تكريت، العراق 12 يناير 2016 / بالرغم من آثار القصف والطلقات النارية والحرائق والدمار التي ما زالت شاخصة للعيان، إلا أن السعادة تبدو واضحة على طلبة جامعة تكريت الذين عادوا إلى قاعات الدرس فيها بعد 15 شهرا من التهجير القسري الناتج عن سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مدينة تكريت.
وكانت الجامعة قد أصبحت بعد 10 يونيو 2014 مقرا عسكريا دارت حوله وعلى أسواره عشرات المعارك التي حاول من خلالها عناصر تنظيم داعش الإرهابي السيطرة على مباني الجامعة لكنهم اخفقوا بفعل المقاومة الشديدة التي أبدتها القوات العراقية المتمركزة في الجامعة.
من مكتبه في رئاسة الجامعة، قال الدكتور وعد محمود رؤوف رئيس الجامعة لوكالة أنباء (شينخوا) " إن الجميع عمل بصورة استثنائية لتعود الجامعة وبقوة لممارسة دورها في التعليم وقيادة المجتمع ".
وأضاف "إن الجميع كان على قدر عال من المسئولية، وتمكنا في مدة لا تزيد على 60 يوما من أن نحول الجامعة من مكب للنفايات والانقاض إلى ما يشبه الحديقة وتمكنا من الوصول إلى نسبة تشغيل متقدمة تتجاوز 80 بالمائة في كل مرافق الجامعة الخدمية والتدريسية والبحثية".
وتتكون الجامعة التي أمر بتأسيسها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في عام 1987 من القرن الماضي من 22 كلية تضم مختلف الفروع الطبية والهندسية والعلمية والإنسانية فضلا عن عدد من مراكز البحوث الملحقة بها، ونقل اليها افضل الأساتذة والعلماء من كل الاطياف العراقية والذين ما زالوا يمارسون عملهم فيها بالرغم من التخندق الطائفي والعرقي في البلاد.
وأعرب رئيس الجامعة عن أمله في أن تتمكن الجامعة من الحصول على المخصصات التشغيلية اللازمة المقررة بموجب موازنة العام 2016 لاستكمال كل المرافق الدراسية وخصوصا المختبرات العلمية التي تفي الان بالحد الأدنى من مستلزمات الدراسات الأولية لكنها عاجزة عن الايفاء بمستلزمات بحوث الدراسات العليا المتقدمة خصوصا في مجالات الفيزياء والكيمياء والعلوم الهندسية.
ولفت رؤوف إلى أن اثار الأزمة الاقتصادية والمالية التي تضرب العراق اثرت على الجامعة كما اثرت على الميادين الأخرى، مبينا أن الموازنة المرصودة للجامعة تعادل ربع الموازنات التي كانت تحصل عليها في السنوات السابقة كونه مبلغا قليلا إذا أخذ بعين الاعتبار اثار الحرب الكبيرة على الجامعة، مستدركا "مع هذا يعد المبلغ المقرر البالغ حوالي 4 مليارات دينار عراقي (الدولار الأمريكى الواحد يساوي نحو 1250 دينارا عراقيا) جيدا في هذا الظرف الاقتصادي الصعب".
وأوضح أن عدد الطلبة المنتظمين فعلا على مقاعد الدراسة يبلغ 17 الف طالب، وكذلك التدريسيين واشغال القاعات الدراسية والمختبرات والملاعب وكذلك الدراسات العليا التي عاد طلبتها لإجراء بحوثهم العلمية في الجامعة وهي نسبة ممتازة تزيد على 80 بالمائة من الطاقة الاستيعابية للجامعة، متوقعا ازدياد نسبة التشغيل في النصف الثاني من العام الدراسي بسبب الاطمئنان للوضع الأمني وعودة العوائل النازحة.
وكانت جامعة تكريت تضم قبل 10 يونيو 2014 أكثر من 30 الف طالب في الدراسات الصباحية والمسائية منهم 60 بالمائة ليسوا من أبناء محافظة صلاح الدين، و25 بالمائة من جنوبي العراق و 15 بالمائة من الاكراد والتركمان، لكن العدد انخفض هذا العام إلى 23 الف طالب في الدراسات الأولية و 1500 طالب في الدراسات العليا أي أن الجامعة فقدت 20 بالمائة من اعداد طلبتها بسبب الظروف التي مرت بها وعدم تمكن اعداد كبيرة من الطلبة مغادرة المناطق التي ما زال يسيطر عليها تنظيم داعش في محافظات نينوى وكركوك والانبار وبعض مناطق صلاح الدين.
وتابع رؤوف "أن الجامعة حصلت على مساعدة من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) لتأهيل بعض الأقسام الداخلية و مرافق الجامعة لكنها ما تزال قاصرة على استيعاب الاعداد الحقيقة للطلبة المحتاجين إلى إسكان في الجامعة والبالغ عددهم ثمانية الاف طالب حيث لم يتم استيعاب سوى خمسة آلاف طالب في الأقسام الداخلية للطلبة منهم الفي طالبة مع الاستمرار بعمليات التأهيل.
إلى ذلك، قال الدكتور ميثم العباد، مدير الاعلام في الجامعة "إن جامعة تكريت خطت خطوات كبيرة لإعادة تنظيمها وبنائها وفق الأسس العلمية الرصينة لكنها بحاجة إلى دعم كبير من أجل العودة إلى الحياة الطبيعية"، لافتا إلى أن الجامعة بحاجة إلى شبكة جديدة للكهرباء وكذلك محطة توليد وأخرى للتحويل ودعم النشاطات الطلابية.
وشهدت الجامعة حملات تطوع كبيرة من قبل الطلبة وخصوصا ممن لديهم خبرات بمجال الماء والكهرباء والبناء والدهان حيث شاركوا وبقوة في إعادة تأهيل المياه والكهرباء ودهان جدران الجامعة ومحو كل الكتابات التي تركتها القوات التي طردت عناصر داعش من تكريت مما وفر للجامعة مبالغ طائلة تصل إلى حوالي 500 مليون دينار عراقي.
بدوره، أعرب الطالب هيثم خليل من قسم الاعلام في كلية الاداب الذي كان يحمل سلة نفايات ليضعها في حاوية كبيرة، عن سعادته بالعودة إلى الجامعة وعلى استعداده للعمل بكل شيء لإعادتها إلى سابق عهدها بعد أن ذاق الطلبة مرارة التهجير وصعوبة الدراسة في القاعات الدراسية الصغيرة التي تم تأجيرها للدراسة في كركوك.
ووصف خليل جامعة تكريت بانها من أفضل الجامعات العراقية كونها تأخذ بالرصانة العلمية وتوفر لطلبتها كل ما تستطيع من أجل إنجاح العملية التعليمية.