بكين 19 يناير 2016 / من المتوقع الانتهاء من بناء مركز أعمال جديد يشتهر باسم مدينة الحرير بحلول عام 2035 في شمال الكويت ليكون محطة رئيسية جديدة على طريق الحرير التجاري القديم.
وتتميز المدينة بناطحة سحاب ترتفع بطول 1001 متر في خطتها الرئيسية ويشارك في بنائها شركات كويتية وصينية في إطار مبادرة "الحزام والطريق" الصينية. ويجرى بالفعل تنفيذ مشروع طريق الشيخ جابر بطول 36 كيلومترا ويربط مدينة الحرير بمدينة الكويت.
كما تتعاون الصين مع العديد من دول الشرق الأوسط الاخرى مثل مصر وقطر وعمان لتسريع وتيرة التعاون في البنية التحتية والتصنيع ومجالات أخرى.
وبالاستثمارات الهائلة في رأس المال والأفراد والتكنولوجيا والخبرات، تلعب الشركات الصينية في الشرق الأوسط دورا هاما في استدامة وتحديث الاقتصاد الإقليمي وتسهيل الاستقرار الاجتماعي في منطقة التى عادة ما تشهد نزاعات.
ليس النفط فقط
يعد التعاون في مجال الطاقة جزءا مهما فى التفاعلات الاقتصادية للصين في الشرق الأوسط نظرا لأن نصف واردات الصين من النفط تأتي من المنطقة.
لكن الخبراء يقولون إن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين -- أي مبادرة "الحزام والطريق" -- توفر فرصة جيدة لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين.
وقال وو بينغ بينغ، رئيس معهد دراسات الثقافة العربية-الاسلامية، في جامعة بكين "هناك قصور كبيرة في البنية التحتية في العديد من دول الشرق الأوسط نتيجة عقوبات أو صعوبات اقتصادية أو مشكلات أمنية."
وأضاف "تحتاج بعض الدول لتسريع التنمية الصناعية من أجل استيعاب الزيادة في تعداد السكان وفائض العمالة، وهما مجالان يمكن للمبادرة ان تساعد فى تلبية حاجات دول الشرق الاوسط فيهما."
وقال لي قوه فو، مدير دراسات الشرق الأوسط في المعهد الصيني للدراسات الدولية، إن أفضل جزء من مبادرة "الحزام والطريق" هو الجزء الخاص بربط تنمية الصين بتنمية الدول الأخرى.
وقال محمود علام، سفير مصري سابق لدى الصين، إن مبادرة "الحزام والطريق" شهدت الكثير من القبول والترحيب حيث تمر من خلال دول الشرق الأوسط.
البنية التحتية
قال وو سي كه، المبعوث الصيني الخاص السابق للشرق الأوسط، "هناك حاجة ضرورية لتنمية البنية التحتية من اجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط، وتتعاون الشركات الصينية مع الدول العربية في هذا المجال منذ وقت طويل، ما أدى لتراكم أساس معين."
وأدرج تقرير السياسة الصينية تجاه الدولة العربية الذى صدر في الأسبوع الماضي المجالات التقليدية مثل السكك الحديد والطرق السريعة والموانئ وكذلك الطيران والأقمار الصناعية ضمن مجالات التعاون في البنية التحتية مع الشرق الأوسط.
وألقى وو بينغ بينغ الضوء على بناء السكك الحديد كمثال لتعاون الصين مع الشرق الأوسط.
وأشار إلى أن بناء المرحلة الثانية من خط السكة الحديد فائق السرعة بين مدينتي أنقرة واسطنبول في تركيا مشروع هام وان مشروع خط السكك الحديد الخفيف في مكة بالسعودية سهل التنقلات بدرجة كبيرة للحجاج.
وقال إنه توجد فرص ضخمة للشركات الصينية في المنطقة حيث تحتاج دول ذات كثافة سكانية عالية مثل إيران ومصر للمزيد من الاستثمارات في البنية التحتية.
وفي أغسطس عام 2014، وافقت الحكومة المصرية على توسيع قناة السويس بطول 72 كيلومترا لتعزيز الاقتصاد المصري المتعثر. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن الشركات الصينية تتمتع بفرص كبيرة في هذا المشروع.
وقال أحمد قنديل، خبير الشؤون الآسيوية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن دول الشرق الأوسط، خاصة مصر، يمكن أن تستفيد من تقدم الصين في دراسات الفضاء.
وقال لوكالة (شينخوا) للانباء إن الجانبين يمكنهما التعاون في صناعة الأقمار الصناعية وبناء المحطات الأرضية ومعالجة البيانات، ما يخدم مصر في مشروعاتها التنمية الوطنية.
الوظائف
وإلى جانب البنية التحتية، يمكن أن يصبح التعاون في قدرات الإنتاج نقطة تركيز فى التعاون الثنائي في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، ما سيخلق فرص عمل خاصة للشباب.
وقال لي، مدير دراسات الشرق الأوسط، "المشكلة الأكبر التي تواجه العديد من بلدان الشرق الأوسط اجتماعية مثل البطالة، خاصة في مصر التي بها تعداد سكان كبير."
وأوضح لوكالة شينخوا إن جزء هام من المبادرة الصينية هو عرض بناء البنية التحتية والخبرات، ما يعمل على توفير فرص جيدة للشباب.
وأيد قنديل وجهة النظر نفسها وقال إن المبادرة يمكن أن تساهم في خفض معدل البطالة في المنطقة.
وقال "حل المشكلة الاجتماعية والاقتصادية يمكن أن يكون مباشر عن طريق مشروعات أو غير مباشر عن طريق دفع النشاط الاقتصادي، ما سيزيد النمو الاقتصادي ليخدم مصالح الشعب بشكل عام."
وأشار وو بينغ بينغ إلى أن دولا مثل مصر والسودان والعراق وإيران لديها وفرة في الأيدي العاملة وعمالة منخفضة التكاليف وتعليم جيد وتوفير بيئة جيدة لتنمية قطاع التصنيع.
وقال "على سبيل المثال، يمكن لمجالات النسيج والصلب والاسمنت ومواد البناء أن تكون مجالات محتملة للتعاون في بناء القدرات مع مصر، وفي إيران توجد فرص كبيرة في قطاعي السيارات والكهرباء."
هل الصين راكب حر؟
وردا على الاتهامات الغربية بأن الصين "راكب حر" في الشرق الأوسط، يقول الخبراء إن سياسة الصين في المنطقة مختلفة عن سياسة الغرب.
وقال وو بينغ بينغ "نركز على الاقتصاد والتجارة والتنمية وهو ما يساعد هذه الدول في حل مشكلاتها المحلية والاقليمية الخاصة بها، لكن الدول الغربية تهتم بشكل رئيسي بالمصالح السياسية والأمنية."
وقال الخبير إن تشغيل الصين المستمر لمشروعات استثمارية واسعة النطاق في العراق، على سبيل المثال، ساعد في زيادة دخل الحكومة وتحسين الاستقرار الاجتماعي، ما جعل العمليات الأمنية أسهل.
وقال وو سي كه إن حتى بعد الفوضى التي سببها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق في عام 2014 لم توقف الصين تعاونها الاقتصادي مع العراق، وقال "أخبرتني الحكومة العراقية أن دور الصين ساهم بدرجة كبيرة في الاستقرار الوطني."
وأشار وو بينغ بينغ إلى أن كل دولة لها دور فريد في الشرق الأوسط ولابد أن تستغل مميزاتها وتلتزم بمبادئها الخاصة.
وقال إن الدول الغربية يتعين ان تتحمل المسؤولية عن الوضع الفوضوي في الشرق الأوسط.
وأوضح "ترجع الفوضى الحالية في الشرق الأوسط بدرجة كبيرة للسياسات الخاطئة للغرب. وان وصف الصين بالراكب الحر فى مثل هذا الوضع أمر غريب وغير مقبول."
وقال علام إن هناك خلافات قائمة بين الدول الغربية والصين فيما يتعلق بسياسات الشرق الأوسط.
وقال لوكالة شينخوا "ينظر الغرب دوما للشرق الأوسط بمنظور استعماري وإمبريالي ويعمل على تقويض الشرق الاوسط ونشر الفوضى والخلافات والتعصب الديني من أجل تسهيل السيطرة على الثروة."
"لكن السياسة الصينية في المنطقة قائمة على التنمية والتعاون وبناء قدرات دول المنطقة والدفاع عن حقوق الشرق الأوسط وأفريقيا دون التدخل في شؤونها"، وفقا لما قال.
وقال السفير السابق "تساعد السياسات الصينية فى دفع قطار التنمية في المنطقة ورفع مستوى المعيشة دون استغلال لموارد المنطقة أو ثرواتها."
وأشاد بالصين ووصفها بنموذج للدولة المسؤولة التي تحافظ على توازن العلاقات دون تدخل. وقال "لهذا فتحت دول الشرق الأوسط ذراعيها للتعاون مع الصين بدلا من الغرب."