غزة 16 يوليو 2014 / يعج مجمع الشفاء الطبي الرئيسي في غزة بحركة مكثفة على عكس باقي مناطق القطاع بفعل الهجوم الإسرائيلي المتواصل لليوم العاشر على القطاع الساحلي وما أحدثه من حالة شلل في شوارعه وأحيائه السكنية.
ويقصد المئات من السكان على مدار الساعة مجمع الشفاء بغرض البحث عن مصابين أو التعرف على قتلى تحولت أجسادهم إلى أشلاء يصعب التعرف عليهم إلا من ذويهم.
وتظهر هذه الأزمة مدى ما يتحمله الأطباء والمسعفون من أعباء بفعل الهجوم الإسرائيلي، وهم يوصلون النهار بالليل للعمل في كافة التخصصات كخلية نحل من أجل إنقاذ حياة ما يمكن إنقاذه من المصابين.
ويقول المتحدث باسم مجمع الشفاء الطبي أيمن السحباني لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن الأطباء والممرضين يواجهون أوضاعا صعبة للغاية، ويعملون لساعات طويلة بما يمثل استنزافا كاملا لطاقات المستشفى.
ويشير السحباني، إلى أن المستشفى يضع أقصى إمكانياته البشرية والمادية وما يمتلكه من أدوية ومستلزمات طبية في مواجهة أزمة الهجوم الإسرائيلي، إلا أن ما يواجهه يمثل قطعا عبئا يفوق طاقتها.
وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية ، بلغ إجمالي عدد القتلى الفلسطينيين جراء سلسلة الغارات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من الشهر الجاري إلى 213، فيما بلغ عدد الجرحى أكثر من 1500.
وعلى مدار الساعة لا تتوقف سيارات الإسعاف في نقل جثث وجرحي الغارات الإسرائيلية باتجاه مستشفى الشفاء التي تعد الأكبر والأكثر تطورا في قطاع غزة المحاصر من قبل إسرائيل منذ ثمانية أعوام.
وفور وصول سيارات الإسعاف تحمل الجثث والمصابين ويقوم المسعفون بنقلهم عبر عربة متحركة إلى داخل المستشفى من أجل إجراء ما يلزم لهم.
وتنبعث من أزقة المستشفى وغرفها رائحة الموت والدماء للجثث التي يصعب التعرف عليها بسبب تحويلها لأشلاء والجرحى من النساء والأطفال والشيوخ.
وأمام بوابة الاستقبال والطوارئ للمستشفى ، ينتشر عشرات من أهالي الضحايا يترقبون آخر التطورات بشأن حياة أبنائهم وسط تعالي أصوات البكاء والعويل ودعوات أن ينقذ الله حياتهم.
وفي مراكز الإسعاف والطوارئ داخل المستشفى يبقى المسعف سلام حماد في نهاية الثلاثينات من عمره، متأهبا على مدار الساعة بانتظار إشارة لغارة إسرائيلية جديدة فيسارع في مهمة إنقاذ الجرحى.
ويقول حماد وهو يرتدي سترته الفوسفورية، إنهم لا يعملون وفق جدول طوارئ بل على مدار الساعة وأقصى ما يمكن أن يحصلوا عليه هو 3 إلى 4 ساعة للنوم قليلا بعد ما لا يقل عن 20 ساعة من العمل.
وعدا عن إجهاد العمل، فإن ما يتعرض له المسعف حماد وزملاؤه يبقى هاجسا بالنسبة لهم "إذ أننا نعمل في أوضاع بالغة التعقيد وعدم توفر الحماية الدولية كما تنص عليها القوانين الدولية".
ويتبع استدعاء الإسعاف كل غارة إسرائيلية ليلا أو نهارا وفي أي ظروف كانت، لكن أكبر المخاوف كما يقول حماد أن يتجدد القصف على المنطقة التي يقصدها بسيارة الإسعاف عند وصوله إليها.
وأكثر ما يؤثر في المسعف حماد ليس فقط المشاهد خلال عمليات الإنقاذ في الحرب وإنما بسبب من ماتوا وهم ينتظرونه، ولم يتمكن أن يصل إليهم بالسرعة اللازمة أو بسبب استمرار القصف الإسرائيلي في مناطق تواجدهم.
ويخشى هذا المسعف وزملاؤه احتمال أن تشن إسرائيل توغلا بريا في قطاع غزة وما قد يحمله ذلك من فرض مصاعب أكبر على عملهم في ظل الاستهداف الإسرائيلي المعتاد لجميع ما هو متحرك.
