بكين 13 يناير 2016 /أصدرت الحكومة الصينية اليوم الأربعاء وثيقة رسمية هي الأولى من نوعها التي تصدر حول سياسة الصين تجاه الدول العربية، استعرضت خلالها الروابط التاريخية التي تجمع الصين بالدول العربية، والسياسات ومجالات وآفاق التعاون المشترك.
وتشتمل الوثيقة على مقدمة وخمسة أجزاء تتناول شؤون "تعميق علاقات التعاون الاستراتيجي الصينية العربية القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة", و"سياسة الصين تجاه الدول العربية", و"تعزيز التعاون الصيني العربي على نحو شامل", و"منتدى التعاون الصيني العربي وأعمال المتابعة", و"العلاقات بين الصين والمنظمات الإقليمية العربية".
وأشارت الوثيقة إلى أن العالم العربي يعتبر شريكاً مهماً للصين التي تسلك بثبات طريق التنمية السلمية في مساعيها لتعزيز التضامن والتعاون مع الدول النامية، وإقامة علاقة دولية من نوع جديد تتمحور على التعاون والكسب المشترك، والتعامل مع العلاقات الصينية العربية من زاوية استراتيجية، تلتزم بتوطيد وتعميق الصداقة التقليدية بين الجانبين كسياسة خارجية طويلة الأمد .
وأكدت الوثيقة على التزام الصين بالفهم الصحيح للمسؤولية الأخلاقية وضرورة تنسيق جهود تعزيز السلام والاستقرار والتنمية في الدول العربية وتحقيق تنمية أفضل في الصين، لتحقيق الكسب المشترك والتنمية المشتركة من خلال التعاون واستشراف آفاق أكثر إشراقا لعلاقات التعاون الاستراتيجي بين الجانبين.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد حدد المجالات والاتجاهات ذات الأولوية للتعاون الجماعي الصيني العربي في الخطاب المهم الذي ألقاه خلال افتتاح الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي في عام 2014، الأمر الذي حدد دليل عمل لتطوير العلاقات الصينية العربية وبناء المنتدى, حيث قال الرئيس شي ان على الجانبين الصيني والعربي بناء مجتمع صيني عربي ذا مصلحة مشتركة ومصير مشترك بالالتزام بمبدأ التباحث والتضامن والتقاسم.
وقالت الوثيقة ان الدول العربية قد تجاوبت بشكل ايجابي وفعال مع المبادرات الصينية التي تدعو إلى تشارك الجانبين الصيني العربي في بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21 وتشكيل معادلة التعاون "1+2+3" المتمثلة في اتخاذ مجال الطاقة كمحور رئيسي ومجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار كجناحين و3 مجالات ذات تقنية متقدمة وحديثة تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة كنقاط اختراق في التعاون، وتعزيز التعاون في الطاقة الإنتاجية .
وستعزز الصين التعاون المالي مع الدول العربية خاصة بين الجهات المختصة بالرقابة والإشراف ، كما سترحب بانضمام الدول العربية إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية والقيام بدور فعال, حسب الوثيقة.
وأشارت الوثيقة إلى أن الصين تدعم تبادل فتح فروع بين المؤسسات المالية الصينية والعربية التي تفي بالشروط المطلوبة والتعاون المهني المتعدد المجالات ، علاوة على تعزيز التواصل والتعاون بين الجهات المختصة بالرقابة والإشراف ، وتعزيز التعاون النقدي بين البنوك المركزية لدى الجانبين.
كما ذكرت الوثيقة أن الصين ستبحث توسيع دائرة التسوية العابرة للحدود باستخدام العملات المحلية والترتيبات الخاصة بتبادلها، وزيادة الدعم التمويلي والتأميني.
وبحسب الوثيقة، فإن الصين ستسعى مع الدول العربية إلى تعزيز التنسيق والتعاون في المنظمات والآليات المالية الدولية واستكمال وإصلاح المنظومة المالية الدولية بغية تعزيز حق الكلام والتمثيل للدول النامية .
