غزة 17 يوليو 2014 / ما أن حلت الساعة العاشرة صباحا وهو موعد بدء تهدئة إنسانية في قطاع غزة لمدة خمسة ساعات حتى سارعت عائلة السرساوي إلى حي الشجاعية لتفقد منزلها الذي سوي قبل ثلاثة أيام بالأرض نتيجة الغارات الإسرائيلية المكثفة على القطاع منذ عشرة أيام.
وسأل أحمد (5 سنوات) والده عن موعد العودة إلى المنزل فإجابته بعفوية "عندما نعمره من جديد بعد انتهاء الحرب".
وظل أحمد يصرخ بعد أن عثر على بعض العابه ممزقة ومكسرة بين الركام بعد دقائق من الوصول إلى المنزل المدمر عقب دخول التهدئة حيز التنفيذ "أريد ألعابي أعيدوها لي كما كانت".
وشارك جيران السرساوي في زحزحة مكعبات إسمنتية من أجل إنقاذ ما يمكن من ممتلكات العائلة أسفل ركام المنزل الذي لم يجرؤ أحد على الاقتراب منه في الأيام الماضية، خوفا من التعرض للإصابة أو الموت بفعل الغارات الإسرائيلية العنيفة.
وصاح حسن شمالي مبتهجا من بين انقاض منزل السرساوي الذي كان مكونا من طابقين "الثلاجة سليمة .. وسعوا طريق لنقلها من هنا".
وكانت إسرائيل والفصائل الفلسطينية أعلنوا مساء أمس (الأربعاء) موافقتهم على وقف لإطلاق النار تقدم به مفوض الأمم المتحدة في الشرق الأوسط روبرت سيري لأغراض إنسانية وقد سرى اليوم من الساعة العاشرة صباحا وحتى الثالثة ظهرا.
وعند سريان التهدئة سرعان ما ازدحمت شوارع غزة وطرقاتها وأسواقها بالسيارات والمارة بعد أن كانت شبه خالية طيلة عشرة أيام منذ بدء عملية (الجرف الصامد) التي أطلقتها إسرائيل ضد حركة حماس والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة ردا على إطلاق صواريخ تجاه أراضيها.
وانشغلت الكثير من العائلات التي حالفها الحظ أو حالف بعض أفرادها البقاء على قيد الحياة بعد قصف منازلها بالبحث عن ما هو صالح من الأثاث والملابس من بين ركام المنازل المدمرة وقدرتها مؤسسات حقوقية محلية ودولية بأكثر من 700 منزل.
وقتلت أسر فلسطينية بأكملها بفعل الهجمات الإسرائيلية على منازل نشطاء حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والفصائل المسلحة التي تواصل إطلاق الصواريخ والقذائف الصاروخية على إسرائيل.
وكان أشقاء وجيران نورس فياض في دير البلح يسحبون أواني وأثاث من أسفل ركام منزل العائلة المكون من ثلاثة طوابق وسوي بالأرض بفعل إصابته بثلاثة صواريخ إسرائيلية.
وظل الرجل مذهولا وهو يقف فوق الركام وقال لوكالة أنباء (شينخوا) "لقد دمروا كل شيء".
وولد فياض في المنزل المدمر قبل ثلاثة عقود من الزمن وأصبح لديه أسره مكونة من ثلاثة أفراد بعد عقد قرانه قبل ثلاث سنوات.
وقالت والدة فياض "الحمد الله لم يقتل أحد .. المال معوض".
والتقط عمران عرمانه (23 عاما) صورة والده الذي قتل في قصف منزل العائلة في اليوم الثالث للحرب من بين الأنقاض، وظل يتوعد بأن "ينتقم من إسرائيل التي يتمت أشقاءه وتركت أسرته في العراء".
وعائلة عرمانه تقطن غرب خان يونس في منطقة مفتوحة كانت مسرحا للضربات الجوية الإسرائيلية خلال الايام الأولى للتصعيد.
وأظهرت الهدنة الانسانية مشاهد دمار واسعة طالت المنازل والبنية التحتية في محافظات قطاع غزة الخمس، وشوهدت طواقم العمل التابعة للهيئات المحلية تنفذ عمليات إصلاح بمرافقة طواقم من الصليب الأحمر الدولي في إصلاح خطوط المياه والكهرباء والهاتف.
