طوكيو 30 يونيو 2014 /يخطط رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي لانقلاب خطير بهدف الإطاحة بدستور ما بعد الحرب في اليابان بما يتميز به من سلمية ومُثل ديمقراطية، حيث يحشد قواه لرفع المادة المتعلقة بالحظر الذاتي الذي يقيد الجيش ويحمي البلاد من الحروب من الدستور السلمي لليابان.
وليس من قبيل المصادفة أن يسعى رئيس الوزراء للحصول على الضوء الأخضر كي يصبح الجيش الياباني قادرا على ممارسة حق الدفاع الذاتي الجماعي يوم 1 يوليو وهي الذكرى الستون لتأسيس قوات الدفاع الذاتي اليابانية، فى خطوة ستغير بدرجة كبيرة الموقف الدفاعي لليابان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وقد تؤدي لجر البلاد مجددا لنزاعات دموية مستقبلا.
ومن الواضح أن الحرب من أجل دول تربطها صلات وثيقة باليابان لا يمكن أن يندرج تحت بند الدفاع الذاتي، لكن لكي يمكن انتشار قوات الدفاع الذاتي في أرجاء العالم للمشاركة في نزاعات لابد أن يقوم آبي بالطبع "بترقية" قوات الدفاع الذاتي إلى جيش وطني.
ويتنافى موقف الدفاع الذاتي الجديد لليابان تماما مع الدستور الياباني المناهض للحرب المعترف به دوليا الذي تنص مادته التاسعة على أن "الشعب الياباني ينبذ الحرب تماما للأبد كحق سيادي للبلاد والتهديد باستخدام القوة واستخدامها كوسيلة لتسوية النزاعات الدولية. ولتحقيق هذا الهدف لا يمكن أبدا الاحتفاظ بأية قوات برية أو بحرية أو جوية أو أية إمكانيات أخرى للحرب. ولن يتم أبدا الاعتراف بحق الحرب للدولة".
ونظرا لوجود المادة التاسعة حددت الحكومات اليابانية السابقة بدقة معنى "الدفاع الذاتي" و"استخدام القوة" وكذلك "قوات الدفاع الذاتي" و"جيش الدفاع الوطني"، ولذلك بفضل الدستور وجدت اليابان أخيرا المجال التشريعي الملائم للوجود القانوني لمئات الآلاف من أفراد قوات الدفاع الذاتي.
لكن آبي تهرب من الإجراءات المعتادة لتعديل الدستور وأعد على عجل "شروطا مطلوبة لاستخدام القوة" بدلا من "الشروط الأصلية لبدء الدفاع الذاتي" وهو ما ينتهك بوحشية روح الدستور الياباني الحالي.
كما كشف انقلاب آبي على الدستور أيضا إحتقاره للرأي العام حيث أجرت عدة وسائل إعلام يابانية استطلاعات للرأي أظهرت أن قرابة 70% من اليابانيين يعارضون مخطط آبي لممارسة الدفاع الذاتي الجماعي عن طريق إعادة تفسير الدستور السلمي وأن أكثر من 60% منهم يعارضون السماح لقوات الدفاع الذاتي بالمشاركة في حروب خارج اليابان تحت أي مسمى كان.
ومن المفارقة أن "حكم القانون" و"الديمقراطية" هي مجرد مصطلحات يستخدمها رئيس الوزراء لمخاطبة العالم لكن ما يفعله هو سحق الدستور الياباني وتجاهل الأسس الديمقراطية الأساسية لليابان.
وتحدث نائب رئيس الوزراء وتابعه المخلص تارو اسو في وقت سابق عن تغيير الدستور، واقترح أن تقوم اليابان بذلك في هدوء. واقترح اسو أن يتم ذلك "في يوم ما مثلما تغير دستور فيمار إلى الدستور النازي بدون أن يدرك أحد ذلك، لماذا لا نتعلم من هذا النوع من التكتيكات؟"
والآن يقترب آبي جدا من تحقيق هدفه عن طريق مثل تلك "التكتيكات النازية" وقد أفرغت خطوته بالفعل المادة التاسعة من الدستور من معناها وأطاحت بشكل أساسي بالمسار السلمي لحقبة ما بعد الحرب.
ويشكل مخطط مناهضة الدستور الذي يقوده آبي تحديا كبيرا للنظام الدولي فيما بعد الحرب الذي استمر 7 عقود والقائم على سلسلة من المعاهدات والإعلانات الدولية بما في ذلك إعلان القاهرة وإعلان بوتسدام.
كما إن زيارة آبي لضريح ياسوكوني المرتبط بالحرب الذي يخلد ذكرى 14 من مجرمي الحرب اليابانيين المدانين خلال الحرب العالمية الثانية تتحدى أيضا أحكام محكمة الجنايات العسكرية الدولية لمنطقة الشرق الأقصى، وتتحدى مطالبته بجزر متنازع عليها مع الجيران روح إعلان القاهرة وإعلان بوتسدام.
والآن سيكتمل الجزء الأخير من "ثلاثية آبي لإعادة النزعة العسكرية فيما بعد الحرب" مما سيمزق التزام اليابان السلمي تجاه المجتمع الدولي في حالة تمرير مشروع قرار الدفاع الجماعي غدا الثلاثاء.
ومن أجل "طموحاته" الشخصية النابعة من تاريخ متفرد للرغبة في ترك هذا الإرث العسكري، اختطف آبي الأمة على طريقته مما ألقى ظلالا كئيبة على الأمن في منطقة آسيا والمحيط الهاديء والعالم بأسره.
وأبدى عضو برلمان ياباني حسرته لأن "ظلمة دستور فيمار" ستتكرر في اليابان. ويمكن للمرء أن يأمل فقط في ألا تؤدي ظلمة الدستور الياباني لانهيار كامل للنظام العالمي الجديد لحقبة ما بعد الحرب.
أنباء شينخواشبكة الصين إذاعة الصين الدوليةتلفزيون الصين المركزي وزارة الخارجية الصينيةمنتدى التعاون الصيني العربي
جميع حقوق النشر محفوظة
التلفون: 010-65363696 فاكس:010-65363688 البريد الالكتروني Arabic@people.cn