روابط ذات العلاقة
يصادف هذا العام الذكرى الـ 20 لتأسيس منتدى التعاون الصيني-العربي، فيما سيعقد الاجتماع الوزاري الـ 10 للمنتدى في العاصمة الصينية بكين يوم 30 مايو الجاري. وبهذه المناسبة، يقوم عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس التونسي قيس سعيد، ورئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بزيارات دولة إلى الصين في الفترة من 28 مايو إلى 1 يونيو الجاري، والمشاركة في حفل افتتاح الاجتماع الوزاري الـ 10 لمنتدى التعاون الصيني ـ العربي. وتولي وسائل الإعلام الرئيسية في الشرق الأوسط اهتماماً وثيقاً بهذا الأمر: لماذا تقدر الدول العربية عالياً لهذا المنتدى؟
منتدى التعاون الصيني ـ العربي ولد في الوقت المناسب وحقق نتائج مثمرة في العقدين الماضيين
أعلنت الصين والدول العربية بشكل مشترك إنشاء منتدى التعاون الصيني ـ العربي في مقر جامعة الدول العربية في القاهرة، مصر في يناير 2004. ويمكن القول إن إنشاء المنتدى هو قرار استراتيجي اتخذته الصين والجامعة العربية بهدف تنمية العلاقات الصينية ـ العربية على المدى الطويل. حيث بات العالم العربي وحتى الإسلامي يتعرض لضغوط هائلة ويحتاج بشدة إلى طلب الدعم من الدول الصديقة، بعد وقت قصير من وقوع حادثة "11 سبتمبر" في الولايات المتحدة، وجعل الاخيرة تأخذ "مكافحة الإرهاب" أولويتها الدبلوماسية القصوى وشنت حربين في أفغانستان والعراق. وفي الوقت نفسه، تواجه الصين أيضًا وضعًا جديدًا مليئًا بالفرص والتحديات. كما يعد العالم العربي جزءا مهما من الدول النامية ويتمتع بعلاقات تعاون تقليدية ودية ومتبادلة المنفعة مع الصين. وإن تعميق علاقات التعاون مع الدول النامية هو مصلحة مشتركة لكل من الصين والدول العربية. وفي هذا السياق، تم إنشاء منتدى التعاون الصيني ـ العربي.
قال وو سي كه، الذي شغل منصب المبعوث الخاص للصين إلى الشرق الأوسط لسنوات عديدة، وشاهد على مدى العقدين الماضيين من تاريخ منتدى التعاون الصيني ـ العربي: "بعد تقلبات الوضع الدولي والتغيرات الهائلة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، أصبح منتدى التعاون الصيني ـ العربي كسفينة عملاقة تتحرك بقوة وسط الأمواج العاصفة، ليصبح محركا هاما للتطور السريع للعلاقات الصينية العربية."
التوافق السياسي يقود التعاون الشامل - المنتدى يصبح "لافتة ذهبية"
إن مسار التنمية في الصين ونموذجها يحظى بجاذبية كبيرة لدى الدول العربية. وقد أكد العديد من علماء السياسة إنه على عكس مسار ونموذج التنمية الغربيين، فإن الصين لا تحقق التنمية من خلال الحرب والاستعمار والتحالفات وما إلى ذلك، ولكن من خلال الوسائل السلمية، وتدعم بشكل خاص الدول العربية لإيجاد مسار تنموي مناسب لظروفها الوطنية بشكل مستقل.
ويعكس مقال نشره أحد المحللين السياسيين السعوديين في اخبار الشرق الأوسط الاجماع في العالم العربي. وقال إن الصين ذكرت أنها ستُظهر "الصوت المشترك بشأن القضية الفلسطينية" في المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني ـ العربي". وأن معظم القوى الغربية "تدعم إسرائيل دون قيد أو شرط" في الجولة الجديدة من الصراعات واسعة النطاق بين فلسطين وإسرائيل، في حين تصر الصين دائما على وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب، وبما أن الأزمة في غزة لا تزال دون حل، فإن هذا الاجتماع له أهمية خاصة.
وطوال تاريخ العلاقات الصينية ـ العربية، بذلت الصين جهودا حثيثة لتعزيز السلام في الشرق الأوسط، وتقوم دبلوماسية الصين في الشرق الأوسط على النزعة الإنسانية والإنصاف والعدالة والسلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
زيارة زعماء الدول الأربع الصين في نفس الوقت - تسارع تحول الدول العربية من "النظر شرقا" إلى "التوجه شرقا"
إن حضور زعماء البحرين ومصر وتونس والإمارات العربية المتحدة لحفل افتتاح المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني ـ العربي ملفت للنظر بشكل خاص.
وتتزامن الذكرى الـ 20 لتأسيس منتدى التعاون الصيني-العربي مع نقاط تذكارية في العلاقات الثنائية بين الصين والدول العربي الأربع: الذكرى الـ 35 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والبحرين، والذكرى الـ 10 لإقامة الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر، والذكرى الـ 60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وتونس، والذكرى الـ 40 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين والامارات. وجدير بالذكر أن هذه هي الزيارة الأولى للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للصين منذ توليه فترة ولايته الجديدة، كما أنها أول زيارة للرئيس التونسي قيس سعيد للصين منذ توليه منصبه.
كما ذكر مقال تعليقي منشور في أكبر صحيفة عربية سعودية أن الدول العربية حريصة على تحقيق التنويع الاقتصادي والتنمية المستدامة، وجميعها تشهد تحولاً وتحديثاً، لا سيما التحول الثلاثي للصناعة والأخضر والرقمي. وفي هذه العملية، بالإضافة إلى الأمل في مواصلة التعاون التقليدي، نأمل أيضًا أن نتعلم من تجربة الصين في الإصلاح والانفتاح والتحديث على مدى أكثر من 40 عامًا.
الصين والدول العربية تركزان على تعزيز التآزر الاستراتيجي والتطلع إلى آفاق واعدة للمستقبل
منذ القمة الصينية العربية الأولى في ديسمبر 2022 إلى زيارات رؤساء الدول الأربعة للصين وعقد الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني ـ العربي، أصبحت العلاقات الصينية ـ العربية أوثق وأوثق. وفي الوقت الراهن، دخل العالم فترة جديدة من الاضطراب والتغيير، وتحدث تغيرات جديدة وعميقة في الشرق الأوسط. وتتطلع الدول العربية أيضًا إلى النتائج القادمة لهذا الاجتماع الوزاري.
وركزت قناة العربية السعودية على آفاق التعاون الصيني ـ العربي في برنامجها يوم 28 ماي الجاري. وقال الضيف المشارك إنه في ظل آليات مثل "الجنوب العالمي" ودول البريكس والأمم المتحدة، يمكن للتعاون الصيني ـ العربي أن يساعد في حل التحديات العالمية وتعزيز الحوكمة العالمية في اتجاه أكثر عدالة وعقلانية، وسيكون التخطيط للمرحلة المقبلة من التعاون ومناقشة سبل حل النزاعات الإقليمية محور هذا الاجتماع الوزاري.
وقال جواد يوسف الحواج رئيس جمعية الصداقة البحرينية الصينية، في مقابلة مع الصحفيين من مجموعة الصين الإعلامية، إنه كيف يمكن للصين والدول العربية تعزيز الالتحام بين استراتيجيات التنمية والبناء المشترك لـ "الحزام والطريق" بجودة عالية، وخاصة ما إذا كانت مفاوضات منطقة التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي ستحقق تقدما في هذا الاجتماع الوزاري أمر يستحق الاهتمام.