تكريت، العراق 15 يناير 2016 /شهدت محاور القتال في الجهة الشرقية لمدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين والمحاذية لجبال حمرين هدوءا نسبيا منذ ليلة الخميس بعد هجمات متفاوتة استمرت يوما كاملا فيما شهدت جبهة تكريت الغربية هجوما لعناصر تنظيم داعش الإرهابي استهدف معسكر شجرة الدر الذي تتخذه الشرطة الاتحادية مقرا لها.
وأفاد ضابط كبير في شرطة صلاح الدين يدعى محمد الجبوري لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن القوات العراقية بمختلف تشكيلاتها من الجيش والشرطة والحشد الشعبي نجحت لأول مرة في استيعاب هجوم عناصر تنظيم داعش ومن ثم الرد عليه بسرعة وطرد عناصره من المناطق التي سيطر عليها بعد اختراقه للدفاعات في مناطق تل كصيبة والقرى المجاورة لها على طريق تكريت- طوز- كركوك.
وقال الجبوري إن هجوم الخميس شهد تنسيقا جيدا بين القوات الموجودة على الأرض وطيران الجيش والقوات الجوية حيث قصفت القوة الجوية أهدافا مهمة على مقربة من خطوط التماس ونجحت في تدمير عدد من آليات داعش كما دمرت 12 هدفا في جهة جبال حمرين الشرقية كانت مرسلة كتعزيزات من بلدة الحويجة في كركوك إلى منطقة الاشتباك.
وعلى صعيد متصل ذكر مصدر في قيادة عمليات صلاح الدين أن عناصر تنظيم داعش هاجموا جميع القواطع ابتداء من الفتحة شمالا وصولا إلى منطقة تل كصيبة جنوبا وفي وقت واحد ابتداء منذ مساء ليلة الخميس وحتى فجر نهار الجمعة حيث تمكن من إحداث خرق في منطقة تل كصيبة (30 كم) شرق تكريت، عزز بعده مواضعه بنقل قطعات إضافية تقدر بـ40 عجلة مختلفة الأنواع والأشكال معززة بثلاثة صهاريج مفخخة أدى انفجارها إلى إحداث صدمة لدى القوات العراقية ما أجبرها على ترك مواضعها لحساب عناصر داعش.
وأضاف أن القوات الأمنية بمختلف تشكيلاتها تمكنت عند الصباح من إعادة تنظيم نفسها وأوقفت تقدم عناصر داعش في المنطقة استعدادا لمرحلة الهجوم المقابل لاستعادة الأراضي التي فقدتها القوات الأمنية.
وبحسب مصدر استخباري فإن تنظيم داعش أعد منذ شهر لهذا الهجوم الذي أسماه "غزوة محمد" وجلب عددا من المقاتلين من الموصل، لكن الهجوم أٌحبط بسبب صمود القوات العراقية، وقد خسر التنظيم المتطرف أكثر من 25 آلية وأكثر من 70 مقاتلا على امتداد الجبهة البالغ طولها نحو (60 كم)، وهذا يعد خسارة كبيرة للتنظيم الذي بدأ يعاني من نقص كبير في المتطوعين بعد عزوف المواطنين عن التعامل معه نتيجة ممارساته الوحشية ضدهم.
وأضاف المصدر الاستخباري أن المعلومات كانت تصل إلى القوات العراقية أولا بأول من قبل مواطنين متطوعين من أبناء بلدة الحويجة (55 كم) جنوب غرب كركوك، ترصد كل صغيرة وكبيرة لحركة عناصر التنظيم، ما سهل كثيرا لعملية التصدي للهجوم الذي يعد الأكبر من نوعه، والذي يأتي بعد الخسارة الموجعة التي مني بها التنظيم الإرهابي بطرده من مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار غربي العراق.
وأوضح محمد الجبوري أن الهجوم الجديد لداعش شهد ولأول مرة مناورة كبيرة بالقطاعات العراقية ونقلها على جناح السرعة من محافظة ديالى القريبة التي تتمركز فيها الفرقة الخامسة من الجيش العراقي، التي اشتركت بالمعركة بعد أربع ساعات من الهجوم وكذلك قوات الشرطة من تكريت ومن الضلوعية ، فضلا عن قوات إضافية أخرى استقدمت من بغداد لكنها وصلت بعد انتهاء الهجوم.
ورافق الهجوم الرئيسي، هجمات أخرى ثانوية بقصد إشغال القطاعات المتواجدة في القاطع وتثبيتها وعدم استخدامها لمساندة القوات الأخرى في تل كصيبة، لكن الطيران لعب دورا كبيرا في تدمير العديد من الأهداف المتحركة لداعش والمستخدمة للمناورة والتعزيز في محاور القتال، كما ساعدت وعورة الأرض وعدم وجود طرق لنقل العجلات المفخخة في مساندة القطعات العراقية من خلال الحد من السيارات المفخخة التي تشكل العدو اللدود للقوات العراقية من خلال الطاقة التدميرية الهائلة لها والأثر النفسي الذي تتركه لدى المقاتلين بسبب قوتها التدميرية والعصف الذي يؤدي إلى الوفاة أحيانا لمن هم قرب الانفجار.
أما حصيلة خسائر القوات العراقية فقد بلغت 19 قتيلا وأكثر من 50 جريحا ومن بين القتلى عدد من كبار الضباط الذين قتلوا بسبب انفجار صهريج مفخخ على دبابة أبرامز أدى إلى احتراقها بالكامل وكذلك تم تدمير 10 عجلات للقوات العراقية.
ورافق هجوم الجمعة إطلاق تنظيم داعش للعشرات من صواريخ الكاتيوشا باتجاه بلدة العلم (15 كم) شمال شرق تكريت، ومدينة تكريت لخلق بلبلة وإضعاف معنويات الناس، لكنها لم تسفر سوى عن إصابة عائلة مكونة من خمسة أفراد بينهم ثلاثة أطفال بجروح فيما سقطت الصواريخ الباقية بمناطق خالية دون أن تسفر عن وقوع خسائر.
وفي صباح يوم الجمعة هاجم تنظم داعش مدينة تكريت من جهتها الجنوبية الغربية مستهدفا موقع شجرة الدر الذي يضم موقعا عسكريا لكن الهجوم أخفق في تحقيق أهدافه وانتهى بانسحاب عناصر داعش مخلفين ورائهم 12 جثة وأربع عجلات مدمرة وعدد من الأسلحة المختلفة فيما قتل شرطي وأصيب ثلاثة آخرون بجروح.
ويرى المراقبون أن هذه الهجمات التي شنها تنظيم داعش على المناطق الشرقية من تكريت، يهدف من خلالها إلى تحقيق نصر إعلامي لرفع معنويات عناصره التي انخفضت بسبب الخسائر الكبيرة في الرمادي، وعمليات الإنزال التي تقوم بها القوات الأمريكية والكردية في بلدة الحويجة المجاورة لمحافظة صلاح الدين.
وكانت القوات العراقية قد حررت مدينة تكريت من سيطرة التنظيم الإرهابي في شهر مارس من العام الماضي، وتمكنت كذلك قبل عدة أشهر من تحرير مدينة بيجي (40 كم) شمال تكريت، والتي تضم أكبر مصفاة للنفط في العراق، ولم يبق من محافظة صلاح الدين سوى بلدة الشرقاط والقرى التابعة لها.