9 فبراير 2023/صحيفة الشعب اليومية أونلاين/ المحرّك المتجوّل بين الكواكب، الذي ينثر الضوء الأزرق، والكمبيوتر الكمومي الذي يعرف كل شيء، والمصعد الفضائي الذي ينطلق مباشرة نحو السماء... وردت هذه المشاهد في فيلم الخيال العلمي "الأرض المتجولة 2" الذي عرض خلال عطلة عيد الربيع نهاية شهر يناير، وشد إليه عددا كبيرا من المشاهدين.
خلال السنوات الأخيرة، أصبح الخيال العلمي موضوعا ساخنا في أعمال السينما والتلفزيون الصينية. ومن فيلم "الأرض المتجولة 2" وفيلم "رجل القمر"، إلى مسلسل "الأجسام الثلاثة"، أثارت مواضيع الخيال العلمي نقاشا واسعا متعدد الأوساط.
في عام 2020، أصدرت الإدارة الوطنية للسينما والجمعية الصينية للعلوم والتكنولوجيا توجيها تحت عنوان " آراء حول تطوير أفلام الخيال العلمي". اقترح زيادة الدعم والتوجيه للإبداع والإنتاج والتوزيع والعرض لأفلام الخيال العلمي، وتكنولوجيا المؤثرات الخاصة، وتدريب المواهب. لاحقا، أخذت الإدارة الوطنية للسينما والجمعية الصينية للعلوم والتكنولوجيا، زمام المبادرة في إنشاء المكتبة الاستشارية العلمية لأفلام الخيال العلمي، وقامت بتوظيف مجموعة من الأكاديميين والخبراء المعتمدين والعاملين العلميين والتكنولوجيين البارزين في مجالات الفضاء، وعلم الفلك والفيزياء للعمل كخبراء في مكتبة الاستشارات العلمية. وتقديم الاستشارات المهنية، والدعم الفني، والاختبارات العلمية وغيرها من الخدمات المتعلّقة بكتابة سيناريوهات أفلام الخيال العلمي وتصويرها.
أثناء تصوير وإخراج فيلم "الأرض المتجولة 2"، قدّم المخرج قوه فان، متطلبات عالية حول أصالة وسلامة النظرية والممارسة العلمية، واستعان بعدد من العلماء من الأكاديمية الصينية للعلوم كمستشارين علميين، لمساعدته على تحسين الرؤية العلمية التي يقدمها للعالم والمؤثرات السينمائية.
وانغ يوان تشو، الباحث في معهد تكنولوجيا الحوسبة التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، كان عضوا في الفريق الاستشاري العلمي لفيلم "الأرض المتجولة 2". وهو من قدّم أُسس المفهوم العلمي لولادة الذكاء الاصطناعي الفائق في الفيلم.
ويقول وانغ يوان تشو، إن أي عمل في الخيال العلمي، في مجال السينما أو الدراما التلفزيونية، يجب أن يكون متجذرا في الإدراك العلمي الحالي. وسواء تعلق الأمر بمعرفة مفهوم العلم والتكنولوجيا أو معرفة قوانين تطور الأشياء، فيجب أن يُقنع المخرج المشاهدين بأن السيناريو ممكن الحدوث.
في ذات الصدد، يقول ليانغ لي، المخرج العام للمسلسل التلفزيوني "الأجسام الثلاثة"، أن فريق الإخراج قد أمضى ما يزيد عن ثلاثة أشهر في إجراء مقابلات مع العلماء في مختلف المجالات مثل علم الفلك الراديوي والفيزياء الفلكية وتكنولوجيا النانو وتصادم الجسيمات. ويعتقد بعض النقاد أن الآراء المهنية للعلماء، قد أضافت أجنحة علمية إلى أفلام الخيال العلمي والدراما التلفزيونية الصينية، مما جعل هذه الأعمال تبدو أكثر منطقية.
قبل ذلك، كانت أفلام الخيال العلمي الصينية ذات سيناريو بسيط وضعيفة التكلفة. وبعد عرض فيلم "الأرض المتجولة 2"، قال المخرج قوه فان، إنه بات يتمتع بثقة أكبر في تصوير أفلام عالية المستوى. وتأتي هذه الثقة من ناحية، من تطور تكنولوجيا الفضاء الصينية خلال السنوات الأخيرة. ومن ناحية أخرى، تعود إلى التحسن الكبير في مستوى الإنتاج والصناعة السينمائية وتطبيق التقنيات الحديثة، التي جلبت فرصا جديدة للإبداع السينمائي والتلفزي. وقال قوه فان، بأنه قد لجأ إلى التعلّم من الفرق الأجنبية لصناعة بعض الأكسسوارات الخاصة، أثناء إخراجه لفيلم "الأرض المتجولة 1". أما في فيلم "الأرض المتجوّلة 2"، فإن أكثر من 95٪ من الأكسسوارات، على غرار المركبات ودروع الهياكل الخارجية، قام بإنتاجها داخل الصين. مشيرا، إلى أن هذا التقدّم الذي أحرزه فريقه يعتمد بالأساس على تقدّم التكنولوجيا الصينية.
لكن أفلام الخيال العلمي ليست أفلاما وثائقية في النهاية، وحبكتها تخدم القصة والسيناريو في آخر المطاف. رغم ذلك، يقول قوه فان إن فيلم "الأرض المتجولة 2 " يأمل في نقل رغبة الشعب الصيني ومثابرته من أجل الوحدة. حيث ينقل الفيلم قيم الشعب الصيني في إطار حبكة علمية، تستند إلى الثقافة الصينية والتقنيات الحديثة، خالقا تعبيرا فنّيا على الطريقة الصينية. وهكذا يجب أن تكون سينما الخيال العلمي الصينية، يقول قوه فان.
ويرى الخبراء أن أفلام الخيال العلمي في الصين لا تزال في بدايتها، كما أنها لم تتطوّر بنطاق كاف. لكن مع زيادة القوة الوطنية الشاملة، وتطور العلوم والتكنولوجيا، وازدهار سوق الأفلام، هناك ما يجعلنا نعتقد بأن أعمال الخيال العلمي في الصين سوف تستقبل ربيعها قريبا.