الرباط 15 يناير 2016 /طالبت هيئات حقوقية ومنظمات من المجتمع المدني بالمغرب الحكومة بإلغاء معاشات البرلمانيين والوزراء، انسجاما مع التوجهات التي سطرها قانون المالية لسنة 2016 والذي تضمن عدة تدابير وإجراءات تقشفية.
واعتبرت هذه الهيئات أن تكلفة هذه المعاشات ترهق ميزانية الدولة التي تعيش الكثير من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، معتبرة ان البرلمانيين والوزراء لا يمارسون مهنا بل مهمات سياسية لا تتطلب معاشات.
ويتقاضى البرلمانيون بالمغرب معاشا مدى الحياة بعد انتهاء مدة انتدابهم يقدر بنحو ألفي دولار كل شهر ، فيما يتجاوز معاش الوزراء الشهري 3400 دولار ، علما أن عدد النواب بغرفتي البرلمان يقدر ب 515 برلمانيا بينما تضم الحكومة الحالية 39 وزيرا.
واعتبرت الشبكة المغربية لحماية المال العام (جمعية حقوقية تنشط في مجال مراقبة صرف المال العام) ، أن مطلب إلغاء معاشات البرلمانيين والوزراء أصبح مطلبا شعبيا ودعت لطرح نقاش مواز يتعلق بنظام الأجور الذي يتضمن فوارق مهولة بين أعلى أجر وأدنى أجر ب 100 مرة.
وقال رئيس الشبكة محمد مسكاوي لوكالة انباء ((شينخوا)) ، إن أجور كبار الموظفين والمسؤولين بالبلاد ضخمة جدا مقارنة مع الإمكانيات المالية للدولة، لافتا إلى أن هذه الاجور الكبيرة أوصلت عددا من المؤسسات للإفلاس.
واعتبر أن تقاعد البرلمانيين والوزراء مخالف لقوانين أنظمة التقاعد المبنية على وظيفة نظامية وسنوات من الخدمة والوصول لسن التقاعد، مؤكدا ان هذه المعاشات نوع من الريع السياسي.
أما جمعية حماية المال العام ، والتي تنشط في المجال ذاته ، فنظمت من جهتها مؤخرا وقفة احتجاجية تحت شعار "جميعا من أجل إلغاء تقاعد البرلمانيين والوزراء".
وأوضح رئيس هذه الجمعية محمد الغلوسي في اتصال مماثل أن جزءا مما يمنح للبرلمانيين والوزراء يعتبر تبذيرا للمال العام، وجزءا من الريع.
وقال إنه آن الأوان لوقفها ووضع حد لهذا التوجه الذي وصفته ب "غير المعقلن".
ونظم البرلمان المغربي أمس الخميس ندوة لتسليط الضوء على هذا الموضوع حيث أجمع النواب عن رفضهم المطلق لهذا الموضوع الذي احتل واجهة النقاش العمومي بالمملكة خلال الأسابيع الأخيرة.
واعتبر نواب من المعارضة والأغلبية على التوالي أن النقاش المثار حول هذا الموضوع في الوقت الراهن فيه "استهداف مقصود" للبرلمانيين ولمؤسسات البلاد.
وأكد رئيس الغرفة الثانية بالبرلمان حكيم بن شماش أن نظام معاشات البرلمانيين الذي شغل الرأي العام الوطني، يحتاج إلى نقاش مؤسساتي مسؤول ورصين بدون مزايدات أو شعبوية، يحدد سيناريوهات الإصلاح.
وسجل رئيس الحكومة عبد الاله ابن كيران من جهته ان تسوية هذا الملف يجب ان تتم من دون مزايدات ،واصفا الغرض من فتح مثل هذه النقاشات هو التغطية على المشاكل الكبرى والاصلاحات الاستعجالية التي يتعين توجيه الرأي العام اليها.
وقال محمد الغالي استاذ علم السياسة بجامعة القاضي عياض بمراكش لـ ((شينخوا)) إن فلسفة معاشات الوزراء أتت في ظرفية معينة للحفاظ على مكانة الوزير الاعتبارية بما أنه يعكس صورة الدولة في المجتمع، وهو ما ينطبق على البرلمانيين.
وتابع أنه يجب حاليا الدفع نحو تقنين هذه المعاشات وفق شروط دقيقة وصارمة وتوحيد منظومة التقاعد بين الجميع أو على الأقل بنسب متقاربة، وبالتالي إعادة النظر في قيمة معاشات الوزراء والبرلمانيين بما يجعلها قريبة من المستوى العام للمعاشات.