سيعقد المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي في بكين يوم 30 مايو الجاري بناء على اتفاق الصين والدول العربية. وسيحضر الرئيس شي جين بينغ حفل افتتاح المؤتمر ويلقي كلمة رئيسية. كما يعد هذا الاجتماع أول اجتماع وزاري يعقده منتدى التعاون الصيني العربي بعد القمة الصينية العربية الأولى، وهو ذو أهمية كبيرة لربط الماضي بالمستقبل.
إن الصين والدول العربية صديقان حميمان، وأخوة جيدان، وشركاء جيدون، وتمر العلاقات الصينية ـ العربية حاليا بأفضل فتراتها في التاريخ. ففي ديسمبر 2022، حضر الرئيس شي جين بينغ والقادة العرب معًا القمة الصينية العربية الأولى، ووضعوا مخططًا شاملاً لتنمية العلاقات الصينية ـ العربية، واتفقوا على بذل كل جهد لبناء مجتمع مصير مشترك صيني ـ عربي في العصر الجديد. وخلال أكثر من عام، تم تعميق الثقة السياسية المتبادلة بين الصين والدول العربية بشكل مستمر، وأصبح التعاون العملي نشطا، والتبادلات الشعبية والثقافية غنية وملونة، وحقق التعاون في مختلف المجالات نتائج مثمرة. وسيدفع المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني ـ العربي الجانبين إلى زيادة تعميق التعاون في مختلف المجالات وتحقيق منفعة أفضل للشعبين الصيني والعربي.
يعد الدعم المتبادل سمة مميزة للصداقة بين الصين والدول العربية، ويثق الجانبان ببعضهما البعض، وقد أقاما علاقة أخوية، كما يدعم الجانبان بعضهما البعض بقوة في القضايا التي تتعلق بالمصالح الأساسية لكل منهما. ومن أجل تحقيق حلم النهضة الوطنية، يعمل الجانبان معا في تضامن وتقدم. وتلتزم الدول العربية بمبدأ صين واحدة وتدرجه في قرار مجلس القمة العربية. وقد اعتمد مجلس وزراء خارجية جامعة الدول العربية على وجه التحديد قرارات الصداقة المتعلقة بالصين لمدة 44 مرة متتالية. وتدعم الصين بقوة الدول العربية في تعزيز الاستقلال الاستراتيجي والوحدة وتطوير الذات، وتدعمها في اتخاذ مسار التنمية الذي يتماشى مع ظروفها الوطنية وفي جهودها للحفاظ على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. كما سهلت الصين استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، مما أدى إلى موجة من "المصالحة" في الشرق الأوسط. ومنذ اندلاع جولة جديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حافظت الصين والدول العربية على اتصالات وتنسيق وثيقين لحماية الإنصاف والعدالة. وإن الشراكة الاستراتيجية بين الصين والدول العربية للتعاون الشامل والتنمية المشتركة والتوجه المستقبلي غير قابلة للكسر.
إن المساواة والمنفعة المتبادلة هي القوة الدافعة التي لا تنضب للصداقة الصينية ـ العربية. كما أن الصين والدول العربية تتمتعان بمنفعة متبادلة ومربحة للجانبين، مما يشكل نموذجا للتعاون بين بلدان الجنوب. وتعد الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية لسنوات عديدة متتالية، حيث ارتفع حجم التجارة الصينية العربية من 36.7 مليار دولار أمريكي في عام 2004 إلى 398 مليار دولار أمريكي في عام 2023. ووقعت الصين وثائق تعاون بشأن مبادرة "الحزام والطريق" مع جميع الدول العربية الـ22 والجامعة العربية، ونفذ الجانبان أكثر من 200 مشروع تعاون واسع النطاق في إطار البناء المشترك لـ "الحزام والطريق"، وقد استفاد من نتائج التعاون ما يقرب من ملياري شخص في الجانبين. وتعمل الصين مع الجانب العربي على تعزيز "الإجراءات المشتركة الرئيسية الثمانية" للتعاون العملي الصيني ـ العربي التي اقترحها الرئيس شي جين بينغ في القمة الصينية العربية الأولى، والتي تغطي دعم التنمية والأمن الغذائي والصحة والابتكار الأخضر وأمن الطاقة، والحوار بين الحضارات وتنمية الشباب والأمن والاستقرار وغيرها من المجالات العديدة، والعمل باستمرار على إثراء وتحسين الركائز الأساسية للتعاون البراجماتي الصيني ـ العربي.
وإن الإدماج والتعلم المتبادل هما قيمتان للصداقة الصينية العربية. كما أن الحضارتين الصينية والعربية تقدران بعضهما البعض وتكتبان قصة تاريخية للتعلم المتبادل. ويواصل الجانبان توسيع التبادلات بين الأفراد، وتعميق التعاون الشعبي والثقافي، وتنفيذ تبادل الخبرات في حوكمة الدولة. كما يدعو الجانبان إلى الحوار والتبادلات بين الحضارات، والحفاظ على تنوع حضارات العالم، والتخلي عن التمييز والتحيز ضد حضارات معينة، ومعارضة "نظرية صراع الحضارات". ولقد نص إعلان الرياض الصادر عن قمة الصين والدول العربية الأولى بوضوح على "تعزيز القيم المشتركة للبشرية جمعاء المتمثلة في السلام والتنمية والإنصاف والعدالة والديمقراطية والحرية". وخلال "منتدى ليانغتشو" الأول، أصبحت جامعة الدول العربية أول منظمة إقليمية في العالم تصدر بيانا مشتركا مع الصين حول تنفيذ مبادرات الحضارة العالمية. وقال مواطنون من الدول العربية إن تعزيز التبادلات الحضارية بين الدول العربية والصين قدم مرجعا جيدا للبشرية لتحقيق التنمية المشتركة.
يصادف هذا العام الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني ـ العربي. وعلى مدار العشرين عامًا الماضية، وبتوجيه من دبلوماسية رؤساء الدول، التزم المنتدى دائمًا بهدف "تعزيز الحوار والتعاون ودفع السلام والتنمية"، وأصبح "علامة ذهبية" لتعزيز الحوار الجماعي والتعاون العملي بين الصين والدول العربية، وقد قدم مساهمات مهمة في تنمية العلاقات الصينية ـ العربية وضرب مثالا ناجحا للتعاون بين بلدان الجنوب. وتستعد الصين لاغتنام فرصة المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني ـ العربي، والعمل مع الدول العربية لمواصلة المضي قدما بروح الصداقة الصينية ـ العربية المتمثلة في المساعدة المتبادلة والمساواة والمنفعة المتبادلة والشمول والتعلم المتبادل، وبناء مجتمع مصير مشترك صيني-عربي على مستوى أعلى، والإسهام في بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية.