بعد اختتام زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ التاريخية الى الشرق الأوسط يوم الأحد، تكون الصين قد أثبتت مجددا للمجتمع الدولي أنها لم تحد أبدا عن التزامها الذي قطعته على نفسها إزاء السلام والتنمية في المنطقة.
وباختياره للشرق الأوسط كوجهة لأول جولة خارجية له في عام 2016، ووصوله قبل أي زعيم عالمي أخر بعد رفع العقوبات النووية على إيران، أظهر شي عزمه على الانخراط البناء مع المنطقة الواعدة التي تكافح من أجل مستقبل أفضل.
وتعد منطقة الشرق الأوسط واحدة من أهم المناطق الإستراتيجية في العالم نظرا لموقعها الحاسم ومواردها الوفيرة.
وعلى مدى عقود، استثمرت الدول الغربية بكثافة لتصبح قوة مهيمنة في الشرق الأوسط، إلا أن انتفاضات "الربيع العربي" التي اندلعت في 2011 وأشاد بها الغرب، لم تجلب للمنطقة سوى تفاقم الفقر والإحباطات والنزاعات الطائفية والتطرف الجامح.
وفي هذا الوقت الحرج، عرضت الصين، من خلال معالجة الأسباب الجذرية للأزمات المزمنة في المنطقة، نهجا بديلا يؤكد على الحوار في تسوية النزاعات والتنمية بهدف انتشال المنطقة في نهاية المطاف من مستنقع الإرهاب وإراقة الدماء.
وقدمت الصين دوما هذا الحل منذ أن بدأت في إقامة علاقاتها الدبلوماسية مع مصر، التي تقع في الشرق الأوسط، قبل 60 عاما.
ومنذ ذلك الحين، لم تتوقف الصين عن العمل على التسوية السلمية للنزاعات الإقليمية في المنطقة.
وفي عام 2013، التقى شي مع الزعيمين الفلسطيني والإسرائيلي، ودعا الجانبين الى إنهاء العداء الممتد من خلال المفاوضات بدلا من المواجهة.
ولتأمين التوصل الى اتفاق نووي تاريخي في العام الماضي بين إيران والقوى العالمية يحد من المواجهة في المنطقة، لعبت الصين بموقفها النزيه والحيادي دورا لا غنى عنه وبناء.
كما عملت بشكل حساس على استكشاف سبل لإنهاء الاضطرابات التي تجتاح سوريا منذ عام 2011، ووقفت بحزم ضد التدخل العسكري الذي يأتي بنتائج عكسية، وتواصلت مع الأطراف المتخاصمة في محاولة لحل خلافاتهم سلميا. وفي الوقت نفسه، استجابت الصين بهمة إزاء الأزمة الإنسانية في الدولة، وقدمت الملايين من الدولارات في صورة مساعدات.
وفي جولته التي استغرقت 5 أيام في الشرق الأوسط، أكد شي مجددا أن استعداد الصين للانخراط بشكل بناء مع المنطقة لا يزال قويا.
وخلال الجولة، رفعت الصين مستوى علاقاتها مع السعودية وإيران وتعهدت بإضافة المزيد من القيم لشراكتها الإستراتيجية الشاملة مع مصر.
واقتصاديا، وقعت الصين 52 اتفاقية تعاون مع الدول الثلاث تغطي طيفا واسعا من المجالات بما في ذلك الطاقة والأمن والبنية التحتية.
وزادت الاتفاقيات، الموقعة تحت إطار مبادرة "الحزام والطريق"، الرؤية الطموحة التي طرحها شي في عام 2013 لتعزيز الترابط والتنمية المشتركة بطول طرق الحرير البرية والبحرية القديمة، التعاون العملي بين الصين والشرق الأوسط عمقا واتساعا بشكل كبير.
وتمنح هذه الاتفاقيات رأس المال ومشاريع الإنشاء والمعرفة التكنولوجية التي تحتاج إليها المنطقة بشدة ما يساعدها على التغلب على اضطراباتها الحالية بالتنمية والازدهار.
وتثبت الوقائع مرة اخرى أن الصين لم تغب أبدا عن المساهمة في إرساء السلام والتنمية في الشرق الأوسط.