وفي مجال مكافحة الارهاب , قالت الصين في الوثيقة إنها تحرص على تعزيز التواصل والتعاون مع الدول العربية في مجال مكافحة الإرهاب وإقامة آلية طويلة الأمد للتعاون الأمني وتعزيز الحوار بشأن السياسات وتبادل المعلومات الاستخباراتية وإجراء التعاون الفني وتدريب الأفراد، لمواجهة التهديدات الإرهابية الدولية والإقليمية بشكل مشترك.
وذكرت الوثيقة أن الصين ترفض بشكل قاطع وتدين الإرهاب بكافة أشكاله وترفض ربط الإرهاب بعرق أو دين بعينه، وترفض المعايير المزدوجة, لافتة إلى أن الصين تدعم جهود الدول العربية في مكافحة الإرهاب وتدعم جهودها في تعزيز قدرتها على مكافحة الإرهاب.
وأضافت الوثيقة أن الجانب الصيني يعتقد أن مكافحة الإرهاب تتطلب إجراءات شاملة واستئصال الإرهاب من ظواهره وبواطنه في آن واحد، وأنه يجب الالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي واحترام سيادة الدول واستقلالها ووحدة أراضيها في عمليات مكافحة الإرهاب المعنية.
وأما في مجال الأمن غير التقليدي, فقالت الوثيقة إن الصين تدعم جهود المجتمع الدولي في مكافحة القرصنة البحرية، إلى جانب التزامها بمواصلة إرسال السفن العسكرية للمشاركة في مهام الحفاظ على سلامة الملاحة البحرية الدولية قبالة خليج عدن والسواحل الصومالية بالإضافة إلى إجراء التعاون في مجال أمن الانترنت .
وثمنت الصين في الوثيقة الالتزام المستمر للدول العربية والمنظمات الإقليمية بمبدأ "صين واحدة", مؤكدة أن قضية تايوان تخص المصلحة الجوهرية للصين وأن مبدأ الصين الواحدة أساس هام لإقامة وتطوير العلاقات بين الصين والدول العربية والمنظمات الإقليمية , مشيرة إلى أن الجانب الصيني يثمن عدم قيامها بتطوير علاقات رسمية أو إجراء تواصل رسمي مع تايوان ودعمها للتنمية السلمية للعلاقات بين جانبي مضيق تايوان وقضية إعادة توحيد الصين.
ومن جانب آخر, أكدت الوثيقة أن الصين تدعو إلى تطبيق مفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاوني والمستدام في الشرق الأوسط , ودعم قيام الدول العربية وسائر دول المنطقة ببناء آلية الأمن الإقليمية التي تقوم على التعاون الجماعي وتتسم بالتشارك والتقاسم، بما يحقق الأمن والأمان الدائمين والازدهار والتنمية في الشرق الأوسط .
وشددت الوثيقة على احترام الصين لخيار شعوب الدول العربية، ودعم جهودها لاستكشاف الطرق التنموية التي تتناسب مع خصوصياتها الوطنية، والتطلع لزيادة تبادل الخبرات حول حكم وإدارة البلاد من خلال مجموعة من النقاط كزيادة التعاون العملي وفقا لمبدأ المنفعة المتبادلة والكسب المشترك، وخاصة التشارك في بناء "الحزام والطريق"، والاستفادة من استراتيجيات الجانبين للتنمية وتوظيف ما لديهما من المزايا والإمكانيات الكامنة لتحقيق التقدم المشترك والتنمية المشتركة للجانبين.
وأكدت الوثيقة حرص الصين على تعزيز التشاور والتنسيق مع الجانب العربي لصيانة مقاصد ومبادئ "ميثاق الأمم المتحدة"، وتطبيق أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، بما يحافظ على العدل والعدالة في المجتمع الدولي ويدفع بالنظام الدولي نحو اتجاه أكثر عدلا وإنصافا، إلى جانب احترام المصالح الحيوية والهموم الكبرى للجانب الآخر في إصلاح الأمم المتحدة، وقضايا تغير المناخ والأمن الغذائي وأمن الطاقة وغيرها من القضايا الدولية الهامة، ودعم المطالب المشروعة والمواقف الصائبة للجانب الآخر، والعمل بحزم على حماية المصلحة المشتركة للدول النامية الغفيرة.