمن في توسيع مجالات التعاون والإدارة الملائمة لنزاعتهما بطريقة بناءة.

وفي هذا الإطار، يتعين على الولايات المتحدة القيام بالكثير من العمل بحثا عن الذات بشأن قضية بحر الصين الجنوبي التي تستخدمها واشنطن كأداة لإحتواء الصين بسبب الارتياب المزمن لديها بأن نهوض الصين سيهدد هيمنها في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وفي خطاب ألقاه بمركز الدراسات الإستراتيجية والدولية البحثي الأمريكي يوم الخميس، اقترح وانغ أن تتعامل واشنطن مع العلاقات الصينية- الأمريكية برؤية وحكمة.

وشدد وزير الخارجية الصيني على ضرورة "استخدام تليسكوب للنظر في مستقبل العلاقات الصينية- الأمريكية، بدلا من استخدام ميكروسكوب لتعظيم المشكلات الحالية".

وكما أكد وانغ، فإن الصين ليس لديها نية لتحدى الولايات المتحدة حيث أنها تنكب الآن على السعي إلى تحقيق حلم نهضة الأمة الصينية من خلال التنمية الاقتصادية .

ومن أجل تطوير علاقات صينية-أمريكية مستقرة وصحية لا تعود بالفائدة على شعبي البلدين فحسب، وإنما على العالم بأسره، لابد لواشنطن حقا من إعارة الصين آذانا صاغية في هذا الصدد.