لُجين سليمان، باحثة سورية في مجال العلاقات الصينية- العربية
أصدر "مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية" كتابا جديدا بعنوان "أبرز الأحداث لمنتدى التعاون الصيني العربي على مدى عشرين عاما"، وحظي إصدار هذا الكتاب بالدعم الكبير من دار النشر لمعارف العالم في الصين ومركز البحوث والتواصل المعرفي في السعودية. وذلك بمناسبة الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني العربي. يهدف الكتاب إلى تلخيص التجارب الناجحة لأعمال منتدى التعاون الصيني العربي في العقدين الماضيين، لا سيما تجربة بناء المنتدى في العصر الجديد. وعرض إنجازات التعاون الجماعي الصيني العربي.
عموما من يقرأ الكتاب بصفحاته الأولى التي تبدأ بذكر مجالات التعاون الصيني العربي في الـ 2004 وصولا إلى صفحاته الأخيرة، والتي تم خلالها أيضا ذكر وتعداد مجالات العمل المشترك على مختلف الأصعدة سواء السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو حتى الفنية، يدرك تماما أن حجم التعاون في ازدياد. ففي الوقت الذي لم تتجاوز فيه النشاطات والتحركات في مجال التعاون الصيني العربي في العام 2004 عددا من التحركات السياسية، اتسعت مجالات النشاط في عام 2023 حتى شملت مجالات مختلفة، إذ ازدادت كما ونوعا. وهو ما يدل على ازدياد الانفتاح والتواصل بين الجانبين.
وفقا لما جاء في مقدمة الكتاب التي حررها البروفسر في جامعة شانغهاي للدراسات الدولية، والأمين العام لمجلس إدارة مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية "وانغ غوانغدا": "قد مضى عام ونيف على القمة الصينية العربية الأولى، وظل الجانبان الصيني والعربي يلتزمان بروح الصداقة الصينية العربية ويتقدمان نحو بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، ويعملان على تنفيذ ما طرحه الرئيس الصيني شي جين بينغ من "الأعمال الثمانية المشتركة" للتعاون العملي الصيني العربي وتعزيز بناء منتدى التعاون الصيني العربي، وقد حقق التعاون العملي بين الجانبين نتائج ملحوظة في المجالات كافة. في ظل البيئة الدولية المعقدة والمليئة بالتغيرات والاضطرابات، إن التعاون بين الصين والدول العربية يضخ المزيد من عوامل الاستقرار والطاقة الإيجابية في العالم. للأمتين الصينية والعربية الطموحات ذاتها، فلا شك أنهما سيتقدمان إلى الأمام يدا بيد، ويتجاوزان الصعوبات والمتاعب، ويتغلبان على التحديات كافة، ويحققان الازدهار المشترك ويخلقان عالما أجمل" .
تضمّن الكتاب تفصيلا لمختلف الندوات والمؤتمرات والمنتديات التي حصلت بين الجانبين الصيني ولعربي منذ 20 عام أي منذ زيارة الرئيس الصيني السابق"هو جينتاو" إلى مقر جامعة الدول العربية وطرح المبادئ الأربعة للتعاون الصيني العربي، والتي هي: أولا تقوية العلاقات السياسية على أساس الاحترام المتبادل. ثانيا: تكثيف التبادل الاقتصادي والتجاري بهدف تحقيق التنمية المشتركة. ثالثا: توسيع التواصل الثقافي بما يحقق الاستفادة لمتبادلة. رابعا: تعزيز التعاون في الشؤون الدولية بهدف صون السلام العالمي وتدعيم التنمية المشتركة.
كما تضمّن إحصاء للمنتديات الاقتصادية التي حصلت بين الصين والدول العربية، على سبيل المثال: منتدى التعاون الصيني العربي لرجال الأعمال في عمان في عام 2007. وكذلك الدورة الثالثة لمؤتمر رجال الأعمال والدورة الأولى لندوة الاستثمارات لمنتدى التعاون الصيني العربي في مقاطعة "تشجيانغ" في عام 2009، والتي أقيمت تحت شعار "مواجهة التحديات وتحقيق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك. الدورة السادسة لمؤتمر رجال الأعمال والدورة الرابعة لندوة الاستثمارات لمنتدى التعاون الصيني العربي في العاصمة اللبنانية بيروت، بمشاركة أكثر من 500 رجل الأعمال من الصين و15 دولة عربية. أما في عام 2018 وتحت شعار "فرص الاستثمار في إطار الحزام والطريق" فقد عقدت الدورة السادسة لمؤتمر التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة بالقاهرة. وكذلك في العام ذاته عُقدت في المغرب الدورة الثانية لملتقى المدن الصينية العربية في "مراكش"، تحت شعار "بناء مجتمع الحزام والطريق: دور المدن الصينية والعربية".
وحتى على الصعيد الثقافي تم ذكر عدد من الفعاليات المشتركة بين الجانبين، في عام 2019 عقدت الدورة الرابعة لملتقى التعاون الصيني العربي في مجال الاذاعة والتلفزيون في بمقاطعة "تشجيانغ". وفي العام ذاته عقدت الدورة الثامنة لندوة العلاقة الصينية العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية في الرباط. في عام 2020، عقدت الدورة الرابعة من ندوة التعاون الصيني العربي في مجال الاعلام عبر الإنترنت، تحت شعار "مسؤولية وسائل الإعلام في تعزيز التنمية المشتركة للصين والدول العربية في ظل جائحة كورونا". وحتى في مجال الصحة في عام 2019 أُقيمت الدورة الثانية لمنتدى التعاون الصيني العربي في مجال الصحة في بكين، تحت شعار "تعميق التعاون الصيني العربي في مجال الصحة والتعاون في بناء طريق الحرير في مجال الصحة"، وشارك فيه حوالي 180 شخص، من بينهم ممثلو الدول العربية والسفراء العرب لدى الصين والمنظمات الدولي.
وصولا إلى العام الماضي والذي أيضا تضمن مجموعة من النشاطات منها اجتماع كبار المسؤولين لمنتدى التعاون العربي الصيني في مدينة "تشنغدو". وعقد الدورة العاشرة لمؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب والدورة الثامنة لندوة الاستثمارات لمنتدى التعاون الصيني العربي العاصمة السعودية "الرياض". والإعلان عن الدورة السابعة لمؤتمر التعاون الصيني العربي في مجال الطاقة في مقاطعة "هاينان"، تحت شعار "إطلاق عصر ذهبي للتعاون العربي الصيني في مجال الطاقة والالتزام بمعايير الجودة والاستدامة. وفي يوم 26 سبتمبر، أقيمت الدورة الرابعة للمنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية في شانغهاي، تحت شعار "تنفيذ نتائج القمة الصينية العربية الأولى والعمل على إقامة المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد".
يُذكر أن منتدى التعاون الصيني العربي ينعقد في نهاية الشهر الجاري في بكين، وسيتضمن نقاشا معمقا لآليات التعاون الصيني العربي، مع تطلعات وآفاق جديدة لاستشراف مستقبل العلاقة. كما سيتم التركيز على صياغة خطة تنمية شاملة للعلاقات الصينية العربية.