ويمكن لهؤلاء تذكر مخاطر الهجوم البري جيدا من تجربة عملية (الرصاص المصبوب) العسكرية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في الفترة من 27 ديسمبر 2008 وحتى 18 يناير 2009 وتضمن توغلا بريا واسع النطاق.
وفي حينه قتل سبعة من سائقي سيارات الإسعاف، ومسعف وطبيب، وأصيب أكثر من 25 آخرين من رجال الاسعاف بينما كانوا ينقذون مصابين وقتلي من مناطق الاشتباكات بحسب إحصائيات حقوقية.
ولا يقتصر الخطر الذي يواجه المسعفون في غزة حاليا على عملهم الميداني بعد أن استهدفت إحدى الغارات الإسرائيلية مناطق ملاصقة لمراكز الإسعاف والطوارئ كما حدث في بلدة جباليا شمال قطاع غزة قبل ثلاثة أيام.
وأدت الغارة الإسرائيلية في حينه إلى إصابة 15 مسعفا بجروح متوسطة إلى طفيفة وإحراق مقر للمستلزمات الطبية يتبع للمركز.
كما قطع خط الاتصال الهاتفي الخاص بمركز إسعاف جباليا واستلزم إصلاحه مدة يومين ما أدى إلى تشويش كبير في عمل المسعفين.
إلى ذلك يسيطر الرعب والذعر على الأطقم الطبية والمرضى على حد سواء في مستشفى (الوفاء) للتأهيل الطبي بعد إنذارهم من قبل الجيش الإسرائيلي بضرورة إخلاء مقر المستشفى الواقع على أطراف شرق مدينة غزة لأكثر من عشرة مرات.
وتعرض المستشفى وهو خاص لا يتبع للحكومة، للقصف بخمسة صواريخ من طائرات استطلاع إسرائيلية يومي الجمعة والسبت الماضيين للضغط على إدارة المستشفى من أجل إخلائه.
لكن إدارة المستشفى تصر على رفض بلاغات الجيش الإسرائيلي لإخلاء مقر المستشفى كما أعلن مديره التنفيذي سلمان العشي.
وقال العشي ل((شينخوا)) "لا مبرر لهذه الإنذارات الإسرائيلية حتى نخلي مقر المستشفى ونتوقف عن عملنا ونتخلى عن مرضانا، نحن لا يمكننا أن نفعل ذلك أبدا".
ومستشفى الوفاء متخصص بحالات الإصابة بالدماغ والعموم الفقري وأغلبية مرضاه من المسنين والنساء ويتلقى العلاج فيه حاليا أكثر من 30 مريضا.
وعمدت إدارة المستشفى إلى تجميع مرضاها في الطابق الأرضي للمقر المكون من أربعة طوابق تحسبا لاستهدافه بمزيد من الغارات الإسرائيلية.
وقال العشي، إن إدارة المستشفى أجرت اتصالات مكثفة مع منظمات دولية خصوصا منظمة الصحة العالمية لمطالبتها بالتدخل من أجل وقف الإنذارات الإسرائيلية بإخلاء المستشفى إلا أنها لم تجد فائدة حتى الآن.
ويقول أحد مرضى المستشفى إنهم يرقدون في أجواء من الرعب والفزع خشية من استهدافهم في غارات إسرائيلية.
وعمد سبعة متضامنين أجانب من المقيمين في قطاع غزة إلى الاعتصام داخل مقر مستشفى الوفاء منذ يومين تحديا لمطالبة الجيش الإسرائيلي بإخلاء الطواقم الطبية والمرضى منها.
وتعد مطالبة مستشفى بإخلائه تمهيدا لاستهدافه أمرا غير مسبوق حتى في تاريخ أشنع الحروب العالمية بحسب عبد اللطيف الحج مدير المستشفيات في قطاع غزة.
وقال الحج لـ ((شينخوا)) " هذا أمر مرفوض ومستهجن بكل ما تعنيه الكلمة، فلم يحدث في التاريخ الطلب بإخلاء مستشفى أثناء فترة الحرب، لا نعرف ماذا يمثل مستشفى خاص خطرا على إسرائيل ".
واشتكى الحج من أضرار أصابت 4 مستشفيات رئيسية في قطاع غزة بفعل كثافة الغارات الإسرائيلية.
كما أشار إلى استهداف الغارات الإسرائيلية مركز رعاية أولية في شمال قطاع غزة وسيارتي إسعاف ما ادى إلى إصابة سائقين كانا يقومان بواجبيهما.
ويعتبر الحج أن استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف "جزء من الاستهداف العام للشعب الفلسطيني في غزة وضمن الهجوم البربري الإسرائيلي الذي لا يضع أي خطوط حمراء ولا يحترم حرمة مدنيين أو مسعفين".
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn