رام الله 15 يناير 2023 (شينخوا) يرى مراقبون فلسطينيون أن تصاعد ممارسات وإجراءات الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو ضد السلطة والشعب الفلسطيني تدفع بتفجير الأوضاع في الأراضي الفلسطينية.
وتوقع المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن العام الجاري سيشهد مزيدا من التصعيد الميداني خاصة في الضفة الغربية وشرق القدس في ظل قدوم حكومة إسرائيلية جديدة هي الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
وقتل 13 فلسطينيا منذ بداية العام الجاري بينهم 3 أطفال برصاص القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية وشرق القدس النسبة الأكبر منهم في مدينة جنين، بحسب إحصائيات رسمية صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية.
-- التصعيد الإسرائيلي ينذر بانفجار كبير
يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس في رام الله أحمد رفيق عوض إن التصعيد المتزايد منذ قدوم حكومة نتنياهو إلى سدة الحكم "ينذر بانفجار كبير للأوضاع الميدانية على الأرض" في الضفة الغربية والقدس وقد تمتد إلى مواجهة عسكرية مع قطاع غزة.
ويضيف عوض أن الممارسات الإسرائيلية اليومية بحق الفلسطينيين من خلال سياسة القتل وهدم المنازل ومصادرة الأراضي واقتحامات المسجد الأقصى تخلق "أجواء من التوتر وتزيد من فرص اندلاع انتفاضة جديدة يدفع ثمنها الإسرائيليون".
ويتابع أن حكومة نتنياهو "ترغب في تفكيك السلطة الفلسطينية وتدير ظهرها لمفاوضات عملية السلام وتستبدل ذلك بعمليات القتل، ولكنها لن تستطيع القفز عن الفلسطينيين وإسقاطهم عن طاولة المفاوضات".
ويشير عوض إلى أن القيادة الفلسطينية في "ذروة اشتباك سياسي ودبلوماسي في المحافل الدولية مع حكومة نتنياهو التي تحاول حسم الصراع من خلال ضم الضفة الغربية وتحويل الدولة الفلسطينية إلى معازل".
وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في نهاية مارس العام 2014، ويطالب الفلسطينيون بتحقيق دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل على كامل الأراضي الفلسطينية التي سيطرت عليها إسرائيل عام 1967 بما يشمل الضفة الغربية كاملة وقطاع غزة وأن تكون عاصمتها القدس الشرقية.
وإلى جانب التصعيد الميداني، أقر المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في إسرائيل (الكابنيت) في السادس من يناير الجاري إجراءات عقابية ضد السلطة الفلسطينية على خلفية توجهها لمحكمة العدل الدولية في لاهاي من بينها اقتطاع مبلغ 39.6 مليون دولار أمريكي من أموال الضرائب الفلسطينية.
كما شملت، بحسب بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تجميد تصاريح البناء في منطقة (ج) الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة في الضفة الغربية، وسحب التسهيلات الممنوحة للشخصيات الفلسطينية (في أي بي).
وطالت عملية سحب التسهيلات وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، بالإضافة لإلغاء تصاريح دخول ثلاثة من قيادات حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) إلى إسرائيل وهم نائب رئيس الحركة محمود العالول وعضو لجنتها المركزية عزام الأحمد ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح عقب زيارتهم الفلسطيني كريم يونس في بلدة عارة لتهنئته بالإفراج عنه بعد اعتقاله 40 عاما في السجون الإسرائيلية.
وصاحب ذلك دخول وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير في الثالث من يناير الجاري المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة تحت حماية مشددة من قوات الشرطة الإسرائيلية لدقائق معدودة، الأمر الذي قوبل بتنديد فلسطيني رسمي وشعبي.
وانتقدت الرئاسة الفلسطينية في بيان صحفي على لسان الناطق باسمها نبيل أبو ردينة قبل يومين ما وصفته بـ"ضبابية" موقف الولايات المتحدة الأمريكية من "التطرف" الإسرائيلي، مهددة بـ "رد فعل فلسطيني مختلف".
