يصادف هذا العام الذكرى العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني ـ العربي. وقد شهدت الصين والدول العربية في السنوات الأخيرة، تعميقا بشكل مستمر في الثقة السياسية المتبادلة، وأصبح التعاون العملي نشطاً، والتبادلات الشعبية والثقافية غنية وملونة، وحقق التعاون في مختلف المجالات نتائج مثمرة. ومن خلال اغتنام فرصة المؤتمر الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني ـ العربي، ستواصل الصين والدول العربية المضي قدما بروح الصداقة الصينية العربية، وستواصلان إثراء وتعميق نمط التعاون الصيني ـ العربي الشامل والمتعدد المستويات وواسع النطاق، وجمع القوة لبناء مجتمع صيني ـ عربي ذي مصير مشترك رفيع المستوى.
وأقامت الصين شراكات استراتيجية شاملة أو شراكات استراتيجية مع 14 دولة عربية والجامعة العربية. وتعد الجامعة العربية أول منظمة إقليمية تصدر بشكل مشترك مبادرة تعاون في مجال أمن البيانات مع الصين، وأول من أصدر بيانًا مشتركًا حول مبادرة تنفيذ الحضارة العالمية، وأول من وقع على وثيقة تعاون بشأن بناء تحالف مراكز الفكر. وفي إطار منتدى التعاون الصيني ـ العربي، تم إنشاء 19 آلية تغطي مختلف المجالات، وتم إصدار إجمالي 85 وثيقة ختامية من مختلف الأنواع، لتصبح نقطة انطلاق فعالة لتعزيز التعاون العملي بين الصين والدول العربية. ويرى جمال رشدي المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية، أن تنمية الصين هي نمو القوى السلمية والتقدمية، و"الصين صديق وشريك جدير بالثقة للدول العربية".
لقد دعمت الصين والدول العربية دائما بعضهما البعض بقوة في القضايا المتعلقة بالمصالح الأساسية والشواغل الرئيسية لكل منهما. وتلتزم الدول العربية بشدة بمبدأ صين واحدة وتدعم الصين في حماية سيادتها وسلامة أراضيها. وفي 16 مايو الجاري، التزمت الدول العربية في الاجتماع الثالث والثلاثين لمجلس القمة العربية بمبدأ صين واحدة وتدوينه في قرار اجتماع المجلس.
وتدعم الصين بقوة الدول العربية في تعزيز الاستقلال الاستراتيجي والوحدة والقوة الذاتية، وفي اتخاذ مسار التنمية الذي يتماشى مع ظروفها الوطنية، وفي جهودها للحفاظ على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط. كما سهلت الصين استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، مما أدى إلى "موجة من المصالحة" في الشرق الأوسط. وتدعم الصين بقوة القضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، وتلتزم دائما بالتوصل إلى حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية. وقال الأمين العام لجامعة الدولة العربية أحمد أبو الغيط: "إننا نقدر بشدة تمسك الصين بالعدالة في القضية الفلسطينية ومساهماتها المهمة في وقف إطلاق النار والعنف وتهدئة الوضع وحماية المدنيين."
يعد البناء المشترك لـ "الحزام والطريق" منصة مهمة للتعاون الصيني ـ العربي. وقد وقعت الصين وثائق تعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق" مع جميع الدول العربية الـ22 وجامعة الدول العربية. وظلت الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية منذ سنوات، وارتفع حجم التجارة الصينية العربية من 36.7 مليار دولار أمريكي في عام 2004 إلى 398 مليار دولار أمريكي في عام 2023، وتجاوز حجم الاستثمار المباشر الصيني العربي 30 مليار دولار أمريكي. وقال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، إن التبادلات التجارية الوثيقة بشكل متزايد بين الدول العربية والصين ترسم مستقبلا مشرقا للتعاون الثنائي.
ومن البرج الشاهق لمشروع المنطقة التجارية المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر إلى مصفاة ينبع الصينية السعودية التي تغطي مساحة تبلغ حوالي 5.2 مليون متر مربع على الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية، ومن مساعدة الكويت على بناء أول شبكة 5G تجارية في الشرق الأوسط تغطي البلاد بأكملها، إلى استكمال الطريق السريع بين الشرق والغرب الذي يبلغ طوله 1216 كيلومترًا في الجزائر، نفذت الصين والدول العربية أكثر من 200 مشروع واسع النطاق في إطار البناء المشترك لـ "الحزام والطريق"، وقد استفاد من نتائج التعاون ما يقرب من 2 مليار شخص على الجانبين، مما ضخ زخما جديدا في الدول العربية لتعزيز تحقيق رؤاهم التنموية. قال الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية دولة الكويت خالد مهدي، إن البناء المشترك لـ«الحزام والطريق» حقق نتائج تنموية واضحة للجميع.
لقد خلق التعاون في مجال الابتكار الأخضر مناخًا جديدًا للبناء المشترك عالي الجودة لـ "الحزام والطريق" بين الصين والدول العربية. وتم تشغيل مشروع طويل لتحلية المياه في أبو ظبي، الإمارات العربية المتحدة، للتشغيل التجاري، والانتهاء من أعمال التركيب للوحدة الأولى لمشروع طاقة الرياح بقدرة 500 ميغاوات بخليج السويس بمصر، كما تم إنشاء المركز الصيني ـ العربي الدولي لأبحاث الجفاف والتصحر وتدهور الأراضي، ويوفر التشغيل الفعال لنقل التكنولوجيا الصينية العربية والطاقة النظيفة والقمر الصناعي بيدو وغيرها من المراكز دعما قويا لتعميق التعاون في مجال الابتكار الأخضر. وتعمل الصين والدول العربية معًا لتحقيق التنمية الخضراء وتعزيز التنمية المستدامة للطرفين بشكل فعال.
وفي السنوات الأخيرة، قامت الصين والدول العربية بتعاون غني ومتنوع في مجالات الشباب والدين والأحزاب السياسية والصحافة والتعليم والثقافة والصحة والإذاعة والسينما والتلفزيون. وقد قامت دول عربية مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتونس بدمج اللغة الصينية في أنظمتها التعليمية الوطنية، وهناك أكثر من 20 معهد كونفوشيوس في الدول العربية ومئات المدارس التي تقدم دورات اللغة الصينية. كما قام مشروع ترجمة ونشر الكلاسيكيات الصينية ـ العربية بترجمة ونشر ما يقرب من مائة من الكلاسيكيات الصينية والعربية والأعمال الأدبية الحديثة والمعاصرة. وقال نايف بن عبدالله العمادي مدير إدارة الشؤون العربية بوزارة الخارجية القطرية: "لقد عززت الدول العربية والصين التبادلات الثقافية وقدمتا مرجعا جيدا للبشرية لتحقيق التنمية المشتركة."