تعليق: استراتيجية تبادل الرهائن .. هل تنجح في تفكيك التحالف الدولي لمحاربة " الدولة الاسلامية"؟

ذكرت وسائل الاعلام الدولية مؤخرا أن الحكومة الاردنية قررت النظر في الإفراج عن السجينة العراقية ساجدة الريشاوي التي أدينت بمحاولة شن هجوم انتحاري في 2005 إذا أفرج تنظيم "الدولة الإسلامية" عن طيار أردني يحتجزه رهينة، في حين يبقى مصير الرهينة الياباني كينجي جوتو غير واضح. وبغض النظر عن أي نوع من الاتفاق الذي يتم التوصل اليه بين الحكومة الاردنية وتنظيم " الدولة الاسلامية" ، إلا أنه من المؤكد أن هدف تنظيم " الدولة الاسلامية" من تبادل الرهائن هو تفكيك التحالف الدولي الذي تقوده امريكا لمحاربتها، وفي نفس الوقت وضع واشنطن في موقف حرج.

 تحالف دولي بقيادة امريكا لمحاربة تنظيم " الدولة الاسلامية" يضم جزأين حلفاء غربيين ودول من الشرق الاوسط. والحلفاء الغربيون تشمل اوروبا واليابان واستراليا وغيرهم من الحلفاء التقليديين، بينما التحالف الرئيسي في الشرق الاوسط هم دول مجلس التعاون الخليجي، تركيا واسرائيل. وإن هدف " الدولة الاسلامية" من خطف الرهينتين يابانيين ومطالبة الحكومة اليابانية فدية 200 مليون دولار لإطلاق سراحهما تزامنا مع زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي الرفيعة المستوى الى مصر وإسرائيل ودول اخرى في الشرق الاوسط هو ردع التحالف الدولي بقيادة امريكا لمكافحة الارهاب. وبعد أن تقدمت اليابان بطلب من الاردن التعاون لإنقاذ الرهينة الياباني، عاد تنظيم " الدولة الاسلامية" وهدد بقتل الرهينة الياباني والطيار الأردني والضغط على الدولتين معا ووضعهما في مأزق. وتظهر هذه السلسلة من الممارسات بأن هدف " الدولة الاسلامية" من حجز الرهينتين اليابانيتين هو خلق مشكلة لقوات التحالف الدولية بقيادة امريكا لمحاربة الارهاب، ويسلط الضوء على الاستراتيجية المرنة التي يعتمدها تنظيم " الدولة الاسلامية".

بالطبع، أن الهدف الرئيسي لتنظيم " الدولة الاسلامية" هو محاربة امريكا، وتوريط الاردن واليابان لإحراج امريكا. وتطالب امريكا التحالف الدولي بعدم دفع الفدية والاستسلام لضغوطات " الدولة الاسلامية" ، إلا أنها غير قادرة على مساعدة حلفائها الغربيين وفي منطقة الشرق الاوسط في حل ازمة الرهائن.

في الواقع، تواجه امريكا نفسها ضغوط شديدة. حيث أن اصرار أمريكا على عدم اخضاعها لمطالب " الدولة الاسلامية"، واحتمال أن يؤدي ذلك الى مقتل الرهائن ، سوف يتسبب في استياء محلي قوي، وبالتالي قد يسقط أمريكا في معضلة حرب اخرى في منطقة الشرق الاوسط. بالإضافة الى ذلك فإن الحرب الاهلية في اليمن وليبيا على وشك الحافة، انتقال السلطة داخل بيت آل سعود، المحادثات الايرانية النووية لم تحصل على نتائج حقيقية، احتدام الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وقضايا اخرى تثير قلق امريكا، وتقيد انكماش أو التراجع الاستراتيجية الامريكية في الشرق الاوسط. ومقارنة مع القضايا الاستراتيجية الكبرى فإن أزمة الرهائن اليابانية ليست الخيار الاساسي في دبلوماسية اوباما في الشرق الاوسط، ولكن في الحقيقة سوف تصيب حكومة ابي الحليف الامريكي بمرض القلب، وهذا لحد كبير التصوير الحقيقي للعلاقات الامريكية مع حلفائها.

وبالتالي، فإن الهدف الاساسي من تعذيب الاردن واليابان هو لاحراج امريكا. فعلى الرغم من أن خطوة " الدولة الإسلامية " من الصعب أن تسيل دموع وانهيار التحالف الدولي، إلا أن استمرار امريكا في وضع حلفائها الدوليين في مقدمة الحرب على الارهاب، والتخلي عنهم وعدم مساعدتهم في ايجاد حل جذري لمشكلة التطرف والإرهاب، سوف يصعب القضاء على تنظيم " الدولة الاسلامية"، ويستمر الاخير في خلق متاعب لأمريكا وحلفائها.