وقال جار السرساوي وكان يحمل طعاما يكفي عائلته لأسبوع "المياة ما وصلت البيت من ثلاثة أيام والتليفون لا يعمل والكهرباء بالكاد تصلنا لساعات والنوافذ دمرت .. شو ممكن يحصل أكثر من هيك".
وقال مسئولون في بلدية غزة إنهم يعملون على إصلاح خطوط مياه دمرت بفعل الغارات الإسرائيلية المتواصلة، وأن 120 ألف نسمة يقطنون شرق وجنوب مدينة غزة أصبحوا بلا مياه منذ خمسة أيام.
واستأنف مصلحة مياة الساحل عملها في وسط وجنوب قطاع غزة بعدما علقت أعمالها بعد مقتل أحد أفراد طواقمها في رفح بغارة إسرائيلية مطلع هذا الأسبوع.
وأمام البنوك العاملة في قطاع غزة اصطف الآلاف من موظفي السلطة الفلسطينية لتلقي رواتبهم بعد أن تعهدت وزارة الداخلية في غزة في بيان لها بضمان ذلك خلال فترة التهدئة.
وكانت البنوك اغلقت ابوابها قبل بدء العملية الإسرائيلية على غزة بعد أن حطم مجهولون صرافين آليين لفرعي أحد البنوك العاملة في غزة احتجاجا على عدم صرف حكومة التوافق الفلسطينية رواتب موظفي حكومة حماس السابقة أسوة بموظفي السلطة الفلسطينية.
وكانت تلك المشكلة ظهرت الشهر الماضي بعد تشكيل حكومة التوافق الفلسطينية كتنفيذ لأول بنود تنفيذ المصالحة الفلسطينية لكنها لم تصرف رواتب موظفي حماس، مبررة ذلك بأنهم سيخضعون لدراسة لجنة مختصة لمدة قد تصل إلى أربعة أشهر.
وقال حسن كراجه الذي وصل إلى البنك قبل دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ بقليل "الحمد لله أننا باقون على قيد الحياة .. سأشتري بالراتب احتياجات عائلتي وعائلتي شقيقي الذي قصف منزله".
من جانبه، قال أحمد غريب الذي اصطف أمامه أكثر من 150 شخصا "لا أعتقد أني سأستلم راتبي خلال فترة الهدنة (...) لقد ضاعت المدة هباء فالخمس ساعات لا تكفي لشيئ ربما اعود إلى المنزل براتبي فقط من دون أن أتمكن من التسوق لعائلتي".
واستغل فلسطينيون وقت التهدئة بعيادة الجرحى في المشافي، فيما انشغل بعضهم بالتوجه إلي عائلات فقدت عددا من أبنائها جراء التصعيد المتواصل في قطاع غزة منذ عشرة أيام وحاولوا مواساتهم على مصابهم وآلامهم.
وأقيمت خلال فترة التهدئة بيوت عزاء ليست كالمعتادة فكانت على عجل لا تحتوي على مظلات كبيرة بل على بعض الكراسي وبعض القهوة السادة وقد أمها الناس من جيران فلسطينيين قتلوا خلال الغارات الإسرائيلية.
وفي مخيم رفح المتاخم لمصر شيع مئات من الفلسطينيين أربعة قتلى إلى المقبرة سقط آخرهم قبل دقائق من دخول الهدنة حيز التنفيذ.
وقال وائل حسونة شقيق أحد الضحايا "الإسرائيليون ليس لهم أمان .. بدنا نخلص دفن الشهداء ونعود إلى البيت".
ودوى قصف مدفعي إسرائيلي شرق رفح أثناء وقت التشيع قبل ساعتين من انتهاء الهدنة، بينما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن حماس خرقت الهدنة بإطلاق أربع قذائف.
وأعلن اشرف القدرة المتحدث باسم وزراه الصحة الفلسطينية أن حصيلة التصعيد المستمر على قطاع غزة وصل إلى 234 قتيلا، و1700 جريح.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn