رام الله 2 فبراير 2023 (شينخوا) شهد مقر الرئاسة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية منتصف الأسبوع الجاري لقاءات عربية وأمريكية في محاولة لخفض التصعيد الميداني بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وأجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس أول أمس (الثلاثاء) مباحثات غير معلن عنها مسبقا مع رئيسي جهاز المخابرات العامة المصرية عباس كامل والأردنية أحمد حسني استمرت نحو ساعتين.
وأكد عباس كامل وأحمد حسني بحسب ما نشرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) دعم بلادهما مصر والأردن لعباس وفلسطين والحرص على الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي الصدد قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن القيادة الفلسطينية " لا تعتبر أي طرف عربي وسيط وإنما مكمل وداعم للجهد والموقف الفلسطيني".
واعتبر مجدلاني وهو وزير الشؤون الاجتماعية في الحكومة الفلسطينية أن إجراءات الحكومة الإسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو أحادية الجانب المتمثلة بالتوسع الاستيطاني وهدم المنازل ومصادرة الأراضي واقتحامات المسجد الأقصى وتغيير الوضع القانوني فيه وخصم أموال الضرائب "تدفع بإتجاه توتير الأجواء وتصاعد التوتر".
وأضاف مجدلاني أن حكومة نتنياهو التي تضم أحزاب يمينية متشددة "تتحمل وحدها المسؤولية الكاملة عن التداعيات التي تنجم عن مواقفها وإجراءاتها المتصاعدة بحق الشعب الفلسطيني وقضيته".
وفي أعقاب زيارة المسؤولين المصري والأردني بساعات التقى الرئيس عباس وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في ختام جولة شرق أوسطية قصيرة له للمنطقة شملت مصر وإسرائيل.
وقال عباس للصحفيين عقب اللقاء إن ما يحدث اليوم تتحمل مسؤوليته الحكومة الإسرائيلية بسبب ممارساتها التي تقوض حل الدولتين وتخالف الاتفاقيات الموقعة.
بدوره أكد بلينكن ضرورة "أخذ خطوات سريعة لتخفيف حدة العنف وخلق مساحة تسمح لنا باستعادة الشعور بأمن الجانبين".
وأفادت الإذاعة العبرية العامة بأن بلينكن ترك مساعدته لشؤون الشرق الأدني باربرا ليف والمبعوث الخاص للشؤون الفلسطينية هادي عمرو في المنطقة لمحاولة العمل على تهدئة الأوضاع ووقف التصعيد والتأكد من أن الأطراف جميعها تضع الأسس لإحراز تقدم في حل الدولتين.
وفي السياق قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير رمزي رباح إن زيارة بلينكن للمنطقة جاءت بهدف "الضغط لعودة التهدئة والتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بعد قرار وقفه ردا على الممارسات الإسرائيلية".
وذكر رباح لـ ((شينخوا)) أن الجانب الأمريكي قدم للقيادة الفلسطينية "قضايا شكلية خالية من وعود حقيقة وجدية لوقف إجراءات إسرائيل أحادية الجانب"، مشيرا إلى أن القيادة ستعقد اجتماعا لها يوم غد (الجمعة) لبحث المساعي العربية والأمريكية.
وأضاف رباح أن القيادة الفلسطينية مطالبها واضحة ومحددة تتمثل بوقف الاستيطان والاعتداء على المقدسات في القدس ووقف عمليات الهدم واستباحة المدن الفلسطينية والاعتقال والإعدامات الميدانية خاصة في المناطق المصنفة (أ) و (ب) الخاضعتين للسيطرة الأمنية الفلسطينية حسب الاتفاقيات الموقعة.
وأشار إلى أن الجانب الأمريكي أبقى لجنة للعمل من أجل تهدئة الأمور الميدانية ولكنها تحاول "جر الموقف الفلسطينيين إلى قضايا لتحسين الظروف الحياتية تتمثل بالجيل الرابع من الاتصالات (4 جي) وإعادة جزء من أموال الضرائب التي تقتطعها إسرائيل وصرف مساعدات مالية للأونروا بقيمة 50 مليون دولار".
وانتقد رباح الموقف الأمريكي الذي لم يقدم "وعود جدية حقيقية للجانب الفلسطيني واكتفى بالطلب منه ضبط الحالة في مدينتي نابلس وجنين شمال الضفة الغربية"، معتبرا أن الموقف الأمريكي "للاستهلاك وحماية إسرائيل".
وجاءت اللقاءات في ظل توتر ميداني تسبب في مقتل 35 فلسطينيا برصاص إسرائيلي في يناير الماضي بالضفة الغربية والقدس الشرقية بينهم سيدة مسنة و8 أطفال، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية التي وصفته بالشهر الأكثر "دموية" منذ عام 2015.
في المقابل قتل 7 أشخاص في عملية إطلاق نار نفذها فلسطيني خارج كنيس يهودي في حي "نيفي يعقوب" في القدس، وعلى إثر ذلك قررت الحكومة الإسرائيلية حرمان عائلات منفذي العمليات من التأمين الوطني، ورفض منح بطاقات الهوية لعائلات المنفذين الداعمين "للإرهاب"، وتوسيع نطاق تراخيص الأسلحة النارية.
ودفع تصاعد الأحداث لإعلان القيادة الفلسطينية (الخميس) الماضي عقب اجتماع طارئ لها في مدينة رام الله برئاسة الرئيس عباس، أن التنسيق الأمني مع إسرائيل "لم يعد قائما" والتوجه للمؤسسات الدولية وذلك ردا على "الجرائم" المرتكبة بحق الفلسطينيين.
واعتبر نائب رئيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) محمود العالول في تصريحات لـ ((شينخوا)) أن إجراءات القيادة الفلسطينية تجاه إسرائيل "أدت إلى حراك دبلوماسي عالمي واسع".
وقال العالول إن الحراك الدبلوماسي العربي والأمريكي وأطراف أخرى ينشط في اتجاهين الأول الضغط لوقف "إجراءات الخطوات الأحادية لمنع التصعيد، والثاني محاولة التدخل والبحث عن حلول وسط".
وأضاف العالول أن الموقف الفلسطيني "ثابت وواضح بأنه لن يتم الصمت أكثر على استمرار الإجراءات والانتهاكات الإسرائيلية بكافة أشكالها بحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس ما يتطلب تدخلا دوليا فاعلا".
ويتطلع الفلسطينيون إلى نهج مغاير من المجتمع الدولي نحو إيجاد حل جدي وسريع في التعامل مع ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بعد سنوات من التهميش صاحب ذلك رفض الحكومات الإسرائيلية الجلوس على طاولة المفاوضات لإحياء عملية السلام.
ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في العام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.
بموازة ذلك أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تلقي رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية دعوة مصرية لزيارة القاهرة الأسبوع المقبل للقاء المسؤولين المصريين لبحث كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك.
وقال المتحدث باسم الحركة حازم قاسم في بيان إن وفد حماس سيضع المسؤولين المصريين في صورة "العدوان الإسرائيلي المستمر على المقدسات في القدس خاصة المسجد الأقصى وعمليات القتل في الضفة الغربية"، مؤكدا أن حماس معنية دائما بإنجاح الجهد المصري فيما يخص القضية الفلسطينية.
وجاء تلقي حماس دعوتها بعد ساعات من إعلان حركة الجهاد الإسلامي الليلة الماضية تلقيها دعوة مماثلة لعقد اجتماع هام مع المسؤولين المصريين في القاهرة.
وقال القيادي في الجهاد داود شهاب للصحفيين في غزة إن الأمين العام للحركة زياد النخالة تلقى دعوة مصرية رسمية لعقد اجتماع هام مع المسؤولين المصريين لمناقشة التطورات الفلسطينية.
وشهد القطاع فجر اليوم غارات إسرائيلية على مواقع لحماس في القطاع بعد إطلاق قذيفة صاروخية على جنوب إسرائيل وهي المرة الثانية من القصف المتبادل في غضون أسبوع.