وقال أبو ردينة إن "حالة التوتر مع الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة الساعية للاستيطان والضم خلقت جوا من عدم الاستقرار، ووضعا محفوفا بالمخاطر، سيكون لها تداعيات خطيرة".
بدوره اعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في مستهل اجتماع حكومته في رام الله الأسبوع الماضي أن إجراء الحكومة الإسرائيلية بخصم أموال جديدة هدفه "تقويض السلطة الفلسطينية ودفعها لحافة الهاوية".
وقال اشتية إن إجراءات الحكومة الإسرائيلية المتعلقة بخصومات مالية جديدة ما هي إلا إجراء هدفه "تقويض السلطة ودفعها لحافة الهاوية ماليا ومؤسساتيا مما قد يحد من أداء عملها في خدمة الفلسطينيين ولكنهم سيفشلون".
-- تردد الموقف الأمريكي والدولي
يقول مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية هاني المصري إن الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي "يتخوفون أن حكومة نتنياهو إذا صارت كما هو متوقع في تطبيق برنامجها سيدفع الأمور للانفجار الكبير مما سيؤثر على الأمن والاستقرار في المنطقة".
ويضيف المصري أن حكومة نتنياهو تطرح برنامجا "متطرفا يهدف إلى الضم والتهجير والتهويد ومصادرة الأراضي واستيطانها وتعميق الفصل العنصري والعدوان العسكري والمساس بالمقدسات، خاصة تغيير مكانة المسجد الأقصى".
ويتابع أن الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي يحاولون "محاصرة تأثير الحكومة الإسرائيلية والحد من تطرفها لمنع تفاقم الأمور والحفاظ على الوضع الراهن، لكنها لن تصل الأمور إلى حد الصدام وفرض العقوبات عليها".
ويرى المصري أن "رد الفعل الفلسطيني القوي هو الخطوة الوحيدة القادرة على لجم الحكومة الإسرائيلية ويستدعي تدخلات دولية وأمريكية أكبر، ولكن إذا استمرت ردود الفعل الفلسطينية نمطية فسيدفع الشعب الفلسطيني الثمن".
وفاز نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتشدد بـ 64 مقعدا في الانتخابات التي أجريت في الأول من نوفمبر الماضي، وأدت حكومته الجديدة اليمين الدستورية في 29 ديسمبر الماضي لتكون أكثر حكومة يمينية في تاريخ إسرائيل.
وقال نتنياهو قبل يوم من تكليفه إن "للشعب اليهودي حق حصري لا جدال فيه في جميع مناطق أرض إسرائيل"، مشيرا إلى أن حكومته ستعمل على "تعزيز وتطوير الاستيطان في جميع أنحاء أرض إسرائيل في الجليل والنقب والجولان والضفة الغربية".
-- استنهاض الموقف الفلسطيني داخليا وخارجيا
ويقول المحلل السياسي أشرف العجرمي من رام الله إن الرد الفلسطيني على حكومة نتنياهو يجب أن يركز على استنهاض الساحة الداخلية والاتفاق على خطوات توحيدية تبدأ بتشكيل حكومة وحدة وطنية، وخطة وطنية لمواجهة ممارسات هذه الحكومة لحقوق الشعب الفلسطيني.
ويؤكد العجرمي ضرورة تفعيل وتطوير التضامن العربي مع القضية الفلسطينية، وإحياء التنسيق والتعاون الإستراتيجي مع الدول العربية المركزية واستنهاض دور جامعة الدول العربية كإطار مهم في الساحة الدولية للضغط على عواصم صنع القرار في العالم.
ويشدد العجرمي على أهمية العمل على الساحة الدولية مع الحكومات والبرلمانات والدول المؤثرة في جميع القارات والاستفادة من حجم التأييد الدولي للقضية الفلسطينية وتنشيط السفارات والجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية في مختلف أرجاء العالم.