اختتم الرئيس الصيني شي جين بينغ لتوه جولته في الشرق الأوسط التي شملت السعودية ومصر وإيران واستمرت من 19 إلى 24 يناير الجاري. ونظرا للوضع المعقد الذي يمر به الشرق الاوسط مؤخرا، فقد لقيت زيارة شي جين بينغ الى المنطقة اهتماما بالغا من قبل وسائل الاعلامية الدولية.
اصدرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية مقالا قالت فيه :" أنه لا يمكن ان نرى من زيارة الرئيس جين بينغ الى الشرق الاوسط ، إلا التملق السعودي والايراني للصين." في حين خمنت إذاعة "صوت أمريكا " أن الرئيس الصيني شي جين بينغ قد يسعى من خلال بذل مساعي حميدة للوساطة لتخفيف حدة التوتر بين المملكة العربية السعودية وايران." وهذه الاصوات ما هي الا اصواتا غيورة، لان معظم تعليقات وسائل الاعلام الاجنبية تؤكد مهم من زيارة شي جين بينغ الى المنطقة وهو أن الصين تسعى الى تعزيز مشاركتها في المنطقة للمساعدة في إعادة بناء نظام مستقر في الشرق الأوسط.
تعيش منطقة الشرق الاوسط حالة من عدم الاستقرار منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأن تطبيق قانون الغابه وفرض القوه بدلا من الحوار والتشاور يجعل من الصعب تحقيق السلام والامن في المنطقة. وتشهد القوات الغربية التي خربت واخترقت عميقا في الشرق الاوسط حالة من التردد. وفي السنوات الاخيرة، بذلت الصين المزيد من الجهود للمشاركة في شؤون الشرق الاوسط، كما لعبت دورا ايجابيا في تعزيز العلاقات الصينية ـ العربية، والمشاركة في المفاوضات النووية الايرنية، والعمل بنشاط في تعزيز التسوية السلمية للازمة السورية وغيرها من الاجوانب الاخرى.
وإن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ رفيعة المستوى الى الشرق الاوسط كتبت علاقات الصداقة الجيدة بين الصين ودول المنطقة، وفي ظل الفشل المتكرر لـ" وصفة طبية" الغربية، فهل جلبت "الخطة الصينية" بعض التغيرات لمنطقة الشرق الاوسط؟
اولا، التوجه نحو الشرق املا جديدا لدول الشرق الاوسط في تحقيق السلام
تركت الحروب التي شهدها الشرق الاوسط عبر تاريخه الطويل بصمات وآثارا واضحة في البلدان الكبيرة في المنطقة، بالاضافة الى موفق " الاخ الاكبر " والتدخل في شؤون المنطقة. وتعتبر الصين البلد الكبير الوحيد الذي لم يستخدم القوة في الشرق الاوسط. وتصر الصين دائما على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، وظلت تلتزم بموقف موضوعي وعادل من قضايا الشرق الاوسط، وتدعو للأخلاق والعدالة، وكسب "دور الصين" المزيد والمزيد من الثقة والثناء. وذكرت "صحيفة لوموند" الفرنسية في مقال نشرته على موقعها الالكتروني يوم 15 ينار الجاري، الصين تحرص على عدم الانخراط في الشؤون السياسية السعودية خلال الممارسات التجارية، وهذه النقطة تختلف عن الولايات المتحدة، التي تنتقد حقوق الانسان في السعودية دائما.
ثانيا، تعزيز التعاون بين دول على طول "الحزام والطريق" لتحقيق التنمية المشتركة
تعتبر منطقة الشرق الاوسط نقطة تقاطع الحزام الاقتصادي لطريق الحرير الجديد وطريق الحرير البحري في القرن ال21 ، كما أن موقعها كمحو للنقل و امتلاكها للطاقة يجعلها مهمة لتعزيز بناء " الحزام والطريق". وركزت زيارة شي جين بينغ الى الشرق الاوسط هذه المرة على تعزيز بناء" الحزام والطريق"، مما يجعلها "فرصة استراتيجية" مشتركة بين الصين ودول الشرق الاوسط.
وذكرت جريدة الباييس الاسبانية في مقال نشرته على موقعها الالكتروني، أن منطقة الشرق الاوسط مفتاح تنفيذ خطة "طريق الحرير الجديد". وأن الصين تريد التواصل وفتح مجالات الاتصال مع الغرب من خلال تخطيط وبناء البنية التحتية.
ونرى من الواقع التاريخي أن المملكة العربية السعودية ومصر وايران جميعها محطات مهمة في الطرف الغربي من طريق الحرير القديم. وقال جو وي لي أستاذ في معهد دراسات الشـرق الأوسط بجامعة شنغهاي للدراسات الدولية، ان مصر دولة مهمة في "الحزام والطريق" لموقعها بين اوروبا واسيا وافريقيا، كما أن مصر اكثر الحاحا الى التعاون مع الصين بعد سنوات عديدة من الاضطرابات والفوضى والفترة الانتقالية التي مرت بها مصر، ودخولها فترة التنمية الاقتصادية. وقال الرئيس المصر عبد الفتاح السيسي خلال زيارته الأولى للصين في نهاية عام 2014، أن مصر مستعدة للمشاركة بنشاط في دعم عملية بناء "الحزام والطريق" لما تحققه في فرصة.
ثالثا، توطيد وتعميق الصداقة بين الصين والدول العربية
الاضطرابات في الشرق الاوسط جعلت العالم يشعر بالقلق، حيث تواجه المنطقة منذ اندلاع " الربيع العربي" تحديات كبيرة من اجل الحفاظ على السلام والاستقرار،وتعزيز التنمية والازدهار، يبدو أن "التوجه نحو الشرق" املا جديدا لدول الشرق الاوسط.
زيارة شي جين بينغ الى ثلاث دول في الشرق الاوسط لم تسلط الضوء فقط على الموقف الدبلوماسي الفريد من نوعه للصين اتجاه الشرق الاوسط، وانما تعكس ايضا على تعزيز الصداقة التقليدية والثقة المتبادلة والتعاون بين الصين والدول العربية. وقد شهد تعميق العلاقات التقليدية او رفع بمستوى العلاقات الثنائية تحسن بشكل ملحوظ.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ في رسالة تهنئة عام 2016:" العالم كبير وكبير جدا، يعاني من الكثير من المشاكل، والمجتمع الدولي يتطلع الى سماع صوت الصين، ورؤية برنامج الصين، ولا يمكن للصين ان يكون غائبا." وجولة شي جين بينغ لعام 2016 بدأت بالفعل، قد عرضت ثقة ومسئولية دبلوماسية القوى الكبرى ذات الخصائص الصينية ، لمواجهة الوضع المعقد في الشرق الاوسط.