بغداد أول يناير 2015 / شهدت الفترة التي تلت شن الولايات المتحدة الحرب على العراق في ربيع عام 2003، تنامى ظاهرة الإرهاب في العراق بشكل كبير وظهور العديد من الجماعات الإرهابية ومن أبرزها (داعش) في هذا البلد الشرق أوسطي، كنتيجة للتغيرات الكبيرة التي حصلت فيه من حل الجيش والأجهزة الأمنية وفتح الحدود وقيام الأمريكان بتسويق ما يسمى تجربتهم الديمقراطية التي أرادوا لها أن تكون نموذجا لبلدان المنطقة فتسببت بحالة من الانفلات الأمني والاختلاف السياسي والطائفي والعرقي، وهو ما اعتبره مراقبون تأكيدا للحديث الأمريكي عن الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد، وإظهار أمريكا على أنها الشرطي الذي يدير أمر العالم.
--أسباب تنامي قوة تنظيم (داعش) وتوسع سيطرته
أدت مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية إلى تنامي قوة تنظيم (داعش) وتوسع نطاق سيطرته في الأراضي العراقية، مما أثر بشكل كبير على الأوضاع في العراق والمنطقة عموما، خصوصا وأن المكاسب التي حققها التنظيم جاءت بوتيرة متسارعة، وأعطته زخما كبيرا لمواصلة نشاطته، وبالتالي بدأ الجميع يستشعر خطورته.
ويرى المحلل السياسي الدكتور عبدالعزيز الجبوري، أن تنظيم (داعش) استفاد بشكل كبير من حالة الفوضى التي عمت الكثير من البلدان العربية، وخصوصا في سوريا المجاورة للعراق، حيث ظهر دوره جليا في الأزمة السورية وبدأ يسيطر على مناطق واسعة وخصوصا في الأراضي والمناطق المحاذية للحدود العراقية.
وأضاف أن الدعم الأمريكي والغربي لايجاد الاضطرابات والضجيج الإعلامي والآلة الدعائية التي سخرها لها الغرب والفوضى الكبيرة التي عاشتها البلدان مثل (سوريا ومصر وليبيا وتونس)، أسهمت هي الأخرى في النمو السريع لتنظيم داعش، من خلال حصوله على الكثير من الموارد المالية والأسلحة من سوريا ومزيد من المقاتلين من هذه البلدان بعد أن أصبحت غير محكومة بقوانين تمنع سفر مواطنيها إلى بلدان مثل العراق وسوريا للقتال مع هذا التنظيم المتطرف.
ويتابع الجبوري أن أمريكا سحبت قواتها من هذا االبلد نهاية عام 2011 دون أن توجد فيه مؤسسات عسكرية وأمنية وقضائية قادرة على حماية المواطنين، وهنا دخل تنظيم (داعش) على خط الأزمة العراقية.
ودعا الجبوري الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية إلى ضرورة تغيير سياستها في الشرق الأوسط التي أغرقت بلدان هذه المنطقة بالفوضى نتيجة عملها على تغيير عدد من الأنظمة التي كانت تحكم بلدان مستقرة مثل مصر وليبيا وتونس وسوريا، فيما غضت نظرها عن بلدان أخرى في المنطقة ولم تتطرق إليها، وهو ما يمكن تسميته بسياسة المعايير المزدوجة التي ينتهجها الغرب في التعامل مع بلدان الشرق الأوسط والمنطقة العربية والعمل بنهج سياسي يأخذ بالحسبان مصالح هذه الدول وسيادتها.
--خطر تنظيم داعش على الأمن الإقليمي والدولي
وقال الدكتور طارق حسين، أستاذ العلوم السياسية في جامعة تكريت، إن الأزمة في العراق لم تعد أزمة محلية أو بين حكومة المركز وحكومة إقليم كردستان، كما أنها لم تعد أزمة عربية أو شرق أوسطية فقط، بل تجاوز مداها هذه الحدود، وأصبحت أزمة عالمية تهدد الجميع بدرجات متفاوتة.
وأوضح أن الولايات المتحدة كانت أول من استشعر خطر تنظيم داعش على مصالحها الواسعة في المنطقة، خصوصا وأنها تريد الحفاظ على الديمقراطية الزائفة التي زرعتها في العراق بأي ثمن دون النظر إلى مصالح العراقيين وأمنهم واستقرارهم.
وأضاف أن مخاوف دول الخليج من تهديد تنظيم (داعش) تتركز في الخوف من تقسيم العراق وتمدد تنظيم (داعش) إلى بلدانها، فضلا عن إمكانية تهديد داعش لمنابع النفط في الخليج العربي.
وتابع حسين بقوله "هذا لايعني أن خطر تنظيم (داعش) محصور بأمريكا ودول الخليج، بل أن خطر هذا التنظيم يمكن أن يمتد إلى الكثير من دول أوربا وآسيا ودول العالم الأخرى، لأن هذا التنظيم بدأ وخصوصا بعد إعلانه الخلافة يستقطب الكثير من الشباب من مختلف هذه الدول وهؤلاء بالطبع يعتبرون مشاريع للتشدد الذي يمكن أن ينتقل إلى بلدانهم حال عودتهم إليها، أو عن طريق نشر التشدد في هذه البلدان عبر شبكات الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي يستخدمها التنظيم بشكل كبير لنشر أفكاره واستقطاب المزيد من المقاتلين".
وأشار حسين إلى أن الأوضاع في العراق ما كانت لتصل إلى ما هي عليه الآن لولا تأثيرات الأوضاع المتوترة في المنطقة وخصوصا ما يتعلق بالأزمة السورية وتأثيرها المباشر على الأوضاع في العراق في ظل الحدود المفتوحة بين الطرفين، مؤكدا أن سياسة المعايير المزدوجة التي تتبعها واشنطن في تعاملها مع الأوضاع الدولية هي التي خلقت الأزمات سواء في العراق أو في سوريا وأدت بالتالي إلى تنامي التنظيمات المتشددة وفي مقدمتها (داعش) في هذه البلدان وتوسع خطره باتجاه بلدان العالم الأخرى.
وحول إمكانية وضع حلول جذرية للقضاء على تنظيم (داعش) قال حسين، إنه لا بد من ضمان عدم وجود حاضنة للتنظيمات الارهابية ومن ثم العمل على تجفيف منابع الارهاب ووسائل تمويله ودعمه ماديا ومعنويا والتضييق على استخدامه لشبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي لنشر أفكاره.
وأكد أن هزيمة تنظيم (داعش) تحتاج إلى وجود استراتيجية دولية شاملة بعيدة عن المصالح الخاصة، وكذلك لابد من ايجاد توافق دولي حول منع عبور المقاتلين العرب والأجانب ووضع تشريع يجرم ويحاسب البلدان التي تسمح بعبور هؤلاء المقاتلين.
وعن دور الصين في مكافحة الإرهاب والتصدي للأفكار المتطرفة، قال حسين إن الصين عرفت بمواقفها الرافضة لأي شكل من أشكال الإرهاب والتطرف ودعمها للجهود الدولية للحفاظ على الأمن والاستقرار واحترام القوانين الدولية وسيادة الدول واستقلالها، كما أنها تشارك في مختلف المؤتمرات والنشاطات الدولية التي تتعلق بمكافحة الارهاب، ودعت في أكثر من مناسبة إلى ضرورة ايجاد استراتيجية عالمية لمحاربته. /نهاية الخبر/
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn